فلسطين قضية إنتخابية حاضرة وسط مناظرات قادة الاحزاب المتنافسة لمجلس العموم الكندي

أبريل 20, 2025 - 19:29
فلسطين قضية إنتخابية حاضرة وسط مناظرات  قادة الاحزاب المتنافسة لمجلس العموم الكندي

فلسطين قضية إنتخابية حاضرة وسط مناظرات

قادة الاحزاب المتنافسة لمجلس العموم الكندي

 

الدكتور عوض سليمية- باحث في العلاقات الدولية

مدير وحدة الابحاث والدراسات الدولية -معهد فلسطين لابحاث الامن القومي

 

التصريحات المثيرة للجدل التي اطلقها ترامب فور دخوله البيت الابيض، وكشفه عن نوايا جديه لضم كندا الى الولايات المتحدة لتصبح الولاية رقم "51"، والطريقة التي تعامل بها مع رئيس الوزراء الكندي السابق جاستن ترودو ووصفه خلال مؤتمراته الصحفية "بحاكم ولاية كندا"، الى جانب دعوات أحد مستشاري ترامب المقربين بيتر نافارو لطرد كندا من التحالف الاستخباراتي المعروف بإسم "العيون الخمسة" Five Eyes Intelligence" الذي يضم كل من (بريطانيا وأستراليا ونيوزيلندا وأمريكا وكندا). الى جانب التعريفات الجمركية على الواردات الكندية التي وصلت الى 25% في ظل حربه التجارية على معظم دول العالم. هذه السياسات شكلت ردود أفعال غاضبة ورافضة من قبل الكنديين.

في هذا المشهد، يبدو ان ردة الفعل والموقف الجماهيري الضاغط، يجري ترجمته من الاقوال الى الافعال، ويأخذ مساراً مختلفاً على اجندة المرشحين لعضوية البرلمان الكندي، من خلال تطوير موقف سياسي تجاه القضية الفلسطينية والحقوق الوطنية للشعب الفلسطيني، وهو ما تعتبره الادارة الامريكية من المحرمات، وتحظر على حلفاءها التقليديين تجاوزه.

 وفقا للموقع الرسمي للحكومة الكندية على الانترنت،  فإن كندا "تلتزم بهدف تحقيق سلام شامل وعادل ودائم في الشرق الأوسط، بما في ذلك إنشاء دولة فلسطينية تعيش جنباً إلى جنب في سلام وأمن مع إسرائيل". بالاضافة الى ذلك. لا "تعترف كندا بالسيطرة الإسرائيلية الدائمة على الأراضي المحتلة عام 1967 (مرتفعات الجولان والضفة الغربية والقدس الشرقية وقطاع غزة). وعلى الرغم من اقرارها بحل الدولتين بإعتباره الخيار الامثل لحل الصراع الاسرائيلي الفلسطيني وفق المقررات الدولية، واستمرار الاتصال مع السلطة الفلسطينية وتقديم اشكال من المساعدات، الا ان كندا لم تعترف رسمياً بالدولة الفلسطينية المستقلة، وتربط اعترافها بالتوصل لاتفاق بين الجانبين الفلسطيني والاسرائيلي عبر المفاوضات.

في وقت سابق من العام 2024، وبعد إقتناع رئيس الوزراء الكندي السابق جاستن ترودو ان رئيس الوزراء الاسرائيلي نتنياهو يتعمد تعطيل أي مساعي دبلوماسية للتوصل الى حل الدولتين عبر مسار المفاوضات، "تقوم حكومة نتنياهو، وبشكل غير مقبول، بعرقلة كلّ مسار نحو حلّ الدولتيْن"، بدأت ملامح التغيير في السياسة الخارجية لكندا بالظهور، محورها التوجه للاعتراف بالدولة الفلسطينية المستقلة من جانب واحد دون انتظار موافقة اسرائيل او انتظار نتائج المرحلة النهاية للمفاوضات. يقول ترودو لراديو كندا "... لهذا السبب اخترنا تغيير موقفنا بشأن الاعتراف بدولة فلسطينية". وتعليقاً على هذا الموقف المتقدم من قبل رئيس الحكومة، نشرت وزارة الشؤون العالمية الكندية على موقعها ما يدعم موقف رئيس الوزراء "... كندا على استعداد للاعتراف بالدولة الفلسطينية في الوقت الذي يفضي إلى سلام دائم، وليس بالضرورة كخطوة أخيرة على طريق تحقيق حل الدولتين". في اشارة واضحة الى عدم انتظار نهاية المفاوضات.

ومع إنطلاق الحملات الانتخابية للمرشحين لعضوية مجلس العموم الرابع والاربعين لشغل المقاعد الـــ (343)، والمقررة يوم 28 ابريل 2025، ظهرت القضية الفلسطينية كواحدة من بين القضايا الانتخابية في المناظرة الاولى لرؤساء الاحزاب الرئيسية الاربعة المتنافسة (الليبراليون، المحافظون، كتلة كيبيكو، والحزب الديموقراطي الجديد). وبدت قضية دعم وكالة غوث وتشغيل اللاجئين الفلسطينيين "الاونروا" كقضية فارقة بين المتنافسين من بين القضايا الخارجية، بما فيها تهديدات ترامب بضم كندا والحرب التجارية الامريكية.

من ناحية، وفقاً لموقع CPC News إتهم زعيم حزب المحافظين بيير بويليفر (الأونروا) بأنها منظمة "إرهابية" وتوعد بخفض تمويلها إذا أصبح رئيساً للوزراء. الى جانب ترحيل الأجانب بتهمة إثارة الكراهية الإجرامية، ومن بينهم المتظاهرون المؤيدون لفلسطين، متهماً إياهم بالمساهمة في تصاعد ما يسميه "معاداة السامية". ونقل موقع The Times of Israel عن المرشح بويليفر تعهده بسن "قوانين أكثر صرامة" لاستهداف ما أطلق عليه "التخريب ومسيرات الكراهية التي تنتهك القوانين" و"الهجمات العنيفة على أساس العرق والدين".

من ناحية اخرى، ابدى المرشح الديموقراطي جاغميت سينغ موافقته على وجوب التحقيق في مزاعم اسرائيل حول القضايا المتعلقة بالأونروا في قطاع غزة، لكنه وصف تعليقات بولييفر بالمثيرة للاشمئزاز والمُقززة. واعتبر ان "الاونروا" هي المنظمة الوحيدة التي تساعد الناس على الأرض" ولا يجوز ان توصف بالمنظمة الإرهابية. مضيفاً، "إن هذا أمر بغيض وغير لائق على الإطلاق". بحسب موقع RCI الكندي. وبالمثل أيد مرشح كتلة الكيبيك إيف فرانسوا بلانشيه تصريحات سينغ بوجوب مساعدة المدنيين الفلسطينيين في قطاع غزة".

بالتزامن مع الحملات الانتخابية للمرشحين، دشن نشطاء الجالية الفلسطينية وأنصار الحق الفلسطيني في كندا، منصة إعلامية رقمية اطلقوا عليها اسم "منصة فلسطين" تُعرف الناخب الكندي بمواقف المرشحين لعضوية البرلمان من القضية الفلسطينية، تقول هذه الحملة إنها حملة شعبية غير حزبية تهدف إلى تسليط الضوء على موقف المرشحين من المطالبات بفرض حظر على توريد الأسلحة إلى إسرائيل، وإنهاء الدعم الكندي للمستوطنات، ومكافحة العنصرية المعادية للفلسطينيين، والاعتراف بدولة فلسطين، وتمويل جهود إغاثة غزة. وان هناك اكثر من 100 مرشح من الاحزاب الليبرالية، وحزب الخضر والحزب الديموقراطي الجديد، قد وقعوا على التأييد الكامل لمطالب المنصة، استناداً لموقع Vote Palestine

تطورات المشهد السياسي الدولي سريعة وعميقة، ويبدو أن رياح التغيير القادمة من اوروبا تقف بقوة لصالح القضية الفلسطينية. فمن تصريحات إيمانويل ماكرون إلى مناقشات حزب العمال البريطاني، وصولاً إلى انتخابات مجلس العموم الكندي، هذه الديناميكية المتسارعة تضع القضية الفلسطينية في صميم إهتمامات قادة العالم وعواصم صنع القرار. ومع إستمرار حرب الابادة الجماعية على قطاع غزة وعموم اراضي دولة فلسطين، بدعم أمريكي كامل، تتصاعد الدعوات العالمية نحو ضرورة إيجاد حل عادل ودائم وشامل للقضية الفلسطينية. وتظهر المؤشرات القادمة من اوروبا أيضاً، ان تغيراً جذرياً في المواقف يجري تطويره الان للانفصال عن التبعية لمواقف واشنطن، ودعوات نحو ممارسة السيادة الكاملة والجرأة في إتخاذ القرار الوطني المستقل لقادة هذه الدول.