الذكاء الاصطناعي وصحة المرأة، في شهرها الوردي

أكتوبر 27, 2024 - 13:31
الذكاء الاصطناعي وصحة المرأة، في شهرها الوردي

عبد الرحمن الخطيب

يأتي شهر أكتوبر من كل عام حاملاً رسالة هامة تُوجه إلى جميع النساء حول العالم، وهي رسالة الوعي بمرض سرطان الثدي والتأكيد على أهمية الكشف المبكر في تحسين فرص العلاج والنجاة، ومع تقدم التكنولوجيا، يلعب الذكاء الاصطناعي دورا محوريا في تقديم حلول طبية مبتكرة تسهم في تحسين صحة المرأة بشكل عام، وخاصة في مجال الكشف المبكر عن الأمراض وتقديم علاجات متطورة، حيث يُعتبر الذكاء الاصطناعي اليوم من أهم الأدوات التي ساعدت في نقل الرعاية الصحية إلى مستويات غير مسبوقة، ولا سيما في فلسطين، حيث تظل التحديات الصحية كبيرة ولكن الفرص التي يقدمها الذكاء الاصطناعي تبعث الأمل.

من أبرز المزايا التي يقدمها الذكاء الاصطناعي في مجال صحة المرأة هي قدرته على تحسين دقة الكشف المبكر عن الأمراض، في فلسطين، حيث قد تكون الفحوصات الطبية المتخصصة محدودة، يمكن للذكاء الاصطناعي أن يلعب دورا كبيرا في سد هذه الفجوة. تُعد خوارزميات التعلم الآلي قادرة على تحليل صور الأشعة والتحاليل بدقة عالية، مما يساعد في اكتشاف الأورام الصغيرة التي قد لا تُلاحظ بالعين المجردة أو حتى بأجهزة الفحص التقليدية،في دراسة حديثة أظهرت أن استخدام الذكاء الاصطناعي للكشف المبكر عن سرطان الثدي يزيد من دقة التشخيص بنسبة تصل إلى 90%، مما يعني أن المزيد من النساء سيتمكنّ من اكتشاف المرض في مراحله الأولى، وهذا بدوره يزيد من فرص العلاج الناجح ويقلل من نسب الوفاة لا سمح الله وفي فلسطين، ستعد هذه التقنية بديلا قوّيا عن نقص الفحوصات التقليدية، حيث يمكن للمرأة، أن تستفيد من حلول الذكاء الاصطناعي دون الحاجة إلى زيارة مراكز طبية متخصصة.

يتجاوز الذكاء الاصطناعي دوره في الكشف المبكر إلى القدرة على التنبؤ بالأمراض وتقديم اقتراحات للعلاجات المناسبة، ففي مجال صحة المرأة، يمكن للذكاء الاصطناعي أن يجمع بين المعلومات الصحية المتوفرة – مثل التاريخ الطبي، ونمط الحياة، ونتائج الفحوصات المخبرية – لتقديم توصيات شخصية حول العلاج والوقاية من الأمراض، وهنا، حيث تظل خدمات الرعاية الصحية محدودة في بعض المناطق، يمكن لهذه التقنيات أن تقدم دعما حيويا في تشخيص بعض الأمراض والتي تُعد من أبرز التحديات الصحية التي تواجه النساء. من خلال استخدام تقنيات التحليل التنبؤي، يمكن لأنظمة الذكاء الاصطناعي أن تتوقع احتمالية إصابة المرأة بمرض ما بناءً على عوامل محددة، مثل العمر والجينات ونمط الحياة، هذه التنبؤات يمكن أن تساعد في وضع خطط وقائية فردية، مما يمكّن المرأة من اتخاذ خطوات استباقية للحفاظ على صحتها.

رغم الإمكانيات الهائلة التي يقدمها الذكاء الاصطناعي، إلا أن هناك العديد من التحديات التي تعترض طريق تطبيق هذه التقنيات في فلسطين، أبرز هذه التحديات هو نقص البنية التحتية التكنولوجية المتقدمة في بعض المناطق، بالإضافة إلى قلة الموارد الطبية المؤهلة للتعامل مع مثل هذه الأنظمة، وأيضا عامل الثقة بهذه التقنيات الحديثة من طرف السيدات لما تتطلبه تلك التقنيات من بيانات شخصية مهمة ومع ذلك، فإن التوجه نحو اعتماد الذكاء الاصطناعي في المجالات الصحية يُعد خطوة حاسمة نحو تجاوز هذه التحديات. 

من جهة أخرى، يحتاج تطبيق الذكاء الاصطناعي في مجال صحة المرأة إلى استثمارات في مجال تدريب الطواقم الطبية على استخدام التكنولوجيا الحديثة، وتوفير الأجهزة والمعدات المتطورة. هذه الخطوات يمكن أن تسهم في تقليل الفجوة الصحية بين مراكز المدن وريفنا الفلسطيني، حيث تعاني النساء في المناطق البعيدة من قلة الوصول إلى الرعاية الطبية المتقدمة.

ختاما: 

وفي نهاية المطاف، يمثل الذكاء الاصطناعي أملا جديدا في تحسين صحة المرأة الفلسطينية، حيث يمكن لهذه التكنولوجيا أن تسهم في تطوير نظام صحي أكثر تطورا. من خلال تحسين الكشف المبكر عن الأمراض، وتقديم العلاجات المناسبة بناءً على البيانات الصحية الفردية، يمكن للنساء الفلسطينيات أن يحصلن على فرص أفضل للبقاء بصحة جيدة، خاصة في شهر أكتوبر، شهر التوعية بصحة المرأة.

*عبد الرحمن الخطيب

مختص في تقنيات الذكاء الاصطناعي*