وقف إطلاق النار لا يعني نهاية الصراع على السيادة الفلسطينية، وغزة ليست ساحة وصاية لأحد
بقلم: أبو شريف رباح

وقف إطلاق النار لا يعني نهاية الصراع على السيادة الفلسطينية، وغزة ليست ساحة وصاية لأحد
بقلم: أبو شريف رباح
15\10\3025
بعد عامين من الحرب الإسرائيلية الغاشمة على شعبنا الفلسطيني في قطاع غزة والتي حصدت أرواح عشرات الآلاف من الشهداء والجرحى، ودمّرت نحو 80% من البنية التحتية للقطاع، توقّف العدوان أخيرا بعد مفاوضات ماراثونية في مدينة شرم الشيخ المصرية والتي تمخضت عن اتفاق لوقف إطلاق النار يشمل تبادل الأسرى بين الجانبين، وفتح المعابر، وإدخال المساعدات الإنسانية، وانسحاب جيش الاحتلال، وعودة السكان إلى مناطقهم التي هجروا منها قسرا.
ورغم أهمية هذا التطور وضرورة إنهاء معاناة أهلنا في القطاع إلا أن ما يثير القلق والاستغراب هو تغييب دولة فلسطين المعترف بها دوليا ومنظمة التحرير الفلسطينية الممثل الشرعي والوحيد للشعب الفلسطيني عن هذه المفاوضات، إذ لا يمكن القفز فوق الشرعية الفلسطينية أو تجاوزها في أي حل سياسي أو أمني يتعلق بالشعب الفلسطيني أو بأراضيه المحتلة.
إن قطاع غزة هو جزء لا يتجزأ من أرض الدولة الفلسطينية التي تشمل الضفة الغربية والقدس الشرقية ومن الطبيعي والبديهي أن تكون القيادة الفلسطينية الشرعية هي رأس الحربة في أي مفاوضات تتعلق بوقف إطلاق النار أو بإعادة الإعمار أو بتنظيم الحياة المدنية والأمنية في القطاع.
إن فرض وصاية أمريكية أو دولية على غزة أو إنشاء هيئة مؤقتة لإدارتها يشكل خطرا مباشرا على المشروع الوطني الفلسطيني ويفتح الباب أمام محاولات فصل غزة عن باقي الوطن وهو ما تسعى إليه إسرائيل منذ زمن.
أما الحديث عن قوة دولية فإننا نؤكد أن وجودها يجب أن يكون لحماية الشعب الفلسطيني من الاحتلال لا لحفظ الأمن الداخلي فالأمن شأن فلسطيني خالص تتولاه الأجهزة الأمنية الفلسطينية التي أثبتت كفاءتها وانضباطها في الضفة الغربية وهي قادرة على حفظ الأمن والأمان والاستقرار لأبناء شعبنا في قطاع غزة أيضا.
إن المرحلة المقبلة تتطلب توحيد الصف الوطني وعودة الشرعية الفلسطينية للقطاع واستعادة الوحدة بين شطري الوطن تحت راية واحدة وقيادة واحدة كي لا يتكرر مشهد الموت والدمار والإبادة وحتى لا يتحول وقف إطلاق النار إلى مجرد هدنة مؤقتة تستخدم لإعادة إنتاج الاحتلال بوجوه جديدة وأدوات مختلفة.
فغزة ليست قضية إنسانية تختزل في المعونات أو المساعدات أو إعادة الإعمار فحسب بل هي قضية سياسية ووطنية بامتياز جوهرها حق الشعب الفلسطيني في الحرية والاستقلال والسيادة على أرضه، فكل مبادرة أو اتفاق أو مشروع يتجاهل هذا الجوهر أو يحاول التعامل مع غزة بمعزل عن باقي الأرض الفلسطينية هو مشروع تصفوي يخدم الاحتلال ويكرس الانقسام الداخلي.
إن الحل الحقيقي يبدأ بإزالة جذور العدوان وإنهاء الاحتلال وعودة غزة القرار إلى حضن الشرعية الفلسطينية، وتوحيد المؤسسات تحت سلطة واحدة تعبّر عن إرادة الشعب الفلسطيني في كل أماكن وجوده، فالشعب الذي صمد في وجه الإبادة والدمار لا يحتاج إلى وصاية أو بدائل مؤقتة بل إلى حرية حقيقية وعدالة وسيادة كاملة على ترابه الوطني.