كيف أُفشل خيار أوسلو وخيار المقاومة؟ بين الأصوليات المتقابلة وتهديد المشروع الوطني الفلسطيني
الكاتب: عبد الله كميل
الفلسطينيون بين خيارين فاشلين
لقد أصبح الفلسطينيون بين خيارين فاشلين؛ فالخيار السياسي التفاوضي فشل، والخيار البديل أكثر فشلاً، ولكن يبرز السؤال الهام: كيف دخل الفلسطينيون بخياراتٍ فاشلة؟ وما الذي أدى إلى هذا الفشل الكبير؟ وهل هنالك خيارٌ ثالث؟!
فالعملية السياسية فشلت لأسباب ترتبط ببرنامجين أصوليين يرفضان أيّ حل سياسي للقضية الفلسطينية قائم على قرارات الشرعية الدولية.
الأصوليات المتقابلة: اليمين الإسرائيلي وحماس
وهي برنامج اليمين الإسرائيلي المتطرف الذي يضم أطيافاً من الأيديولوجيات مثل: القومية اليهودية المتطرفة، تفوق اليهود، الفاشية اليهودية، الأصولية اليهودية، ومعاداة العرب، وبرنامج حركة حماس الأصولي.
حيث إن كلا الاتجاهين التقيا على رفض اتفاقيات أوسلو التي تم توقيعها بين ياسر عرفات رحمه الله وأبو مازن من جهة، وإسحاق رابين وشمعون بيريز من جهة أخرى، وذلك في ظل سيطرة اليسار الإسرائيلي على النظام السياسي في دولة الاحتلال.
اغتيال رابين وعمليات التفجير: ضرب المسار السياسي
لقد جُنّ جنون اليمين الإسرائيلي من جهة، وحركة حماس ومعها بعض القوى الأخرى من الجهة الثانية؛ حيث قام أحد نشطاء اليمين الإسرائيلي وهو إيغال عامير باغتيال رئيس الوزراء الإسرائيلي إسحاق رابين رفضاً للاتفاق مع الفلسطينيين.
وبالمقابل، عبرت حماس عن رفضها للحل السياسي بعملياتها التفجيرية التي شملت المطاعم ومحطات الباصات ومراكز تجمعات المدنيين في إسرائيل، علماً أن الإخوان المسلمين الذين انبثقت منهم حماس كانوا يرفضون الانخراط بالعمل العسكري في إطار منظمة التحرير قبل اتفاقية أوسلو.
توظيف العمليات لصالح اليمين الإسرائيلي
وقد أدى ذلك إلى استغلال اليمين لهذا النوع من العمليات، وأظهر أن حماس كان شغلها الشاغل مناكفة منظمة التحرير، وكانت أخطر المحطات عندما أوصلت العمليات بنيامين نتنياهو إلى سدة الحكم عام 1996.
وذلك وفق اعتراف متلفز من قبل القيادي في حماس باسم نعيم، الذي أكد بأن حماس كانت سبباً في إسقاط شمعون بيريز وإيصال بنيامين نتنياهو إلى رئاسة الحكومة الإسرائيلية.
تدخل حماس في الانتخابات الإسرائيلية
كما كشف جهاز المخابرات الفلسطيني عن رسالة موجهة من خالد مشعل لقادة كتائب القسام في العام 1996، طلب منهم فيها تسديد ضربات موجعة في العمق الإسرائيلي قبل الانتخابات، بهدف تغيير مزاج الناخب الإسرائيلي لصالح اليمين.
وقد أكد ذلك اللواء غازي الجبالي قائد الشرطة الفلسطينية آنذاك في مؤتمر صحفي، حيث أشار إلى اكتشاف تدخل حماس في الانتخابات الإسرائيلية لصالح اليمين، وهو ما أدى إلى فوز نتنياهو.
من إفشال أوسلو إلى هيمنة اليمين
ومن هنا بدأت الحكاية، حيث تزايد نفوذ اليمين في إسرائيل حتى سيطر على كل شيء، وكان ذلك نتاج استخدامات حماس للمقاومة بشكل استغله المتطرفون.
وكما اتضح، فإن حماس كانت معنية بإسقاط خيار منظمة التحرير تحت شعار المقاومة، لأن نجاح هذا الخيار يعني بالضرورة فشل خيار حماس.
أسئلة محرجة حول التناقض السياسي
وهنا تبرز أسئلة مشروعة قد تغضب من لا يملكون الفهم السياسي والوطني والقانوني: هل يُعقل أن يكون هناك تفاوض وتطبيق لخطة متدحرجة باتجاه سيطرة السلطة الفلسطينية على الأراضي في الضفة الغربية وقطاع غزة، والإفراج عن الأسرى، ووقف الاستيطان، في ظل عمليات تفجيرية يقوم بها طرف فلسطيني؟
من الانقسام إلى السيطرة على غزة
لو كانت حماس معنية بالوصول إلى الدولة وفق رؤية ياسر عرفات، لما قامت بعمليات الخرق للتعهدات التي التزم بها عرفات، فقد كانت هذه العمليات مبرراً لتنصل إسرائيل من الاتفاقيات وتراجع العملية السياسية.
وقد انعكس ذلك على الجبهة الداخلية الإسرائيلية والفلسطينية، وصولاً إلى فوز حماس في الانتخابات التشريعية ثم الانقضاض على السلطة بقوة السلاح في قطاع غزة.
الحروب المتكررة وكارثة السابع من أكتوبر
فمنذ سيطرتها على قطاع غزة، خاضت حماس العديد من الحروب غير المتكافئة مع إسرائيل، وكانت النتائج دوماً مزيداً من الدمار وآلاف الضحايا.
حتى وصلت الأمور إلى السابع من أكتوبر 2023، الذي شكّل الحلقة الأخيرة من الكوارث التي حلّت بالشعب الفلسطيني، وانعكس ذلك سياسياً عبر خطة ترامب التي قبلتها حماس.
إفشال الخيارين: السياسي والمقاوم
إذن نحن أمام خيار سياسي أفشلته حماس واليمين الإسرائيلي، وخيار مقاومة أفشلته حماس بنفسها، ويتجلى ذلك في قبولها خطة ترامب ومطالبتها بهدنة طويلة.
بل واستجدائها عبر خالد مشعل الولايات المتحدة مطالبة بطي صفحة الماضي، ومقارنتها نفسها بتجربة الرئيس السوري أحمد الشرع.
ماذا بعد؟ وأي طريق نسلك؟
فهل بدأتم بطعن توجهات ياسر عرفات وأبو مازن وإفشالها عبر ما يسمى بخيار المقاومة من أجل الوصول إلى هذه النتائج؟ وماذا بعد؟!
مقارنة النتائج: أوسلو أم خيار حماس؟
لو قارنا ما جلبته أوسلو (الفاشلة!!!!!) أو التي أفشلتموها، وبين خياراتكم، لوجدنا أن أوسلو جلبت أول سلطة فلسطينية على أرض فلسطين، وكانت نواة للدولة، وأعادت 550 ألف فلسطيني من الخارج، وأقامت مطار رفح، وأسهمت في بناء قطاع غزة، وأفرجت عن أكثر من عشرة آلاف أسير.
كما حدّت من الاستيطان، حتى أصبحت قضية بناء عشر وحدات سكنية عام 1996 قضية عالمية،والمجال لا يتسع لحصر الكثير من الانجازات التي حققتها اتفاقات اوسلو المؤقته والتي لو أتيح لها المجال للاستمرار لكان الفلسطينيون الان بدولة مستقلة لاسيما أن ما وصل إليه الرئيس أبو مازن وأولمرت كان قريب جداً من الدولة أما الخيار الاخر فيكفي ما يعيشه الان الفلسطينيون كنتائج للحديث عنه..
الدولة الواحدة أم المجهول؟
وأمام فشل الخيارين السياسي والعسكري، وأمام رفض إسرائيل، بالرغم من قبول حماس بدولة على حدود الرابع من حزيران 1967، يبرز السؤال: ما الحل؟
هل الحل يكمن في دولة واحدة يعيش فيها الفلسطينيون والإسرائيليون تحت نظام أبارتهايد شبيه بنظام بريتوريا العنصري الذي سقط في جنوب أفريقيا؟!





