ندوة بعنوان “مؤتمر نيويورك لحل الدولتين: فرص وتحديات”

معهد فلسطين لأبحاث الأمن القومي

أغسطس 13, 2025 - 12:59
ندوة بعنوان “مؤتمر نيويورك لحل الدولتين: فرص وتحديات”

مؤتمر نيويورك لحل الدولتين

معهد فلسطين لأبحاث الأمن القومي

 

نظم معهد فلسطين لأبحاث الأمن القومي ندوة حوارية يوم الثلاثاء الموافق 12 أغسطس تحت عنوان "مؤتمر نيويورك لحل الدولتين: فرص وتحديات"، وذلك في إطار جهوده البحثية والعلمية لمواكبة تطورات المشهد السياسي والمواقف الدولية تجاه القضية الفلسطينية. استضافت الندوة نخبة من الشخصيات البارزة، من بينهم الدكتور أحمد صبح، رئيس مجلس إدارة مؤسسة ياسر عرفات، وسعادة السفير عادل عطية، مدير إدارة الشؤون الأوروبية في وزارة الخارجية، والدكتور أمجد أبو العز، الباحث في إدارة الصراعات والنزاعات في الجامعة الأمريكية. افتتح اللواء حابس الشروف، مدير عام المعهد، الجلسة مرحبًا بالحضور ومؤكدًا على ضرورة استغلال الزخم الدولي المتزايد للاعتراف بالدولة الفلسطينية، مع التشديد على أهمية ترجمة المواقف الأوروبية إلى خطوات عملية. أدار الجلسة البروفيسور عوض سليمية، نائب مدير عام المعهد، بحضور نخبة من السياسيين والباحثين المهتمين، حيث تم تناول أبرز التحديات والفرص المتعلقة بمسار حل الدولتين في ظل التطورات الدولية الراهنة.

أكد الدكتور صبح على ضرورة توحيد الخطاب السياسي والأكاديمي عند تناول قضية الدولة الفلسطينية، مشيراً إلى أن إعلان الشهيد ياسر عرفات في المجلس الوطني الفلسطيني عام 1988 كان بمثابة إعلان قيام الدولة الفلسطينية. وأضاف أن المرحلة الحالية تستدعي العمل على تجسيد هذا الكيان في الواقع، خاصة بعد سلسلة الاعترافات الدولية التي بلغت 149 دولة، بالإضافة إلى التوقعات بزيادة الدعم خلال اجتماع الدورة الـ 81 للأمم المتحدة في نيويورك الشهر المقبل. وأوضح أن هذا الزخم الدولي جاء نتيجة للتضحيات الفلسطينية المستمرة منذ النكبة عام 1948، بما في ذلك ردا على الجرائم التي يرتكبها الاحتلال الإسرائيلي في الأراضي الفلسطينية، وخاصة في قطاع غزة. كما أشار إلى دور الدبلوماسية الفلسطينية النشطة بقيادة الرئيس محمود عباس، والتي تمكنت من تسليط الضوء على القضية الفلسطينية في المحافل الأوروبية والدولية، مستفيدة من الدعم العربي والإسلامي، خصوصاً من المملكة العربية السعودية، التي ساهمت في تعزيز الضغط الدولي لصالح الحق الفلسطيني.

واشار صبح الى اهمية انجاز ملف المصالحة الفلسطينية في هذا الظرف الدقيق بإعتباره ضرورة ملحة في ظل التحديات الراهنة التي تواجه القضية الوطنية، بدءاً من مخاطر التصفية والتهجير وصولاً إلى سياسات التطهير العرقي والمذابح التي تستهدف الهوية والوجود الفلسطيني. مشدداً على أهمية توحيد الصف الفلسطيني وتعزيز الشرعية الوطنية كخطوة أساسية للتصدي للمخططات الإسرائيلية التي تقودها حكومة اليمين المتطرف. مؤكداً ان الاصلاحات الجارية في مؤسسات السلطة الفلسطينية والتحضير للانتخابات في مؤسسات منظمة التحرير الفلسطينية الممثل الشرعي الوحيد للشعب الفلسطيني وخاصة المجلس الوطني الفلسطيني، ضرورة ملحة لتجديد الشرعيات الفلسطينية والتوجه لمخاطبة العالم بصوت وجسم تمثيلي واحد. وان هذه الاجراءات ليست مجرد مطلب داخلي فقط، بل هي ضرورة استراتيجية تفرضها الظروف الإقليمية والتحولات الدولية، خاصة مع تزايد الضغوط السياسية والاقتصادية من قبل حكومة اليمين المتطرف في اسرائيل والتي تسعى لتقويض الحقوق الفلسطينية. ومن هنا، يجب أن تتضافر الجهود لإجراء إصلاحات شاملة في المؤسسات الوطنية، بما في ذلك التحضير لانتخابات المجلس الوطني الفلسطيني، كجزء من عملية ديمقراطية تعكس تطلعات الشعب الفلسطيني. كما أن تعزيز الحضور الفلسطيني في المحافل الدولية من خلال برلمان يمثل كافة أطياف الشعب يعد خطوة مهمة نحو ترسيخ الوضع القانوني لفلسطين في الأمم المتحدة ومؤسساتها، مما يعزز الدعم الدولي للقضية ويضعها في موقع أكثر قوة لمواجهة التحديات المستقبلية.

 

من ناحيته، اشار السفير عطية إلى أن موجة الاعترافات الدولية بحقوق الشعب الفلسطيني تأتي كاستجابة طبيعية ورداً على الجرائم التي يرتكبها جيش الاحتلال الإسرائيلي في قطاع غزة، وان هذه الاعترافات جاءت نتيجة لجهود دبلوماسية مكثفة ومنسقة تقودها القيادة الفلسطينية بدعم من الدبلوماسيين الفلسطينيين وشبكة واسعة من الأصدقاء الدوليين. وأضاف أن المواقف الأوروبية تجاه القضية الفلسطينية شهدت تقلبات على مدار السنوات الماضية، وكانت تميل في كثير من الأحيان إلى تبني الرواية الإسرائيلية. لكن الجرائم الأخيرة التي ارتكبها الاحتلال الإسرائيلي، وما خلفته من مشاهد مأساوية، دفعت العديد من الحكومات الأوروبية إلى إعادة النظر في مواقفها، خاصة في ظل الضغوط الشعبية المتزايدة في الشارع الأوروبي. وأكد السفير أن هذا التحول في المواقف يعكس إدراكاً متزايداً لضرورة الوقوف إلى جانب الحقوق الوطنية الفلسطينية، بعيداً عن أي تواطؤ محتمل مع سياسات الاحتلال التي تُتهم بارتكاب جرائم إبادة جماعية.

وشدد السفير ان الخطاب الدبلوماسي الفلسطيني حول العالم يشدد ويدعو دائماً على وجوب وقف حرب الابادة الجماعية وإلزام اسرائيل بالانسحاب من قطاع غزة باعتبارها جزء لا يتجزأ من الارض الفلسطينية المحتلة عام 1967، ووجوب الاسناد الفوري الاغاثي والطبي والانساني لأهلنا في قطاع غزة. مضيفاً ان الدبلوماسية تعمل بفعالية لكشف الاهداف الحقيقة لحكومة اليمين المتطرف والتي تتذرع بالإفراج عن الاسرى الاسرائيليين كما يدعي، وان الهدف الاساسي هو سرقة الارض والاستيلاء عليها، تهجير الفلسطينيين وتصفية القضية الفلسطينية. وان الدبلوماسية الفلسطينية تنخرط في كل النقاشات والاجتماعات الدولية عبر العالم لشرح سياسات اسرائيل وفضح جرائمها بحق الشعب الفلسطيني امام شعوب العالم. مع التركيز على تعرية الرواية الاسرائيلية السائدة في اوروبا. مضيفا، ان معظم الشعوب الاوروبية وحكومات وبرلمانات هذه الدول باتت على قناعة ان اسرائيل دولة معتدية تحاول ان تعيش دور الضحية عبر العصور وهي في الاساس تمارس دور الجلاد والوحش.

مؤكدا ان الاعتراف بدولة فلسطين قولا وفعلاً يساعدنا في استكمال اجراءات مقاضاة اسرائيل ومحاسبتها في المحاكم الدولية الى جانب المحاكم المحلية داخل اوروبا. بالإضافة الى الدفع نحو قطع كل اشكال التعاون بين اوروبا واسرائيل بما فيها وقف تدفقات السلاح الذي تستخدمه اسرائيل في قتل ابناء شعبنا. ووجوب فرض نظام عقوبات شامل على اسرائيل باعتبارها دولة لا تلتزم بالقانون الدولي والقانون الدولي الانساني وتعادي منظومة القيم والاخلاق الانسانية السائدة في العالم. وهذا يدفع نحو تجميد عضويتها بالكامل في الامم المتحدة.

 

شهدت الدبلوماسية الرقمية تطورًا ملحوظًا في الآونة الأخيرة، حيث أصبحت الحراكات الشعبية العالمية، لا سيما في أوروبا، تؤثر بشكل مباشر على السياسات الدولية. وأشار الدكتور أمجد أبو العز إلى أن هذه الحراكات بدأت تحقق نتائج ملموسة، مع تصاعد الأصوات الأوروبية التي تطالب بمراجعة العلاقات التجارية والاقتصادية مع إسرائيل، بالإضافة إلى دعوات لحظر تصدير السلاح إليها وتحذيرات من إمكانية فرض المقاطعة والحصار. وأكد الدكتور أبو العز أن هذه التحولات لم تكن لتحدث لولا الزخم الشعبي الذي تجلى في المظاهرات والفعاليات الاحتجاجية مثل الطرق على الطناجر في شوارع أوروبا والعالم. كما أبرز دور القاعدة الجماهيرية للأحزاب الحاكمة التي ضغطت من خلال التجمعات والاحتجاجات الجماعية بضرورة الالتزام بالمواقف الأخلاقية والسياسية الداعمة لحقوق الشعب الفلسطيني، بما في ذلك حقه في تحقيق استقلاله الكامل. 

أكد أبو العز على أهمية الاستفادة من التطور الرقمي المتسارع لإنشاء منصات إلكترونية فعالة تهدف إلى إيصال الصوت الفلسطيني إلى العالم بأسره. وشدد على ضرورة استخدام كافة الوسائل التقنية الحديثة لنشر الحقائق، بما في ذلك الصور ومقاطع الفيديو وشهادات الناجين من الحرب في قطاع غزة، بالإضافة إلى توثيق معاناة الأطفال وكبار السن الذين تأثروا بآلة الحرب الإسرائيلية. وأشار إلى أن هذه الجهود تمثل جزءًا أساسيًا من مواجهة الرواية الإسرائيلية التي تسعى إلى تزييف الحقائق، خاصة في ظل انكشاف العديد من الجرائم التي ترتكبها إسرائيل بحق الشعب الفلسطيني. وأكد أن توثيق هذه الانتهاكات ونشرها بلغات متعددة يعتبر خطوة ضرورية لفضح سياسات التطهير العرقي والإبادة التي تتبعها إسرائيل، ولتعزيز التضامن الدولي مع القضية الفلسطينية في مواجهة الظلم المستمر.

أكد الحضور في نهاية الجلسة أن الاعترافات الدولية وخاصة الاوروبية المتزايدة بدولة فلسطين تمثل خطوة استراتيجية تعكس تحولاً واضحاً في مواقف العديد من الدول تجاه القضية الفلسطينية. وأشاروا إلى أن هذه الاعترافات ليست مجرد ردود فعل مؤقتة أو مواقف سياسية عابرة، بل هي دليل على وعي دولي متنامٍ بالواقع المأساوي الذي يعيشه الشعب الفلسطيني تحت الاحتلال الإسرائيلي ووجوب حصول الشعب الفلسطيني على حقوقه الوطنية المشروعة غير لقابلة للنقض والتي اقرتها القوانين الدولية ومقررات الامم المتحدة. وشددوا على أهمية البناء على هذه الإنجازات الدبلوماسية والعمل على تحويلها إلى خطوات عملية تسهم في تحقيق الأهداف الوطنية، بما يشمل تعزيز الدعم الدولي لحقوق الشعب الفلسطيني وتكريس الاعتراف بالقدس الشريف كعاصمة للدولة الفلسطينية. وأوضح الحضور أن هذه التطورات تمثل بداية مشجعة في أوروبا، لكنها ليست نهاية المطاف، حيث يتطلب الأمر مواصلة الجهود الدبلوماسية والتنسيق المستمر مع الدول والمؤسسات الدولية لدعم القضية الفلسطينية وتعزيز مكانتها على الساحة العالمية.