إسرائيل تعتزم مصادرة 1,800 دونم بذريعة "تطوير" موقع سبسطية الأثري
أصدرت ما تسمى بـ"الإدارة المدنية" التابعة لسلطات الاحتلال قراراً جديداً يقضي بمصادرة مواقع أثرية ومساحات واسعة من أراضي بلدة سبسطية شمال نابلس، في خطوة وُصفت بأنها الأولى من نوعها من حيث الصيغة والمساحة، ودون إرفاق خرائط تحدد المناطق المصادرة بشكل واضح.
ويُعد موقع سبسطية الأثري من أهم المواقع التاريخية في فلسطين، إذ يمتد عمره لأكثر من خمسة آلاف عام، ويقع على أراضٍ خاصة يمتلك أهل البلدة وثائق ملكيتها المسجلة في سجلات الطابو الأردني قبل عام 1967. ويؤكد الأهالي أن هذه الأراضي مثبتة قانونياً قبل الاحتلال، وأن القرار يشكّل اعتداءً مباشراً على ملكيات خاصة محمية بالقانون.
وفي حديثه لبرنامج "محطات" عبر راديو وتلفزيون كل الناس وفضائية معًا وشبكة معًا الاذاعية، أوضح رئيس بلدية سبسطية محمد عازم أن سلطات الاحتلال تسعى منذ سنوات لتهويد المنطقة الأثرية عبر مشاريع ضخمة، أبرزها مشروع “حديقة السامرة” الذي رُصدت له عشرات الملايين من الشواقل بهدف تغيير هوية المكان وتزييف تاريخه الفلسطيني والكنعاني.
وأكد أن ما يجري في سبسطية هو “جريمة بحق أحد أكبر المخازن التراثية والثقافية في فلسطين”، مشيراً إلى وجود حالة استياء شديد بين الأهالي، خاصة أن مئات العائلات تضررت من القرار، إضافة إلى الضرر الثقافي الواسع الذي لحق بالموقع الأثري.
وأشار عازم إلى أن الاحتلال منح الأهالي 14 يومًا فقط لتقديم الاعتراضات، وهي مهلة قصيرة وشكلية، لافتاً إلى أن قرارات المصادرة غالباً لا تُؤخذ فيها اعتراضات الفلسطينيين بعين الاعتبار، كما لم تُسلّم الإدارة المدنية حتى الآن أي خرائط توضّح حدود القرار، ما يزيد من الغموض ويُعدّ “جزءًا من التلاعب والمخالفات المصاحبة لعملية المصادرة”.
وأضاف عازم أن اتفاقية جنيف الرابعة تنصّ صراحة على حماية المواقع التراثية الواقعة تحت الاحتلال، إلا أن سلطات الاحتلال تعمل على تغيير الواقع وفرض روايتها بالقوة بدل الأدلة التاريخية، بعد فشل محاولات سابقة للعثور على دلائل تربط الموقع بالرواية التوراتية، رغم أعمال التنقيب التي دعمتها الحركة الصهيونية وجامعة هارفارد في التسعينيات.
وأكد أن فشل الاحتلال في إثبات أي حق تاريخي في سبسطية دفعه إلى تبنّي “الأسلوب الأمني والمصادرة بالقوة، متسائلاً: "أين المجتمع الدولي والمؤسسات الحقوقية المهتمة بالتراث عمّا يحدث في سبسطية؟"
ودعا رئيس البلدية أبناء الشعب الفلسطيني إلى دعم صمود أهالي سبسطية وزيارة البلدة والموقع الأثري، خاصة في ظل تراجع الحركة السياحية المحلية. وشدد على ضرورة تحرك المؤسسات الرسمية الفلسطينية قانونياً وميدانياً، وعدم الاكتفاء ببيانات الشجب والاستنكار.
وتطرّق أيضاً إلى ملف ترشيح سبسطية على قائمة التراث العالمي في اليونسكو، مشيراً إلى أن الملف مطروح منذ عام 2011 لكنه شهد تأخيراً كبيراً من الجهات المختصة، رغم أن الموقع يستوفي معايير الإدراج.
وبين أن وزارة السياحة أعلنت مؤخراً إعادة تحريك الملف، إلا أن الخطوات العملية ما زالت متأخرة مقارنة بحجم التهديدات التي تتعرض لها البلدة.
إعداد: سديل مسامح





