الموت جوعًا

فبراير 22, 2024 - 15:36
الموت جوعًا

يموت الناس جوعًا خاصة في مناطق شمال قطاع غزة، حيث لا طعام ولا شراب منذ أشهر، ولا قمح ولا شعير ولا عشب، والماء مالح، ولا يزال الاحتلال حتى اليوم يفرض حصاره الشديد، ويمنع وصول المساعدات إلى المحتاجين إليها، ولا يزال العالم عاجزًا عن وقف هذه الحرب المستعرة، وعاجزًا عن إدخال المساعدات من غذاء ودواء، فجاعت الناس ومات البعض من خواء البطون، ومن عطش الأجساد، ومن جفاف الأجسام التي لا تجد قوت يومها، وما يشد من عزمها وبقائها على قيد الحياة.


هذه الحرب كشفت القناع عن حقيقة العالم، وكشفت الوجه الحقيقي لمدعي الإنسانية الذين لم ينتصروا لنداء الناس في غزة، بل آثروا الصمت والسكوت على كل الجرائم التي ترتكب بحق المدنين، ولم يتحركوا في وجه العدوان والطغيان، بل كانوا عونًا له وغطاء شاملًا امتد لكل المحافل الدولية، وفي مقدمتها مجلس الأمن الدولي، فتمادى الاحتلال وانتهك كل الأعراف والمواثيق الدولية، وهو يواصل حرب الإبادة بكل أشكالها وبكل الوسائل، غير آبه بشيء، مطلق العنان لجنوده بمواصلة الحرب والقتل في كل مكان، في المستشفى والمدرسة وفي مراكز الإيواء وخيام النازحين.


لقد أثبت العالم أنه شريك في هذه الحرب التي تشن على غزة، وأثبت شعبنا أنه منارة للصمود والثبات والتشبث بالأرض، والتمسك بالحق والوطن، برغم كل ما يحدث وبرغم كل سياسات التهجير التي يمارسها بحقه الاحتلال بكل بشاعة ودموية. وبين الموت والتهجير يختار الناس الموت على الهجرة من وطنهم وبلدهم وأرضهم.


سياسة التجويع والحصار التي ينفذها الاحتلال منذ اليوم الأول للعدوان، الهدف منها دفع الناس إلى الهجرة خارج قطاع غزة، وإن لم يهاجروا فالموت حتمي تحت الحصار، إما الموت قنصًا أو قتلًا أو جوعًا وعطشًا أو بالأوبئة التي بدأت تنتشر.


رأينا شهادات تقشعر لها الأبدان، وكيف أن الناس صنعوا من طعام الحيوانات خبزًا، وسمعنا أصواتا تناشد وتنادي. ولم يلب أحد النداء، بل استمر الحصار بكل قسوة، ولا يزال مستمرًا في حرب لا تتوقف وموت يحاصر الناس من كل الجهات. وليس الحال في الجنوب أحسن من الشمال، فكل قطاع غزة بمساحته الضيقة يتعرض لحصار مشدد وقتل متعمد وتجويع عن قصد.


إن بقاء الحال على ما هو عليه ينذر بما هو أسوأ، وان بقاء الصمت العالمي على حاله، ينذر بكوارث تفوق الخيال، فلا يمكن أن يبقى الصمت الدولي على حاله، ويجب التحرك لوقف الحرب وإدخال المساعدات على وجه السرعة، فما يحدث من جرائم تستدعي أن يتحرك العالم.


في هذه الأيام حيث يتواصل العدوان يموت الناس جوعًا، ويموت البعض عطشًا والأمراض تنهش الأجساد والأوبئة تنمو وتنتقل، والبرد يقتل الأطفال والشيوخ، والناس وسط كل ذلك يبحثون عن لقمة خبز، ولا يجدون قمحًا ولا شعيرًا بعد أن وقعوا تحت الحصار، وقد أطبق عليهم من كل الجهات.

قالوا إن الجوع كافر، ونقول أن الاحتلال أبو الكفار.