أهمية الحفاظ على جودة وسلامة المنتج الوطني لزيادة الإقبال عليها

يوليو 6, 2024 - 10:17
أهمية الحفاظ على جودة وسلامة المنتج الوطني لزيادة الإقبال عليها

د. عقل أبو قرع

حسب معطيات وزارة الاقتصاد الوطني، فقد تم اتلاف حوالي 93 طناً من المنتجات الإسرائيلية كنتاج لحملات المقاطعة خلال الأشهر الماضية. ويتضح من معطيات رسمية وغير رسمية أن هناك اقبالاً متواصلاً أو مستداماً على المنتجات الوطنية، بدأ مع بداية الحرب على قطاع غزة، مع زخم متزايد في ظل مقاطعة المنتجات الأخرى، وهذا الزخم المتزايد يشمل الإقبال على المنتجات الوطنية أو المنتجات التي يتم تصنيعها محلياً، أو تلك التي حسب ما أصبح دارجا يدخل في مكوناتها النهائية حوالي 30% أو اكثر من المدخلات المحلية أو من المصنعة محلياً. هذا الزخم ولكي يتواصل ويتعمق ويصبح توجهاً مستداماً عند المواطن أو عند المستهلك يحتاج إلى تواصل الحملات وإلى خطط وتركيز على جودة وسلامة المنتج الوطني وعلى وجود برامج شاملة تهدف إلى دعم المنتج الوطني منذ بداية التصنيع وحتى الترويج له للمستهلك وفي الأسواق.


ما من شك أن المنتجات الوطنية التي يتم انتاجها محلياً وبأنواعها، قد تطورت وتحسنت من ناحية الجودة والنوعية ومحاولة التوازن مع منتجات غير وطنية، أي مستوردة، سواء من إسرائيل أو من الخارج، وأنها قطعت شوطاً من السهل إثباته من خلال الفحوصات أو عن طريق الالتزام بالمواصفات والشروط المحلية والدولية. ورغم التقدم واستثمار الكثير من الأموال والكفاءات البشرية والتكنولوجيا من أجل مواكبة المنتجات الأخرى، إلا أنها لم تستطع حتى الآن الاستحواذ على أولويات المستهلك الفلسطيني، وبالتالي تبوّء المركز الأول في السوق الفلسطينية، وهذا ينطبق على الصناعات المحلية المختلفة.


ومن أجل ـن يتواصل الإقبال وبشكل مستدام على المنتجات الوطنية، فإن ذلك من المفترض أن يبتعد عن الدعوات الشكلية بالاقبال عليه، وبأن تأخذ استراتيجية الأولوية للمنتجات الوطنية عدة أمور وجوانب، من أهمها الحاجة إلى وجود مرجعية أو اطار وطني شامل يقف ويتابع الاستراتيجية، وليس فقط الشعارات التي اعتدنا عليها، وينسق الخطوات، ويدرس الظروف والبدائل، ويحدد المعيقات والمشاكل، ويعمل على وضع الأسس الموضوعية لضمان استمرار الإقبال على المنتج الوطني، وهذا الإطار من المفترض أن يعمل على أرضية الفوائد أو الإيجابيات التي يمكن أن تؤدي إليها حملات تشجيع المنتجات الوطنيه للناس، سواء على صعيد المستهلك الفلسطيني، أو التاجر، أو االقطاع الخاص، أو القطاع العام.

والتوجه إلى المستهلك أو المواطن الفلسطيني، والذي هو اللبنة الأساسية لنجاح هذه الحملات، كما كان وسوف يكون الحجر الأساس لنجاح حملات أخرى، في الماضي أو في المستقبل. هذا المواطن، من المفترض أن يتم التواصل معة وبشكل فعّال، سواء من أجل توعيتة أو إقناعة بأهمية وبفوائد هذه الحملات، وبأن يتم التبيان له أهمية ذلك من النواحي المختلفة، أو حتى إرشاده للبدائل المتوفرة، تلك البدائل التي هو في حاجة إليها، أي البدائل التي يتم تصنيعها محليا، سواء أكانت هذه البدائل منتجات غذائية، أو دوائية، أو مستحضرات تجميل، أو مواد بناء وإنشاءات، أو خضار، أو فواكة، وما الى ذلك.
والتواصل الفعال مع التاجر أو المستوردين من التجار، وإعلامهم بوجود البدائل الوطنية التي تتمتع بالجودة والسلامة والسعر المناسب، والذي يمكنهم من إحضارها وعرضها في محلاتهم ومن ثم بيعها للمستهلك أو الزبون، الذي اعتاد أن يتعامل معهم، وإذا حدث وأن قمت بزيارة إلى محلات تجارية في إحدى المدن أو القرى الفلسطينية، فأنك سوف تجد بضائع خارجية من أنواع مختلفة، وإذا سألت التجار أو الموردين عن ذلك‘ فسوف تكون الإجابة بعدم وجود بدائل، أو ضعف الجودة، أو استمرارية طلب المستهلك للبضائع الأجنبية، أو حتى عدم اقتناع التاجر بجدوى أو فعالية أو أهمية حملات الإقبال على المنتجات الوطنية.


ولكي ينجح المنتج الوطني وبشكل مستدام كبديل، ومن ثم يبقى أو يستديم كبديل للمنتج الأجنبي مهما كان مصدره، من المفترض أن يكون ذلك على أسس صحيحة، وأهمها التركيز على الجودة أو النوعية، أي على كفاءة وفائدة المنتج أسوة بالمنتجات المستوردة، وبالاضافة إلى الجودة أو النوعية، التركيز كذلك على سلامة أو على أمان أو على عدم خطورة المنتج الوطني، ولتحقيق ذلك كان من المفترض العمل المتواصل من قبل الجهات المعنية، لترسيخ هاتين الصفتين للمنتج الوطني، أي الجودة والسلامة، في أذهان المستهلك الفلسطيني، والتاجر الفلسطيني والمنتج وصاحب القرار.


وموضوع التلاعب بالأسعار، وبدون رقابة أو دون الأخذ بالاعتبار وجود رقابة، سواء من حيث رفعها، أو ربما من حيث تخفيضها وإغراق السوق بمنتجات إسرائيلية مثلاً بأسعار رخيصة لابعاد المستهلك عن المنتجات الوطنية، كما يبدو أنه حدث في حالات معينه في الماضي، من خلال إغراق السوق الفلسطينية بالخضار والفواكة الإسرائيلية، والادعاء انه لا يوجد بديل أو كمية كافية من الانتاج الوطني المشابه، وبالتالي من المفترض أن تعمل الجهات الرسمية والشعبية، وبحزم في هذا الصدد لكي لا تحدث عملية إغراق الأسواق بمنتجات أجنبية مختلفة.

وكما لعبت هذا الدور جيداً خلال فترة الحرب المتواصلة على قطاع غزة، فإن دور وسائل الإعلام وبأنواعها المختلفة، والتي هي ضرورية لبدء ومن ثم استمرار ونجاح حملات الإقبال على المنتجات الوطنية، دورً هاماً، يجب أن يتواصل وحتى مع الانتهاء من الحرب، وكذلك من أجل ترسيخ ثقافة حماية المستهلك وفي بناء خطوط التواصل معه، سواء من خلال عملية صياغة أو تحرير الأنباء التي تصل إليه، أو حول اكتشاف وإتلاف المواد الفاسدة من أغذية وأدوية، أو التلاعب بالأسعار، أو وجود البدائل، او تلك المعلومات التي يحصل عليها بشكل مباشر. وهذا يشمل الصحف المحلية والإذاعات والتلفزيون، والأهم المواقع الإخبارية، ومواقع التواصل الاجتماعي.


وبالإضافه إلى السوق المحلية، ولكي تصل المنتجات الوطنية وبشكل مستدام إلى الأسواق الخارجية وتنافس وتنجح، فيجب أن تلبي مواصفات وشروط تلك الأسواق، وهذا على سبيل المثال، ولتصدير منتجات زراعية فلسطينية إلى أسواق أوروبية أو أمريكية، يتطلب إجراء الفحوصات الضرورية لبقايا المبيدات والمواد الكيميائية في المحاصيل الزراعية أو منتجات التصنيع الغذائي.


إن اتباع المواصفات فيما يتعلق بالتعبئة والتغليف والتخزين وما إلى ذلك، يعني وجود المختبرات المؤهلة والمعتمدة لإجراء الفحوصات، ويعني كذلك وجود الكفاءات المدربة والمعدة للقيام بذلك، وهذا يعني كذلك توفر المصداقية والنزاهة والاعتراف بذلك من الجهات المستوردة، والأهم كذلك وجود الجهة التي ترعى وتدعم استراتيجية التصدير وفتح أسواق جديدة.


ولكي يتواصل زخم الإقبال المستدام على المنتجات الوطنية، كما لاحظنا خلال الأشهر التسعة الماضية، ولكي تواصل المنافسه، من المفترض أن تعمل كافة الأطراف ذات العلاقة، سواء كانت جهات رسمية أو مؤسسات شعبية، إلى تشكيل إطار يحوي خبراء ومختصين وناشطين، يعمل على وضع أسس موضوعية، تكفل الاستمرار والاستدامة والتوسع في حملات تشجيع المنتجات الوطنيه، وبأن تشمل هذه الأسس توفير البدائل، والتركيز على جودة المنتجات المحلية، ومراقبة الأسعار، وإعطاء الأفضلية للمنتج الوطني، وإجراء الفحوصات المخبرية، والتركيز على مواصفات وطنية تحمي المنتج المحلي، وكذلك تفعيل التواصل مع المستهلك ومع التاجر ومع المورد أو المستورد، لكي ترسخ المنتجات المحليه الأولوية، وبشكل مستدام عند المواطن الفلسطيني، وما لذلك من تبعات إيجابية على الاقتصاد والأمن الغذائي والبطالة، وفتح فرص العمل.

...............
ما من شك أن المنتجات الوطنية التي يتم انتاجها محلياً وبأنواعها، قد تطورت وتحسنت من ناحية الجودة والنوعية ومحاولة التوازن مع منتجات غير وطنية، أي مستوردة، سواء من إسرائيل أو من الخارج.