غزة تختنق بيئياً: حين تصبح الأرض والهواء والبحر جبهات الحرب

يوليو 21, 2025 - 14:12
غزة تختنق بيئياً: حين تصبح الأرض والهواء والبحر جبهات الحرب

قطاع غزة - خاص براديو وتلفزيون كل الناس وشبكة معاً الإذاعية وفضائية معاً – اعداد :  رهف جيتاوي

منذ بداية الحرب المستمرة على قطاع غزة، لم يقتصر الدمار على استهداف المنازل والبنية التحتية والمؤسسات، بل امتد ليشمل البيئة بمكوناتها كافة: الأرض، والمياه، والهواء، والبحر.
تشير المعطيات إلى أن التدهور البيئي في القطاع بلغ مستويات غير مسبوقة نتيجة القصف المباشر لمحطات المياه والصرف الصحي، وتدمير الأراضي الزراعية، وتلوث مصادر المياه، إضافة إلى الانهيار شبه الكامل في منظومة الغذاء.

وفي لقاء خاص عبر برنامج "محطات" في راديو وتلفزيون كل الناس وشبكة معاً الإذاعية وفضائية معاً، سلّط الأستاذ عبد الفتاح عبد ربه أستاذ العلوم البيئية في الجامعة الإسلامية في قطاع غزة، الضوء على الانعكاسات البيئية الكارثية للحرب محذرًا من أن القطاع يواجه كارثة بيئية مركّبة، تهدد الإنسان والطبيعةمعًا.

تدمير ممنهج للبنية البيئية:

قال الأستاذ عبد ربه إن نحو 80% من البنية البيئية في قطاع غزة دُمرت، بما يشمل شبكات الصرف الصحي، ومحطات تحلية المياه، والبنية التحتية الزراعية, وأضاف أن القصف المتكرر طال المرافق الأساسية، ما أدى إلى تدفق مياه الصرف الصحي في الشوارع، وتحولها إلى مصدر رئيسي للأمراض.

أزمة مياه خانقة:

أشار عبد ربه إلى أن معدل استهلاك الفرد في غزة لا يتجاوز 7 لترات من المياه يوميًا، في حين أن منظمة الصحة العالمية توصي بألا يقل الحد الأدنى عن 50 لترًا للفرد. وأكد أن معظم المياه المتوفرة ملوثة كيميائيًا وبيولوجيًا، نتيجة تعطل أنظمة التعقيم والمعالجة الأمر الذي يهدد حياة المصابين بالأمراض المزمنة والأطفال على حد سواء.

انهيار القطاع الزراعي:

تعرضت الأراضي الزراعية لما وصفه عبد ربه بـ"التصحر الكامل"، إذ فقدت قدرتها الحيوية نتيجة القصف والتجريف، مشيرًا إلى تدمير مزارع الدواجن والمواشي والنحل بشكل شبه تام، ما تسبب في غياب شبه كامل لمصادر البروتين الحيواني، وارتفاع أسعار المواد الغذائية لمستويات غير مسبوقة.

البحر محاصر...والغذاء شحيح:

منعت قوات الاحتلال الصيادين من دخول البحر, وأطلقت النيران على المتنزهين على الشاطئ، مما قلّص كميات الأسماك المتوفرة. وأوضح عبد ربه أن سعر بعض أنواع الأسماك بلغ 400 شيكل للكيلوغرام الواحد، مقارنة بـ30 شيكلًا قبل الحرب، مضيفًا أن سكان القطاع يعانون من نقص حاد في البروتينات، ما أدى إلى تدهور صحي كبير خاصة بين الجرحى والحوامل.

تلوث بيئي وصحي شامل:

تتكدس النفايات الصلبة في الشوارع بعد استهداف مكب النفايات الرئيسي جنوب القطاع، وتُضاف إليها ملايين الأطنان من الركام الناتج عن القصف. وتحدث عبد ربه عن استخدام الاحتلال لقذائف مدعمة باليورانيوم، ما يشير إلى خطر تلوث إشعاعي طويل الأمد.

تدهور التنوع البيولوجي:

شهد الغطاء النباتي والحيواني في غزة انهيارًا حادًا، مع تراجع أعداد الطيور البرية والحيوانات النادرة، ولجوء بعض السكان إلى صيد وأكل أنواع غير مألوفة من الكائنات البحرية والبرية لسد النقص الغذائي، بما في ذلك الدلافين والقنافذ البرية.

تأثير نفسي واجتماعي:

أشار عبد ربه إلى ما وصفه بـ"التلوث البصري" الناتج عن مشاهد الدمار والركام والمجاري، والذي يترك آثارًا نفسية عميقة، خاصة لدى الأطفال.

 ولفت إلى أن كثيرًا من العائلات تعاني من الاكتئاب والانهيار النفسي بسبب الظروف المعيشية الصعبة.

تشير الوقائع الميدانية وشهادات الخبراء إلى أن قطاع غزة يواجه كارثة بيئية غير مسبوقة، تتجاوز آثارها فترة الحرب الحالية. فالتدهور الشامل في كل مكونات البيئة ينذر بأزمة طويلة الأمد، قد تستمر آثارها لسنوات مقبلة، ما لم يُتخذ تدخل عاجل وحقيقي من قبل المؤسسات الدولية لإنقاذ ما تبقى من الحياة في غزة.