خريطة نتنياهو استمرار لمسلسل الكذب والادعاء
بهاء رحال
يَحسبُ العالم على هواهُ ومزاجهِ العنصريِ الحاقد، ويرى في صمت العالم ما يبررُ أفعالهِ ويدعمُ صَلفه، ويتفتل وفي يدهِ عصاً على مسرح الادعاء والكذبْ، أمامَ الفضائيات وجمهور الصحفيين، وهو يحكي قصصًا كاذبة، كعادتهِ فهو لا ينطقُ إلا كذبًا، ويكادُ العالم يصدقهُ لولا أن الحقائق تفضح كل أكاذيبهِ على الأرض، ويسرد كلامه الذي لم يحمل جديدًا، بل جاء ليؤكد كما في كل مرة، أنَّه يرفض أيّ وقف للحرب، ولا يزال يضع كل العقد والعصيّ في دواليب عجلة الصفقة حتى لا تتحرك.
بالأمس جدد نتنياهو استعراض أكاذيبه، حين قدم عرضًا بهلوانيًا لما يزعم بأنه خطر حقيقي متمثل بضرورة بقاء قوات جيش الاحتلال، فيما يعرف بمحور فيلادلفيا على الحدود مع الشقيقة مصر، وسريعًا خرجت التصريحات من داخل إسرائيل والتي طالبته بالتوقف عن نشر الأكاذيب، والإسراع في الموافقة على صفقة التبادل، والانصياع لمطالب الشارع الذي خرج في تل أبيب يطالبه بإبرام الصفقة، ولأن المقاومة تشترط الانسحاب من محور فيلادلفيا، فإن رفض نتنياهو يؤدي إلى عرقلة المفاوضات بالوساطة الأمريكية المصرية القطرية، ويدفع كما في كل مرة بالفشل.
يهرب نتنياهو من خصومه حين يجادلوه بالحقيقة، وما يقال حول أن هذا المحور لا يشكل أي دعم للمقاومة بل إن عشرات سيارات التيوتا بيضاء اللون، التي اجتازت حدود القطاع يوم السابع من أكتوبر قدمت إلى غزة عبر ميناء حيفا، ومن ثم إلى المعابر المرتبطة بالحدود مع دولة الاحتلال، وأن مئات ملايين الدولارات كانت تدخل عبر مطار اللد، بحقيبة يد العمادي الذي كان يوصلها إلى غزة بمعرفة مباشرة من نتنياهو وحكومته، وأن طيلة الأشهر الماضية في البحث حول الأنفاق في محور فيلادلفيا وارتباطها بمصر فشلت، ولم يعثروا على نفق واحد يمتد إلى داخل الحدود مع الشقيقة مصر، وأن تمسكه ببقاء جنوده في فيلادلفيا لا يعني إلا عزمه إفشال أيّة صفقة وأيّ اتفاق، من شأنه وقف حرب الإبادة.
مشهد تمثيلي ساخر هزيل، حين وقف يعرض للصحفيين حول محور فيلادلفيا، متعمدًا إظهار خريطة فلسطين كما يراها من زاوية عنصرية، لا كما هي وفق قرارات مجلس الأمن الدولي، ووفق اعتراف الشرعية الدولية، حيث تجاهل الضفة والقدس، وعرضها وكأنه ضمها وقضمها، بما يلتقي مع أفكاره المتطرفة التي تعبر عن عقيدة اليمين المتطرف داخل دولة الاحتلال، أمثال بن غفير وسموتريتش وغيرهم ممن يروجون لأفكار ضم الضفة، والاستيلاء على أراضيها، وطرد وتهجير الشعب الفلسطيني.
نتنياهو جدد أكاذيبه بالأمس، كما جدد هدفه بإطالة أمدّ حرب الإبادة الجماعية، والمضي قدمًا في تصعيد الأوضاع في الضفة والقدس، غير مبالٍ ولا مكترثٍ بأيّ شيء، وضارب العالم كله بقراراته وأفكاره العنصرية، مستندًا على أمريكا ودعمها المنحاز، ومتأكدًا من حالة الضعف العربي والإقليمي، ومع مرور الأيام يزداد نتنياهو توحشًا وصلفًا وهستيرية. ما لم يصحُ العالم من غفلته، ويستفيق لدرء هذا الخطر العنصري الحقيقي الذي يتهدد البلاد والعباد. فهل سيبقى هذا العالم الصامت على حاله؛ أم تتغير مواقفه ويعود إلى رشده؟!
.............
عشرات سيارات التيوتا البيضاء، التي اجتازت حدود القطاع يوم 7 أكتوبر قدمت إلى غزة عبر ميناء حيفا، ومن ثم إلى المعابر المرتبطة بالحدود مع دولة الاحتلال، ومئات ملايين الدولارات كانت تدخل عبر مطار اللد، بحقيبة يد العمادي.