قرارات توسيع الاستيطان إمعانٌ في التطرف
صادق ما يسمى مجلس التخطيط الاستيطاني يوم أمس، على بناء نحو 3500 وحدة استيطانية جديدة في الضفة الغربية.
القرار الإسرائيلي الأخير الخاص بزيادة الوحدات الاستيطانية في الضفة، وتقديم تسهيلات إضافية للمستوطنين، يأتي ضمن سياسة واضحة ومعلنة من قبل حكومة نتنياهو المتطرفة وائتلافها القائم على الاستيطان والتهويد وقضم المزيد من الأرض الفلسطينية وسرقتها، تحت حجج وقوانين جائرة، حيث لا يخفى على أحد أن هذه الحكومة جاءت ضمن تفاهمات استيطانية تهويدية منذ تشكيلها، وبالتالي فهي تخطو كل يوم خطوة على طريق زيادة أعداد المستوطنين وزيادة البؤر الاستيطانية التي تحاصر المدن والقرى الفلسطينية من الشمال وحتى الجنوب، وتحيط بالقدس من كل الجهات والاتجاهات، وهذا ليس خطرًا حقيقيًا فحسب، بل واقعًا أليمًا حيث ان المدن الفلسطينية تضيق على ناسها وسكانها، بينما تتسع المستوطنات من حولها ويزداد سكانها الأغراب، وضمن رؤيا عنصرية معلنة تواصل حكومة الاحتلال تنفيذ الخطط، وتبني القرارات الجائرة، غير مبالية بشيء، ورافضة لكل الدعوات والقرارات الدولية الخاصة بعدم شرعية هذا الاستيطان.
الاستيطان مثل أفعى يتمدد طولًا وعرضًا فترى المستوطنات فوق رؤوس الجبال وفوق التلال، في سلسلة تتصل مع بعضها البعض، حيث بات من غير الممكن تحقيق أي تواصل جغرافي بين المدن والقرى الفلسطينية، وهذا واضح بالعين المجردة لكل ناظر لتلك المستوطنات، وبالتالي فإن زيادة التوسع وزيادة أعداد سكان تلك المستوطنات يأتي ليؤكد على عدم رغبة هذا الاحتلال في تحقيق أي تسوية سياسية مستقبلية، تقوم على عودة الحقوق الفلسطينية، كما وأن العالم الذي يصمت أمام ما يحدث، ويصمت أمام بشاعة حرب الإبادة في غزة فإنه شريك في ذلك، وهو يمنح الاحتلال الغطاء بهذا الصمت وهذا الانحياز، دون أن يتحرك لحماية وتنفيذ القرارات الدولية والأممية.
الواقع الدولي والصمت بل الضعف العالمي أمام هذا الاحتلال، وما نراه هو دليل على أن هذا العالم إن لم يكن شريكًا في سياسات الاحتلال، فإنه فاقد للأهلية الإنسانية، وبالتالي فإن التعويل عليه ضمن الهيمنة الأمريكية الموجودة، لا يحقق أي شيء، ولن تستطيع أي سياسة وطنية مهما بلغت من الحكمة أن تحقق أي مكسب أو اختراق حقيقي، لأن الواقع الدولي لا يفهم لغة المنطق، ولا يتبع خطوط العدالة، ولا يضع حدًا لهذا الاحتلال، بل يمنحه الغطاء الكامل لينفذ خططه العنصرية المتطرفة، ويواصل حربه المستعرة في غزة والبناء الاستيطاني غير الشرعي في الضفة والقدس.
ها نحن نشهد في كل يوم قرارات أكثر عنصرية تستهدف الأرض والبشر، وتعصف بالواقع على نحو من الجنون، فكل قرارات حكومة الاحتلال المتطرفة تعني فرض شروط واقع يصعب العيش فيه، وهنا فإن استمرار السياسة الفلسطينية على حالها، لم يعد يجد نفعًا، ولا يمكن أن يعول عليها، وهذا يتطلب تغييراً جدياً وحقيقياً ليس فقط في لغة الخطاب السياسي، بل بوضع أسس وركائز لبرنامج وطني، ضمن رؤية متفق عليها، وخطوات سريعة لمواجهة هذه السياسة اليمينية التي تنتهجها حكومة نتنياهو.