الملك عبدالله يصر على رفض التهجير قمة القاهرة.. تأييد من حماس ورفض اسرائيلي وأمريكي لمخرجاتها

مارس 7, 2025 - 15:23
الملك عبدالله يصر على رفض التهجير قمة القاهرة.. تأييد من حماس ورفض اسرائيلي وأمريكي لمخرجاتها

كريستين حنا نصر

  في نفس الوقت الذي كانت فيه طائرة جلالة الملك عبد الله الثاني بن الحسين رعاه الله تهبط في مطار القاهرة لحضور القمة العربية المنعقدة بتاريخ 4 مارس 2025م ، والموافق 4 رمضان 1446 هجرية، وصلت مطار ماركا العسكري في المملكة الأردنية الهاشمية طائرتان قادمتان من قطاع غزة، تنقلان أطفالاً مرضى بالسرطان وآخرين مصابين جراء حرب غزة، وذلك تنفيذاً مباشراً لتوجيهات ملكية سامية كان قد وعد بها وأوفى جلالته بالتكفل بعلاجهم، وقد أعلن عن ذلك جلالته خلال اجتماعه في البيت الابيض مع الرئيس الأمريكي دونالد ترامب .

 وفي هذا الاجتماع التاريخي الطارىء للجامعة العربية غير العادي والمنعقد في القاهرة لنصرة الفلسطينيين، تمّ الاعلان عن مضمون الخطة العربية لإعمار غزة، حيث لأول مرة كان الرئيس السوري أحمد الشرع حاضراً لأعمال القمة، وذلك بعد سقوط وهروب بشار الأسد، وبوجود علم جديد للاستقلال السوري مستبدلاً بذلك علم نظام البعث السوري السابق.

وهنا أريد أولاً أن أبين وبشكل بارز ما صرح به جلالة الملك عبد الله الثاني بن الحسين في خطابه أمام القادة في القمة العربية، بما في ذلك الإشارة إلى الأفكار والمضامين الأساسية التي ذكرها جلالته في لقائه مع الرئيس ترامب في البيت الابيض، وهي رفض جلالته التام لتهجير الفلسطينيين من غزة والقطاع، وضرورة إعادة إعمار غزة ضمن جدول زمني محدد، كذلك إعداد تصور واضح وقابل للتنفيذ بخصوص إدارة قطاع غزة وربطها بالضفة الغربية، وهنا يؤكد جلالة الملك في كلمته وتحديداً في شهر رمضان الكريم على ضرورة وقف التصعيد في الضفة الغربية، وأن الحل الوحيد هو المتمثل في حل الدولتين الذي يضمن إقامة الدولة الفلسطينية وعاصمتها القدس الشرقية على حدود عام 1967م ، مبيناً جلالته أن منع إسرائيل دخول المساعدات الإنسانية إلى غزة هو إجراء مخالف للقانون الدولي، مؤكداً أن قرار المملكة الأردنية الهاشمية هو الاستمرار في تقديم وإرسال الدعم لغزة وشعبها، إلى جانب الموقف الأردني الثابت في دعم القضية الفلسطينية خاصة ما يتعلق بالرعاية والوصاية الهاشمية على المقدسات الإسلامية والمسيحية في القدس.

إن مخرجات القمة العربية المنعقدة في مصر والمخصصة لمناقشة الشأن الفلسطيني، وفي دورة الجامعة العربية الطارئة غير العادية، جاءت مضامينها حول خطة عربية مفادها السعي نحو منع تهجير أهل غزة والشعب الفلسطيني خارج أراضيه، وتحديداً ما يتصل بأهل قطاع غزة لتكون المرحلة المقبلة لإعادة الإعمار ضمن خطة تكلفتها نحو 53 مليار دولار، والتي ستجري بالتزامن مع وجود السكان فيها حيث سيعيشون دون وجود حاجة لتهجيرهم، وقد رحبت حركة حماس بالخطة التي اعتمدتها القمة العربية في القاهرة، ضمن مطالب بتوفير مقومات كفيلة بنجاح هذه الخطة، انطلاقاً للتحضير لعقد مؤتمر دولي مستقبلي لمناقشة إعمار غزة وفق الخطة التي أعلنت عنها واعتمدتها قمة القاهرة، ومن مضامين الخطة أيضاً اجراء انتخابات فلسطينية، كذلك وجود مرحلة انتقالية لمدة 6 شهور يتم خلالها تشكيل لجنة إدارية تتكون من شخصيات فلسطينية مستقلة، وغير مكونة من فصائل مسلحة، وقد ثمنت حركة حماس موقف القادة العرب الرافض لمحاولات تهجير الشعب الفلسطيني، معتبرة أن هذه القمة دشنت لمرحلة متقدمة من الاصطفاف الواحد للدول العربية مع القضية الفلسطينية، كما ثمنت حماس الموقف العربي الموحد الرافض لتهجير الشعب الفلسطيني، إلى جانب تأكيد القمة على أن النكبة الفلسطينية لن تتكرر، وأعلنت تأييدها لقرار تشكيل لجنة الإسناد المجتمعي لاعادة إعمار غزة، مرحبة أيضاً بإجراء الانتخابات التشريعية والرئاسية في أسرع وقت ممكن.

ولقد أكدت مصر على أن القادة العرب المجتمعين في قمة القاهرة اعتمدوا الخطة المصرية، المتعلقة بإعمار غزة لتصبح هذه الخطة بمثابة خطة عربية، إلى جانب وجود اتفاق وتفاهم متين حول الأسماء المقترحة لإدارة قطاع غزة، مع وجوب أن تكون الشخصيات فلسطينية مستقلة، وذلك بالطبع في ظل وجود مناخ سياسي يشهد استدامة لحالة وقف اطلاق النار، وبالتالي ستكون غزة بيئة مواتية تسمح بتنفيذ خطة  إعادة إعمار غزة، وقادرة على تنفيذ مراحل أعمال البناء والانتهاء منه في غضون مدة خمس سنوات، وهذه الخطة المصرية قدمت في قمة القاهرة كخارطة طريق عربية وبديل لخطة الرئيس الأمريكي ترامب التي طرحها سابقاً، وبالتالي تعتبر خطة القاهرة بمثابة تجسيد للدولة الفلسطينية، وهذه الخطة هي الضمان الوحيد لعدم تكرار الحرب والعنف وتمكن من تجنب نكبة الفلسطينيين.

وفي الوقت نفسه، فإن الخارجية الإسرائيلية انتقدت البيان الجماعي الختامي للقمة العربية المتعلقة بالشأن الفلسطيني، فهي ترى أي إسرائيل أن القمة لم تُدن هجمات حماس في السابع من أكتوبر عام 2023، وأن هذه القمة اعتمدت على السلطة الفلسطينية التي اثبتت في العقود الماضية فسادها، إضافة  لفساد منظمة الأونروا أيضاً، مؤكدة إسرائيل أنه يجب على الدول المسؤولة في المنطقة التحرر من قيود الماضي والتعاون لأجل إيجاد مستقبل آمن ومستقر لمنطقة الشرق العربي، كما أكد الجانب الإسرائيلي أن على سكان غزة الانحياز لقرار وطرح الرئيس الأمريكي دونالد ترامب، وأن لهم وحدهم الأحقية في اتخاذ قرارهم الحر، مؤكدة أسرائيل أن على سكان غزة تبني فكرة الرئيس ترامب خاصة في ظل رفض الدول العربية مجتمعة للفرصة التي منحها ترامب لأهل غزة .

كذلك صرح البيت الأبيض أن خطة إعمار غزة التي نتجت عن مخرجات القمة العربية في القاهرة ، لا تعالج أوضاع قطاع غزة كما عالجتها فكرة ترامب، إذ لا يمكن لأهل غزة في الوقت الراهن العيش في غزة في ظل الدمار الكبير فيها بسبب الحرب المدمرة، خاصة في واقع الوضع غير الإنساني الذي يعيشه أهل غزة، وفي مكان يتراكم فيه الحطام وتنتشر فيه الذخائر والقنابل غير المتفجرة والخطرة.

بين هذا وذاك، وضمن كل هذه المقترحات بخصوص مصير أهل غزة والشعب الفلسطيني الذي عانى الكثير جراء الصراع بين إسرائيل وحركة حماس في غزة، اعتقد أنه حان الوقت لأن يعيش هذا الشعب حياة كريمة وعيشة آمنة محترمة، وأن يكون لأهل غزة جواز سفر فلسطيني لكي يتمكنوا من السفر مثل باقي سكان هذا العالم، ولا أعتقد أنه سيكون هناك ازدهار وأمان وسلام في الشرق العربي بدون حل عادل للقضيتين الفلسطينية والكردية، وبعد حل كافة هذه المشاكل العالقة يمكن أن يدخل الشرق العربي في مرحلة الازدهار والبناء والسلام.