المعارف والمهارات اللازمة للمتعلم في أماكن التعليم

المعارف والمهارات اللازمة للمتعلم في أماكن التعليم
محمد محمود قاروط
اكاديمية فتح الفكرية
مقدمة:
تصمم العملية التعليمة لخدمة المتعلم. بدون المتعلم لا يوجد عملية تعليمية.
تطور علم التعليم ليعطي للمتعلم أهمية إضافية وهي، شراكته في العملية التعليمية؛ كأحد مدخلات العملية التعليمية، بمعارفه ومهاراته، والتغذية الراجعة التي يقدمها على المعارف والمهارات التي تقدم له، وعلى منفذي الأنشطة التعليمية وأساليب التعليم وطرقه وأدواته ومستلزماته، وبيئته.
صممت هذه الورقة (المعارف والمهارات اللازمة للمتعلم في أماكن التعليم) خصيصاً للأفراد الذين يخضعون للتعليم بشقيه التدريس والتدريب، بهدف تطوير معارفهم ومهاراتهم النفس حركية (السلوكية)، للقيام بالأدوار المناطة بهم في المؤسسات التعليمية، مما ينعكس إيجابياً على أدائهم داخل المؤسسة التعليمية.
إن الأداء الايجابي للمتعلمين داخل المؤسسات التعليمية يسهل على كل من المعلمين والمتعلمين الوصول إلى الأهداف المحددة في البرنامج التدريبي، والنتائج المتوقعة منه.
المعارف والمهارات اللازمة للمتعلم في أماكن التعليم
1. هيئ فكرك للتعلم:
من أجل تهيئة فكرك للتعلم يجب أن تجيب على مجموعة من الأسئلة الهامة، وإجابتك على الأسئلة التالية ستحدد مقدرتك على تهيئة فكرك للتعلم.
س1 ما هو الهدف من التعلم؟
س2 لماذا أنا أتعلم؟ أو بصيغة أخرى: - ما هي دافعيتي للتعلم؟
س3 ما الذي أعرفه مسبقاً عن الذي سأتعلمه؟
س4 ما الذي سأضيفه إلى معارفي ومهاراتي وارتباطاتي الوجدانية من الذي سأتعلمه؟
2. الحضور المبكر لأماكن التعليم:
حضورك المبكر لأماكن التعليم يتيح لك فوائد كثيرة منها، الاستقرار في مقعدك، وتحضير مراجعك، وتصفح ما سبق وتعلمته، كما ويمنحك فرصة طرح الأسئلة على زملائك ومناقشتهم بموضوع الجلسة السابقة، والحالية.
3. النوم في الوقت المناسب:
حتى تحضر مبكراً، من الضروري أن تكون نشيطاً. أخذ القدر الكافي من النوم أساسياً لحيوية ونشاط الجسم، واستعداده للاستجابة لضرورة الحضور المبكر.
كما أن أخذ القسط الكافي من النوم يبقي ذهنك متيقظاً، فلا يفوتك من التعليم شيء. أحياناً ما يقال في أماكن التعليم لا تجده في أي كتاب أو مرجع، وأحياناً ترهق نفسك بالبحث عنه في مراجع عديدة.
4. تجهيز مستلزمات التعليم:
للتعليم مستلزمات، فما هي هذه المستلزمات؟ لكل نشاط تعليمي مستلزماته الخاصة به، يتحكم بذلك مكان التعليم، فالتعليم في القاعات تختلف مستلزماته عن التعليم في المختبرات أو الميادين ...الخ، بكل الأحوال جهز لنفسك جدولاً، ودون مقابل كل مادة تعليمية مستلزماتها حتى لا تنسى، دفتر، رزمة من الأوراق، مسطرة، قلم رصاص، ممحاة...الخ، مع بداية كل نشاط تعليمي رقم صفحات دفترك، أو أوراقك، دون اليوم التاريخ، اسم المادة، اسم المعلم وأية بيانات تعينك على تذكر المادة أو تدوين الملاحظات من المعلم، وتساعدك على استرجاعها أو تذكرها عندما تريد ذلك.
5. حضر قبل الذهاب إلى مكان التعليم:
ماذا وما الذي سأحضره، ولماذا، وكيف؟
حضر ذهنك، وأحاسيسك، اقرأ عما تعلمته في المرة السابقة، لأن كثيراً من المعلمين يقومون ومع بداية كل جلسة بطرح سؤال على المتعلمين عن الجلسة السابقة، أو إعطائهم امتحان قصير لمدة خمسة دقائق، أو تقديم عرض سريع عنها. والهدف من هذه الطريقة التربوية هو ربط المتعلم بما سبق وأخذه في المرة السابقة مع ما سيأخذه في الجلسة التي تليها. ولماذا؟ لأن تحضير ذهنك وأحاسيسك، ومراجعة ما سبق وتعلمته ستمنحك فرصة الإجابة على أسئلة الامتحان وربط الجلسة السابقة بالحالية. أما كيف؟ فإن نظرة سريعة للمادة أو تبادل الرأي مع زملائك أو طرح الأسئلة عليهم تكون كافية.
6. الجلوس في المقعد المخصص لك دائما:
الجلوس في نفس المقعد دائماً عادة إنسانية طبيعية لو رأيت نفسك عندما تزور صديقاً لوجدت أنك وبشكل لا إرادي تجلس في نفس المكان دائماً، أو على الأغلب.
الالتزام بالجلوس في نفس المقعد دائماً له أثر على تفاعلك مع المعلم، لأن الاستمرار بالجلوس في نفس المقعد يوفر الألفة بين المتعلم والمكان، ويسمح للمتعلم التعرف على الزاوية الصحيحة لرؤية المعلم، والوسائل المساعدة التي يستخدمها، كما أن الجلوس في نفس المقعد يولد الألفة مع مشتتات التنبيه المحتملة، لأن المتعلم سيعتادها وحدوثها لا يؤثر عليه.
7. التعرف على المعلم والتأقلم معه:
التعرف على المعلم يساعدك على سرعة التأثر به، مما يساهم في حسن فهمك للمادة، وعادة ما يقدم المعلم نفسه في الجلسة التعليمية الأولى أو الثانية، ويقدم أيضاً، فكرة عن المادة؛ طريقة شرحه لها؛ متطلباتها؛ فكرة عامة عن الامتحانات وأشياء أخرى. إذا لم يقم المعلم بتقديم نفسه وعرض ما تقدم فبادر لطلب ذلك، لماذا؟
لأن معرفتك بقدراته، وخبراته، والتعرف منه على الإطار العام لمادته وطريقته الخاصة بتقديم مادته التعليمية ستساعدك على التفاعل معه بشكل أسرع.
التدرج في التعرف على معلمك يساعدك على التأقلم معه، فستعرف من خلال التأقلم معه، لماذا ترتفع عنده نبرة الصوت؟ لماذا يتحرك؟ ولماذا يجلس؟ لماذا يحرك يديه؟ كيف يستخدم وسائل الإيضاح؟ وما الذي يستخدم منها؟ وستجد أن البعض لا يستخدم أياً منها. ستتعود على سرعة تقديمه للمادة، فمنهم سريع والبعض بطيء، أو يعيد المعلومة، التعرف على هذه الخصائص الخاصة بكل معلم يساعدك على التأقلم معه، وأن تكون مستمعاً ومصغياً جيداً له، متفاعلاً مستفيدا، مما سيقدمه لك.
8. التركيز:
لا تجعل أي من مشتتات التفكير تأثر عليك، الوقت الخاص بالتعليم اجعله للتعليم فقط، لا تتأثر بما يحيط بك من أحداث، مثل وقوع قلم زميلك، أو دخول زائر، أو فتح، أو إغلاق الباب، أو النافذة.
احذر الكلام، والأحلام، لا تهرب من المحاضرة إلى الأحلام، أو الكلام مع زميل، حاول عدم ممارسة أي منهما من خلال التركيز على المادة، لأنك إن لم تركز ستفقد الكثير.
9. عود نفسك على الإصغاء للمعلم:
يعرف الإصغاء بأنه الاستماع لما يقال وكيف يقال، أي الاستماع له وإليه. والإصغاء أحد المهارات الإنسانية. ولكـــن بالرغم من أهمية الاستماع الذي يشكل نسبة كبيرة من حياة الإنسان إلا أنه بشكل عام لا يستفيد منه كما يجب، ولا يوجه التوجيه الصحيح. واهم العوامل التي تؤدي إلى تقليل الاستفادة من الاستماع هي: الانتباه إلى طريقه الكلام أكثر من الانتباه لمحتواه، السمـاح للذهن بأن يذهب في أحد أحلام اليقظة، السمـاح لـمشتتات الانتبــاه التأثير على الانتبــاه، عـدم حـب المادة المسموعة.
هناك فرق ما بين سرعة المتكلم وسرعة الاستماع، إن الفـرق بين الكلام والاستمـاع يوفر وقـتاً كبيراً عند الدمـاغ لكـي يبحـث أو يتشتـت في أمـور أخرى، ولكـن بالإمكـان استغـلال هذا الوقـت الموجـود لتحسيـن الاستمـاع من خـلال: ركـز على مفاتيـح الكلمـات التي تسمعها. حدد ما يريده المعلم، على ماذا يركز في كلامه؟ حدد ما توافقه ومـا لا توافقه، حدد ما هي الخلاصة التي وصل إليـها. حدد هــل يسـتند إلى حـقائـق.
10. كتابة العبارات المهمة:
أثنـاء الشــرح كثيـر من المعلمين يقـولون: إن هذه النقطـة مهمـة وركـز عليهـا وأنـا أعيدهـا مـرة أخرى لأهميتهـا، تستطيـع أن تكـون مستمعـاً جيـداً من خلال كتـابة هذه المعلومـات التي ستساعدك على التركيـز في كل محاضـرة.
كثيـر من المشاركين لا يهتمـون بالكتابـة مع شـرح المعلم أثنـاء محاضرتـه، ربمـا لعدم معرفتهـم بفنون الكتابة أو لاعتمادهم على المذكرات التي يوزعهـا المحاضر. إن الكتـابة مع المحاضـر تحقـق عدة فوائــد: التركيـز والاستماع الجيــد. متابعة شرح المعلم بصورة أفضل. كتابة التساؤلات أثنـاء شرح المعلم. يساعد في سرعة فهم المادة للاختبـارات. يساعد في فهم المادة للمحاضـرات القادمة.
11. السؤال في الوقت المناسب:
ضـع في ذهنـك ومع بدايـة كل محاضـرة الرسالة الذهنية التاليـة: سـأسأل أكثــر من سؤال بهذه المحاضــرة، فعنــد ذلك ستكون متحفـزاً ومنتبهـاً في المحـاضرة لاستيعاب أي مسـألة يصعـب عليـك فهمهـا. إن الخجـل من السـؤال أو التخـوف الزائـد من نطـق السـؤال أو الخوف من سخريـة زملائـك لسـؤالك، هذه وغيرها من التخوفـات يجـب ألا تجد لهــا طريقـاً إلى قلبـك فأنـت طالب معرفة، تريـد أعلى الدرجـات والمهارات في جميـع المواد، وهذا لا يكون إلا بالسـؤال، اسأل وستجــد أن المخـاوف التي تعيشهـا ماهية إلا أوهـام من سـراب وسـوف تجد التشجيـع من جميـع معلميك لمبادرتك بالـسؤال.
12. الفرز والتصنيف والتدوين:
من الضروري أن يكون تدويـن الملاحظـات على أساس فـرز الأفكـار الرئيسيـة في المحاضـرات عن الأمور الثانويـة التفصيليـة، وهذا الفـرز ضـروري لأســباب منهـا: تمييـز المتعلم للأفكار الرئيسيـة في المحاضـرة، يمكنه من متابعة تسلسـل الأفكـار في المحاضـرة. عدم تمييـز الأفكار الرئيسيـة من الثانوية، تؤدي إلى تدوين بعض الأفكار غير الهامـة ظاناً انه يدون أفكـاراً رئيسيـة. دون تمييـز الأفكار الرئيسية عن سواها، قد لا يدون المتعلم فكرة رئيسية ظاناً إياهـا فكـرة ثانوية. ولتميـيز الأفكـار الرئيسيـة في المحاضـرة عن سواهـا انتبـه إلى المعلم فيما يــلي: عندما يرفـع المعلم صوتـه. عندما ينفعـل المعلم. عندما يكتب المعلم على وسائل الإيضاح. عندما تنشط حركات المعلم وإشاراته خاصة بيديه وأصابعه. عندما تتغير سرعة كلام المعلم ويتحول من كلام سريع إلى كلام هادئ بطيء فقد يقصد من البطيء التركيز على فكرة رئيسة. عندما يقول المعلم أولاً، ثانياً، ثالثاً. عندما ينهـض المعلم من مقعده ليقف فيشرح نقطة ما. عندما يوجه المعلم سؤالاً أثنـاء المحاضرة ليجيب عنه هو أو مشاركيه.
13. تنشيط الدماغ:
إذا لاحظت أن ذهنك بدأ يخبوا، أو يتشتت، أو تشعر بالإرهاق والاستفزاز، نشط دماغك بالتمارين الخاصة بذلك، ومنها، شــرب الماء باستمرار، حيث ثبـت أن للماء دور مهـم في إعادة الحيوية للمـخ. قم بعمل رتيب وركز انتباهك عليه مثل، كتابه الرقم (55) متلاصق أو الرقم (8) باللغة الإنجليزية لمدة نصف دقيقة مع النظــر إلى رأس القلم، مره في اليد اليمنى ومره في اليد اليسرى، ثم بكلتا اليدين.
14. المراجعة والتقييم الذاتي:
بعد انتهاء المعلم من درسه، راجع في ذهنك، ومن الملاحظات التي دونتها ما قدمه لك، ثم قيم مدى إلمامك بالمادة، وما هو الرابط بين مادة هذه الجلسة والتي قبلها، ومدى مساهمتها في تحقيق أهداف التعليم، وأهدافك الخاصة من التعليم، إذا شعرت أنه فاتك من المحاضرة شيء، سجله على شكل سؤال، ثم أسئلة إلى زملائك أو معلمك في الجلسة التالية.
15. تحفيز المعلمين:
يقوم المعلم بدوره لأسباب متعددة، منها أن التعليم مهنته، أو يقع ما يقوم به ضمن اهتماماته، أو بدافع الواجب تجاه المتعلمين، أو يشعر أن لديه شيء مميز ليعلمه لفئة محددة من المتعلمين، ولأسباب أخرى.
التفاعل الذي يبديه المتعلمون مع معلمهم، والتزامهم بما سبق ذكره في الفقرات السابقة، وشعور المعلم بأن المتعلمين يكنون له الاحترام للدور الذي يقوم به، وأنهم يستفيدوا ويتفاعلوا ويتأثروا بما يقوم به، يحفزه على إعطاء وتقديم المزيد لهم.
للمتعلم دور كبير في التأثير على المعلم، وكيفية قيامه بدوره كماً ونوعاً.
المتعلمون السلبيون يحولون معلمهم إلى معلم آلي، يحضر إلى مكان التعليم متثاقلاً، محبطاً، ونراه يقتل الوقت المخصص للتعليم قتلاً، ينظر إلى ساعته، بانتظار ساعة الفرج للخروج من مكان التعليم. إذا لاحظ المتعلمون ذلك على معلمهم، فالينظروا إلى سلوكهم في مكان التعليم، ويقيموه ويقوموه، ويعيدوا تكييف أنفسهم، ويعدلوا من سلوكهم ليستعيدوا معلمهم.
المتعلم الذي يقوم بدوره بايجابيه، هو المتعلم الذي يشعر بالمسؤولية تجاه العملية التعليمية بكل عناصرها، وبيئتها ويتصرف بوعي لإنجاح العملية التعليمية.
الواجبات الملقاة على عاتق المتعلمين لانجاز الأهداف والوصول إلى التوقعات المرجوة من التعليم كبيرة وهامه، ولكنها اقل من الحقوق التي يتمتع بها المتعلم في أماكن التعليم وبيئته.
16. الحفاظ على مكان التعليم وأدواته وتجهيزاته:
الحفاظ على الممتلكات العامة مسؤولية جماعية مشتركة، بين الإداريين والمعلمين والمتعلمين، وهي تعبير من الأطراف الثلاثة عن الولاء والانتماء للمؤسسة والوطن.
وبما أن المتعلمين هم العدد الأكبر، ومكان التعليم وأدواته وتجهيزاته قد تم توفيرها لإنجاح العملية التعليمية التي صممت خصيصاً لهم، ولراحتهم، فان مسؤوليتهم عن سلامة ونظافة مكان التعليم وأدواته وتجهيزاته أكبر من غيرهم.
الخلاصة:
المتعلم هو المستهدف من التعليم، وهو شريك أساسي في العملية التعليمية، له دور يقوم به في المؤسسة التعليمية، حاولنا توصيف هذا الدور وأهميته وكيفية القيام به، ليكون المتعلم أكثر فاعلية في إنجاح العملية التعليمية.