المطلوب من"فتح"، قبل مؤتمر الحوار الوطني؟
بكر أبوبكر

المطلوب من"فتح"، قبل مؤتمر الحوار الوطني؟
بكر أبوبكر
إثر خطة ترَمب وما سميّ قمة شرم الشيخ للسلام ( )، تم توقف الحرب -وما هو الا عدوان لا حرب- هذا التوقف الذي نتمناه متواصلًا، فإن أمام حركة فتح الكثير لتجتهد فيه للمراجعة الذاتية وللإعداد والتجهيز والنقد الذاتي لمرحلة الفعل أو امتناع الفعل فترة العدوان الفاشي على غزة، فالتقصير أو الإنجاز يجب وضعهما في سلّة واحدة ليتم انتشال العبر فيما تم التقصير فيه والفشل، وفيما تحقق فيه النجاح والعمل.
رغم أن هناك خيط رفيع فاصل بين النقد الذاتي الداخلي (في الأطر أو بين الأعضاء فقط) وذاك العلني خاصة في التفرقة بين نقد الحالات والمواقف والأحداث ونقد ذات الأشخاص، ومع ذلك فإن المساحة تكون أوسع للنقد وما قد يكون مربوطًا بسلوكيات الأشخاص داخل اللقاءات التنظيمية وفي المؤتمرات العامة للحركة. وغالبًا ما يتوه أبناء الحركة في التفريق الى درجة الفوضى أحيانًا متناسين أن الديمقراطية تطير بجناحين هما الحوار والالتزام.
على الصعيد الوطني اعتادت الفصائل الفلسطينية على اللقاء دون أوراق مقدمة أو بحوث أو مسار علمي-إلا ما ندر- على اعتبار أن عقل السياسي أو القائد مكتفي بذاته! ولا يحتاج غيره وإنه قادر على ابداع ما يمثل الفصيل في الآن واللحظة أي انفعالًا باللحظة من جهة، وطبيعة الحثّ العام والمزاج الجماهيري وأدوات الضغط، لذلك لا يكون هناك أرض صلبة ولا ثوابت حقيقية أو منطقة الجوامع الكبرى القابلة للتغير وفق الظروف وهو أخطر ما يمكن أن تصل اليه الحركة الوطنية بيسارها ويمينها والوسط. لذا لا بد من شيء من التفكير والدرس والتنظيم والتخطيط المسبق والاستعانة بذوي الرأي والبحث من المفكرين المثقفين والسياسيين وكوادر التنظيم والمجتمع المدني ومراكز الأبحاث والفعاليات الوطنية العامة.
من الواضح أن هناك لقاء قادم للحوار الوطني مع الفصائل ومنه مع فصيل "حماس" مما يتم التأهب له في القاهرة، وعليه فإن على حركة التحرير الوطني الفلسطيني-فتح أن تقوم بما عليها أولًا على الأصعدة السياسية والتنظيمية، وفي مواجهة المحتل، وفي إطار الحوار الوطني وإن خصصنا الفكرة هنا في إطار الحوار الوطني فإن المطلوب هو التالي
1-مراجعة الموقف الحركي للقيادة وداخل إطار القيادة الأولى (اللجنة المركزية)، (ما قد يكون للمرة الأولى إن تم تقديم ورقة بذلك!) مما حصل من عدوان فاشي على مدار العامين، وتقييم المواقف المختلفة ما بين صائب أو غير صائب أو ما يمثل خيارًا أو بديلًا من مجموع بدائل متاحة، وتحديد الأولويات، والأساسي والثانوي، والملزم وغير الملزم، والرسمي وغير الرسمي وتوضيح ذلك مرتبطًا بشخصيات أو مواقف بعينها.
2-وضع ورقة مفاهيم واضحة متعلقة بالمقبول وغير المقبول (تحديد المقياس والضابط) من التصريحات أو المواقف وما يمثل مساحة حرية الرأي الديمقراطية في إطار المحددات الحركية والوطنية العامة، وتلك التصريحات المعلنة بجلاء مقابل مجموعة واسعة من المواقف المتموضعة بين الحدّين الأقصيين الواضحين .
3-يجب بذل الجهد من خلال اجتماع حركي عام أو مؤتمر (أو لقاءت، مؤتمرات فرعية) نقدي حركي خاص بعدوان العامين الأسودين والدمويّن ونكبة ومقتلة فلسطين من بوابة غزة، وبالضفة، ومساحة التقصير أو النجاحات الحركية (المركزية، الثوري، ساحة غزة، التعبئة والتنظيم بمجالات: الفاشية الصهيونية، مواقف الاقليم والعالم، آثار العدوان ومسبباته، التصريحات المواكبة، الحراكات السياسية، دورالسلطة، المقاومة الشعبية، دور الكوادر والمؤسسات....الخ) يشارك فيه أوسع قطاع من الحركيين وإن لم يكن له أن ينعقد لمرة واحدة في مكان واحد من الممكن أن ينعقد في أماكن متعددة بالوطن وخارجه وترفع مجمل الأوراق للجنة صياغة مختصة.
4-العمل على إصدار ورقة نقد تجربة الحوارات الوطنية المختلفة مع "حماس" أو مع الفصائل عامة، تلك التي حصلت في عواصم الشرق والغرب (من الخرطوم الى مكة الى دمشق الى القاهرة الى الدوحة، الى غزة، الجزائر، العلمين..... موسكو، بكين) والتي باءت بالفشل محددين مواضع الفشل وامكانيات النجاح بمفاتيحها من قبلنا، وعوامل الفشل لدينا ولدى الأطراف أو الطرف الآخر.
5-يجب تحديد المطلوب من فصيل حماس (والفصائل الأخرى) على الصعيد الفكري الأيديولوجي وعلى الصعيد الوطني الجامع، وعلى الصعيد التعبوي التنظيمي داخلها (والنظرة للآخر)، وفيما يترتب على قيام دولة فلسطين من مجتمع المواطنين المدني المعتمد على الحرية والمساواة والعدالة للجميع ضمن الدستور والقانون. وعلى الصعيد الفكراني (الأيديولوجي) كمثال يجب تغيير الفلسفة الداخلية وفك الاشتباك بين التمكين بمنطق إقصاء الآخر وتجويز إيذاؤه، أم الاعتراف بالآخر والتجاور معه وتقبله جنبًا الى جنب دون تعبئة داخلية مضادة أو تقية.(ورقة خالد مشعل عام 2017 بالدوحة نموذج مقدّر، وأوراق أحمد يوسف النقدية وأحيانًا د.موسى أبومرزوق....)، وإنهاء فكرة الاستفراد والانعزال بقطاع غزة عن مجمل الجغرافيا الفلسطينية.
6-يجب الاتفاق بوضوح على نهج حركة التحرير الوطني الفلسطيني- فتح الجديد من مختلف المواضيع مدار البحث المتوقع في لقاء أو مؤتمر الفصائل (المبادئ الوطنية، والتنظيمية والفكرية الجامعة، وتلك السياسية والحاكم الفيصل بالخلاف والمرجع النهائي المتفق عليه....) وإن كان ثمة تبني برنامج سياسي وطني مقبول وكذلك ميثاق شرف ملزم بقوة القانون فهو الأفضل والأكثر قدرة على الجذب والتمحور عليه حين طرحه على بساط البحث.(للنظر في أوراق مركز الأبحاث، وأكاديمية فتح الفكرية، ومركز مسارات، ومعهد السياسات العامة، ومعهد فلسطين لأبحاث الأمن القومي،......)
إن حركة فتح مدعوة أكثر مما سبق الى الانتباه أولًا لذاتها، ونقد ذاتها ومواقفها، ومراجعة مسيرتها بعثراتها والنجاحات خاصة فترة العامين المتتالين من الإبادة الجماعية والقتل والدمار غير المسبوق تاريخيًا، وبما يعني أن يتم وضع الأمور في نصابها عبر المؤتمرات الداخلية المقترحة وتحديد المقبول والمرفوض وتوضيح المبادئ العامة والأسس وتلك العملية القابلة للتغيير والتطور، يجب أن نكون جاهزين فالعمل الناجح يسبقه تعب كبير وجهد متواصل بلا كلل، والطريق طويل ونحن على منعطف كبير