المعرفة المطوّرة للتفكير  في تجربة ملكة سبأ

يوليو 22, 2025 - 08:06
المعرفة المطوّرة للتفكير  في تجربة ملكة سبأ

المعرفة المطوّرة للتفكير 
في تجربة ملكة سبأ
محمد قاروط أبو رحمه
(الملخص: المعرفة المطورة للتفكير تنمي الوعي. والمعرفة التقريرية تملا الذاكرة)
لقد بذلت جهدا لإظهار الوعي في تجربة ملكة سبأ التي وثقها القران الكريم بايات في سورة النمل. آيات نتعبد بها ونتعلم منها الى يوم القيامة. 
ولان تنمية الوعي لا تتم بالمعرفة التقريرية، فان اظهار المعرفة المطورة للتفكير في سيرة ملكة سبأ كان هدفا من اهداف كتابة هذا الكتيب.
أظهرت المعرفة المطورة للتفكير في الكتيب في مستويات متعددة، وقد حرصت عن الابتعاد عن تقديم سردًا قصصيا للمعلومات فحسب او تفسيرا للقران الكريم.
بل قمت بكتابة نص مستند الى تحليل الآيات القرآنية لتوليد تفكير مركّب، تحليلي، وتأمّلي، يُنمي العقل ويعيد تشكيل مفهوم القيادة عند القارئ.
والمقصود بالمعرفة المطوّرة للتفكير هي المعرفة التي لا تكتفي بعرض المعلومة، بل تدفع القارئ والمتعلم إلى التحليل، والنقد، والربط، والمقارنة. 
وتتجاوز الفهم السطحي إلى فهم أعمق يؤسس للقرار والرؤية. وتُنمّي مهارات التفكير العليا مثل: الاستدلال والتقييم، والاستشراف.
وتظهر المعرفة المطورة للتفكير في الكتيب من خلال، تحويل القصة القرآنية إلى منهج قيادي تطبيقي، لا يُقدّم قصة ملكة سبا كمعلومة، بل يُحوّلها إلى بنية فكرية قيادية. 
ان المعرفة المطورة للتفكير هي التي تنمي التفكير، وذلك من خلال، ربط النص بالواقع. وتجاوز الحفظ إلى التحليل والاستنباط. وتحليل المفردات القرآنية (مثل: أحطت، فمكث، عرش، رسالة)، وكل كلمة حللتها وتعلمت منها بعد قيادي معرفي، ويترك منهج التحليل والاستنباط الأثر في تنمية التفكير، حيث يولّد حسًا لغويًا تحليليًا. ويدرب العقل على قراءة ما وراء الكلمة. ويستخدم الأسئلة الضمنية في البناء المعرفي، مثل: لماذا استشارت ملكة سبأ وهي ملكة؟ لماذا لم يفرض سيدنا سليمان على قوم سبأ وملكتهم الإسلام بالقوة؟ لماذا أعطى سيدنا سليمان الهدهد مساحة للحديث؟ وهل ما قاله الهدهد حجة غياب، ام رسالة تحدي لسليمان؟ وكيف ظهر الثبات العاطفي والوجداني عند الهدهد وملكة سبأ؟ ولماذا مكث الهدهد غير بعيد؟ ولماذا كشفت ملكة سبأ عن ساقيها، ولم تخلع حذائها؟ 
تترك الأسئلة الضمنية الأثر في تفكير القارئ وتحرّضه على إنتاج أسئلته الخاصة، كما وينقل المتعلم والقارئ من موقف المتلقي إلى المفكر النشيط.
وتساعدنا المعرفة المطورة للتفكير على استخراج المبادئ من المواقف وتجارب غيرنا، حيث حولنا كل مشهد قرآني الى: مبدأ قيادي يُمكن إسقاطه في الحياة اليومية المعاصرة. 
تساعدنا المعرفة المطورة للتفكير على تطوير قدرتنا على التعميم والتجريد. من خلال الربط بين السياق النصي والسياق الواقعي. 
ومن خلال المعرفة المطورة للتفكير، نستطيع دمج الأخلاق بالحكم والقيادة بالتحليل وليس بالوعظ والقاء الخطب. والأخلاق ليست مجرد دعوة تطهريه، بل نحللها كسلوك قيادي له أثر ونتائج. 
ان دمج الاخلاق بالحكم والقيادة يساهم في تنمية القيادة الأخلاقية من خلال بناء فكر أخلاقي عملي لا خطابي. ويعلّم المتعلم والقارئ التفكير الأخلاقي المنهجي.
اما المقارنات بين ملكة سبأ وسيدنا سليمان عليه السلام في مسألتي الإخضاع والإقناع، والموارد والسيطرة وفن الأسئلة والاجوبة، يساعدنا على تطوير قدرتنا في تعزيز التفكير المقارن والتقويمي. وتعميق مهارة وزن البدائل. وتوليد أسئلة مفتوحة مستقبلية. وفي نهاية كل موقف كنت اسال ذاتي: ماذا لو كنت مكان ملكة سبأ؟، هل أستخدم الحوار ام القوة؟ ماذا لو كنت مكان سيدنا سليمان؟ هل ستخضعها ام تقنعها؟ 
تساهم المعرفة المطورة للتفكير بتنمية القدرة على طرح الأسئلة المفتوحة والتفكير المقارن والتقويمي مما يوسع أفق التفكير الاستشرافي، وتربية ملكة التنبؤ وتحليل التوقعات. 
عودة الى الفرق بين المعرفة الناقلة التقريرية، والمعرفة المطورة للتفكير في تجربة ملكة سبأ. 
الكتب العادية تقدمها قصة، نحن قدمناها تجربة. التجربة نتعلم منها التفكير، وكيف نطور التفكير من اجل الإنجاز في الحاضر. والقصة نتعلم منها تاريخ ومواعظ.  
والمعرفة الناقلة تلخص القصة وتشرحها، والمعرفة المطورة تحوّل القصة إلى منظومة تفكير تطبيقي، حيث يتم تحليل كل موقف واستخلاص مبدأ منه لحياتنا المعاصرة. والقصة تهدف الى الحفظ المطلوب واستظهار التفاصيل، اما التفكير فالمطلوب فيه الاستنتاج، النقد، التقييم️، فكل درس قائم على مهارة تفكير مختلفة
الخلاصة: لا يُعطي الكتيب القارئ الكريم اجوبه، بل يُشركه في إنتاجه. لا يُلقن، بل يُحفز الذهن على الربط والاستنتاج. لا يقف عند: ماذا قالت ملكة سبا، او الهدهد، او سليمان، او الملا؟ بل ينتقل القارئ إلى لماذا قالوا؟ وماذا يعني ذلك لنا اليوم؟
امل ان يساهم هذا الكتيب في بناء معرفة مطوّرة للتفكير لأنه: 
كتاب يبني الوعي، ولا يملأ الذاكرة فقط.
كتيب المفاوضات والحكم والقيادة: دروس من تجربة ملكة سبأ
تأليف: محمد قاروط أبو رحمه.
اصدار: دار البيرق العربي للنشر والتوزيع، رام الله فلسطين، 2025