ملاحظة قصيرة حول نزع سلاح حركة حماس

ديسمبر 3, 2025 - 10:40
ملاحظة قصيرة حول نزع سلاح حركة حماس

لقد أجريتُ خلال الفترة الماضية مناقشات مع عدد من قادة حماس حول قضية نزع السلاح. لقد سألني كثيرون من مختلف أنحاء العالم، بمن فيهم كثير من الإسرائيليين والفلسطينيين، عمّا إذا كنت أعتقد أن حماس ستتخلى عن أسلحتها. الجواب القصير هو: نعم. أمّا الجواب الطويل فهو على النحو الآتي:

السبب الرئيسي الذي يجعلني أقول نعم هو أن حماس لم يعد لديها دعم حقيقي في غزة. باستثناء أولئك الذين ما زالوا يتلقّون بعض المال من حماس، أو يكسبون المال بفضل وجودها، فإن الغالبية الساحقة من الغزيّين سيكونون سعداء بعدم رؤية أي شخص من حماس مرة أخرى. وفق فهمي، فإن معظم سكان غزة يلومون إسرائيل على الموت والدمار، لكنهم يرون أيضاً أن حماس تتحمّل المسؤولية. وبسبب رؤية الغزيّين لحماس على أنها جزء من المسؤولية عمّا حدث لهم، فإن كثيراً من مقاتلي حماس المتبقّين الذين يحملون السلاح يقولون إن عليهم الاحتفاظ بأسلحتهم لحماية أنفسهم وعائلاتهم من الغزيّين الغاضبين. ولا ينبغي التقليل من أهمية هذا الأمر، لأن الغزيّين يكافحون يومياً لمجرد البقاء على قيد الحياة.

في إحدى محادثاتي الأخيرة جداً مع أحد قادة حماس (ليس غازي حمد)، سألتُه: هل ستسلم حماس أسلحتها إلى قوة شرطة فلسطينية جديدة تعمل في غزة تحت إشراف اللجنة الحكومية الفلسطينية التكنوقراطية الجديدة؟ هل ستوافق حماس على “تجميد” الأسلحة – وهو المصطلح الذي استخدمته حماس نفسها خلال المفاوضات؟

في أيرلندا الشمالية، قامت الجماعات المسلحة بتسليم أسلحتها إلى طرف ثالث متفق عليه، قام – بحضورها – بدفن الأسلحة وصبّ الخرسانة فوقها، بحيث يستحيل على الطرف الآخر استخدامها لاحقاً. فهل يمكن تطبيق شيء مشابه – بشرط أن تنسحب إسرائيل بالكامل إلى الحدود الدولية؟

وكان هذا جوابه:

• “لسنا مضطرين الآن إلى إعطاء موقف محدد بشأن السلاح بالذات.”

• “في المرحلة الأولى نفذنا كل ما هو مطلوب منا، بينما الاحتلال خالف وعطّل كل ما هو مطلوب منه.”

• “لذلك فإن أي حديث عن المرحلة الثانية يجب أن يكون رزمة واحدة متكاملة، وليس نقطة واحدة معزولة.”

• “لقد قلنا سابقاً إنه يجب ضبط السلاح، وألا يظهر إلا سلاح الحكومة أو الإدارة الرسمية في غزة، إلى جانب هدنة طويلة.”

هناك رسالة ضمنية مفادها أن حماس ستتخلى عن أسلحتها، أو على الأقل عن “الأسلحة الهجومية” كما وصفها الوسطاء الأمريكيون. لكن ذلك مشروط بظروف سياسية يجب أن تتحقق على الأرض. وهذا منطقي جداً. حماس لن تعترف بالهزيمة أبداً. لقد أعلنت النصر بعد انتهاء الحرب. حماس لن تستسلم لإسرائيل ولن تسلّم أسلحتها لإسرائيل.

 

أود الإشارة إلى تبادل خطابات بيني وبين اللورد جون ألديردايس، الذي كان مشاركاً بشكل مباشر في عملية السلام في أيرلندا الشمالية وفي عملية نزع السلاح هناك. (جون توماس ألديردايس، بارون ألديردايس، سياسي من أيرلندا الشمالية، شغل منصب رئيس الجمعية التشريعية لأيرلندا الشمالية وعضواً فيها عن شرق بلفاست بين 1998–2004 و1998–2003 على التوالي).

كتب اللورد جون ما يلي:

1. إن نزع السلاح في أيرلندا حدث بعد اتفاق سياسي شامل – اتفاق بلفاست/الجمعة العظيمة لعام 1998. لا يوجد اتفاق مماثل بين إسرائيل وفلسطين. مجموعة مقترحات ترامب ليست أكثر من “قائمة رغبات”.

2. تم نزع السلاح في سياق اتفاق بين الحكومة البريطانية والحكومة الإيرلندية على عملية تفصيلية لخفض الطابع العسكري، وقد تمت مراقبتها من قبلنا في لجنة IMC. لا يوجد أي اتفاق من هذا النوع بين إسرائيل والجيش الإسرائيلي.

3. نادراً ما تفكر المنظمات بجدية في نزع سلاحها حين تشعر بأنها تحتاجه للدفاع عن النفس. وهذا ينطبق بوضوح على حماس حالياً.

هذه نقاط شديدة الأهمية، وعند إسقاطها على سياق إسرائيل–غزة، أو إسرائيل–فلسطين، يجب أن نفهم التالي: طالما بقي هناك وجود عسكري إسرائيلي داخل غزة، أو طالما بقيت إسرائيل تتحكم في ممرات الدخول والخروج من غزة، فمن غير المرجّح أن توافق حماس على أي عملية لنزع أو تسليم أسلحتها.

 

هذه هي الحدود الدنيا التي أعتقدُ أنه يجب تحققها كي تلتزم حماس بمطلب إسرائيل والولايات المتحدة (ومعظم سكان غزة) بتسليم أسلحتها لطرف ثالث، سواء كان فلسطينياً أو لجنة أجنبية:

• يجب أن تكون هناك حكومة فلسطينية فاعلة في غزة مسؤولة عن إدارة الشؤون اليومية، كما نصّت خطة ترامب وقرارات مجلس الأمن.

• يجب نشر قوة شرطة/أمن فلسطينية جديدة تعمل تحت سلطة حكومة غزة الجديدة.

• يجب نشر قوة استقرار دولية تشكّل حاجزاً فعلياً يمنع أي هجمات أو توغلات إسرائيلية في غزة.

• يجب إنهاء الحصار عن غزة. يجب السماح بدخول وخروج البضائع والأشخاص كما يحدث في كل دول العالم، وفق الإجراءات الأمنية اللازمة، لكن غزة يجب أن تُفتح للعالم ولأهلها.

• يجب انسحاب كامل للجيش الإسرائيلي من غزة إلى الحدود الدولية. (وفهمي أن حماس توافق على “منطقة عازلة بلا دخول” على الحدود مع غزة، مع أوامر إطلاق نار فوري، ولكن دون أي وجود فعلي للجيش داخل غزة).

في بعض اتصالاتي مع قادة حماس، قال بعضهم إن عملية سياسية أوسع لإنهاء الاحتلال (احتلال 1967) يجب أن تكون جارية كي تقبل حماس بإنهاء “المقاومة المسلحة”. لست متأكداً أن هذا ما يفهمه الأمريكيون من محادثاتهم مع الوسطاء. لا شك أن الوسطاء سيكون لهم دور بالغ الأهمية في ضمان وجود عملية نزع سلاح. ولا أعتقد أن أي حكومة إسرائيلية ستقبل بوجود أسلحة هجومية لدى حماس في غزة مع بنية تحتية تحت الأرض يمكن أن تُعاد بناؤها وتهدد إسرائيل لاحقاً.

لا أعتقد أن هناك محادثات جرت مع حماس حول استمرار كفاحها المسلح في الضفة الغربية والقدس الشرقية. مع دخولنا المرحلة الثانية من اتفاق وقف إطلاق النار، ينصب التركيز كله على غزة. حماس ترى أن معركة التحرير تمتد إلى ما بعد غزة، ومن يتابع قنوات حماس على تلغرام، وخاصة قناة “حماس الضفة الغربية” (بالعربية)، يرى بوضوح أن موقف حماس من استخدام العنف في الضفة الغربية لم يتغير. حماس تملك نفوذاً سياسياً وعسكرياً محدوداً في الضفة، والعديد من قادتها هناك في السجون، سواء الإسرائيلية أو التابعة للسلطة الفلسطينية، ومع ذلك فإن قيادة حماس في الضفة تُدار من الخارج، والمال والمواد يصلون إليها بطرق مختلفة. كما أن الدعم الشعبي لحماس في الضفة يتراجع، لكن طالما يستمر الوضع الكارثي في الضفة: — أكثر من 1000 فلسطيني قُتلوا خلال العامين الأخيرين على يد مستوطنين وجنود، — بناء 130 بؤرة استيطانية جديدة، — تدمير آلاف أشجار الزيتون، — إحراق المنازل والسيارات والممتلكات الخاصة، — مصادرة أراض فلسطينية خاصة بمساعدة الجيش، — انهيار اقتصادي ونظام مصرفي على وشك الانهيار بفعل سياسات وزير المالية سموتريتش… فستستمر حماس وغيرها من الجماعات المؤيدة للعنف في الوجود.

 

باختصار:

إن نزع سلاح حماس ممكن، لكنه سيستغرق وقتاً، ويتطلب تنفيذ عناصر أخرى من اتفاق وقف إطلاق النار. إن قضية نزع سلاح حماس هي جزء من عملية سياسية أوسع يجب أن تحدث كي تتعاون حماس مع عملية تسليم أسلحتها.