المؤمن القوي خير وأحب إلى الله من المؤمن الضعيف

المؤمن القوي خير وأحب إلى الله من المؤمن الضعيف
اللغة العربية الجميلة التي أبحر في لا نهايتها العديد من الباحثين المشرقيين والغربيين، هذه اللغة التي تتعدد فيها المعاني لكلمة واحدة وتؤول الجمل وتتشابه وتختلف وتعترض بعضها البعض وتعطي للشيء الواحد عشرات الأسماء ما هي إلا إعجاز من علم الله سبحانه وتعالي هو العليم.
في هذه اللغة العظيمة أبدع العلماء والفلاسفة والشعراء وأختلفوا وتخاصموا أيضاً في المحتوى لماذا حتى أن من يجهلونها أصبح لهم رأي؟!
إذ قال الله سبحانه أن لا يعلم تأويل القرأن إلا ذاته العليمة الجليلة والقرأن عربياً واللغة أيضاً لا يعلم تأويلها إلى الله ويمن على عباد له في تأؤيل صحيح لتسيير الحياة على الكوكب الدنيوي هذا، ولكن هل هذا سبب في ما نعيشه نحن اليوم كأمة عربية مسلمة وإن كان أحد الأسباب، فتأويل الكلمات والجمل والأحدايث سبب في كثير من المشكلات الأساسية التي تفرق بين الناس في مجتمعنا خاصة وأن لكل إنسان طبع وطريقة تفكير وفهم مختلف، فمثلاً في الحديث الشريف دفع لمفهوم القوة التي يحبها الله في عبده المؤمن ويعزز هذا المفهوم حديث شريف أخر من رأى منكم منكراً فليغيره بيده إي القوة! ولكن هل الإنسان القوي هو من لديه القدرة على البطش بيده!
مخترع البارود قال حين الإعلان عن إختراعه لم يعد هناك جبان من بعد اليوم وهذا صحيح فمن يحمل مسدساً بطلقة واحدة هو أقوى من أقوى رجل في هذا العالم مقابلةً فهل يتطابق مفهوم الحديث هنا بالقوة، أم ان المؤمن القوي وهو قوي النفس والثبات والإيمان هو التقي الذي لا يغفل ولا يضعف!
في الحقيقة هذا العالم لم يحكم بالقوة إلا وتقهقرت القوة مقابل قوة أخرى وتمثل المؤسسة العائلية شاهداً على من ربى أبناءه بالقوة بزوال سلطانه بعد شباب أبناءه!! وأيضاً من ربى بحكمة ساد عائلته حتى أخر أنفاسه، فلا بد لنا من فهم المقارنة على أن المؤمن الضعيف هو من تسيطر عليه نفسه وشهواته هو من يعيش بين وعي وجهل وضياع، أما القوة فهي الحكمة والتعقل ومجاهدة النفس لتحمل أعباء الدنيا وناسها وملذاتها ومن المهم معرفة أن قوي الإيمان هو في الحقيقة قوي النفس لأنه يحيى في مشيئة الله سبحانه وقضائه.
هذا الحديث الشريف وغيره من الأحدايث يجب أن يكون مفهوماً بدلالته لا أن يؤول في كل جيلٍ حسب مقدراته وقوته او ضعفه او أهدافه، في الماضي كنا أقوياء واليوم ضعفاء.
تعالوا معي في رحلة نصر الله لبعاده، الله سبحانه قيَّد نصره لعباده بنصر عباده له، والمعلوم في مجتمعنا أن نصر الله يكون في إسكات ولجم وضرب من يسب الله سبحانه وتعالى رفيع الدرجات ومن لا يصلي او يفطر في رمضان او إقامة الحد على مدمن الخمر متناسين أن أسس الإنتصار لله تبدأ بتقويم الذات والإستقامة والإجتهاد على الثبات والمعاملة الطيبة الخالصة لله سبحانه الذي يدخل حب هذه النفس إلى الناس وفي أية عظيمة أختم بها " إِنَّ الَّذِينَ آمَنُوا وَعَمِلُوا الصَّالِحَاتِ وَأَقَامُوا الصَّلَاةَ وَآتَوُا الزَّكَاةَ لَهُمْ أَجْرُهُمْ عِندَ رَبِّهِمْ وَلَا خَوْفٌ عَلَيْهِمْ وَلَا هُمْ يَحْزَنُونَ "
فالأولى أن تعمل الصالحات ثم تقيم الصلاة وتؤتي الزكاة فهذا المنهج هو منهج الصلاح الذي يبدأ بالفرد ليبني المجتمع فيكون متماسكاً قوياً والله تعالى أعلم.
عيسى دياب