المنبوذ كما المستعمرة

سبتمبر 29, 2025 - 08:58
المنبوذ كما المستعمرة

حمادة فراعنة

استُقبل نتنياهو رئيس حكومة المستعمرة بما يستحق من الإهانة والرفض وعدم التقدير، أثناء لقاء خطابه أمام الجمعية العامة للأمم المتحدة، يوم الجمعة 26-9-2025:

1- من داخل القاعة خروج ممثلي البلدان العربية والإسلامية والإفريقية واللاتينية. 

2- ومن خارج القاعة التظاهرة الاحتجاجية المطالبة بمنعه، وحجزه، باعتباره مُطارداً من قبل محكمة الجنايات الدولية كمجرم حرب، إرتكب الجرائم، وممثل لكيان سياسي مطلوب من محكمة العدل الدولية. 

قادة المستعمرة: نتنياهو رئيس الحكومة، إسرائيل كاتس وزير الجيش، إيال زامير رئيس الأركان، بن غفير وزير الأمن والشرطة، سموتريتش وزير مشارك في وزارة الجيش، يجب أن يكونوا مطلوبين، مُطاردين، كمجرمي حرب، إرتكبوا الجرائم ولازالوا بحق المدنيين الفلسطينيين، بالقتل، والتجويع والحصار والحرمان من حق الحياة، للأطفال، للنساء، للكهول، وللشباب والرجال، بدون استثناء أحد. 

نتنياهو كما وصفه معارضه يائير لبيد، استعمل "الألاعيب المستهلكة" لتسويق نفسه وموقفه، واستعراض الأكاذيب كغطاء للجرائم التي قارفها عبر جيشه ضد أهالي قطاع غزة، وقتل عشرات الآلاف منهم، وتدمير المؤسسات والبنى التحتية، وجعل القطاع برمته لا يصلح للحياة البشرية، بل وللحيوانات، ويحول دون نمو الشجر على أثر تسميم الأرض بالقذائف والحرائق والكيماويات.

في السابق، في الأيام الخوالي، حينما وُلدت المستعمرة على أرض فلسطين عام 1948، بقرار استعماري، أوروبي أمريكي، وبموافقة مؤسفة من البلدان الاشتراكية في طليعتها الاتحاد السوفيتي، كان يُستقبل رئيس حكومة المستعمرة من على المنبر الدولي، وفي كافة المحافل، بالتقدير والتصفيق والترحاب، لأن مأساة اليهود في أوروبا، على يد القيصرية الروسية والنازية الألمانية والفاشية الايطالية، كانت تُسبب لهم الإحساس بالذنب، والشعور بالحرج، وتحمل المسؤولية، لأن دوافعهم في التعامل مع اليهود كانت عُنصرية عدوانية مسيحية ضيقة مُغرقة في الأحادية، وفرحوا أنهم تخلصوا من "المسألة اليهودية" ومن عقدة "العداء للسامية" وحققوا للحركة الصهيونية مُرادها بتأسيس مشروع سياسي لها، وإن كان خارج أوروبا، وفي منطقة أكثر حيوية من أي مكان في العالم، مطلة على ثلاث قارات: أسيا وإفريقيا وأوروبا، وتوهم جميعم أن طرد نصف الشعب الفلسطيني خارج وطنه، وتمزيق فلسطين جغرافياً وسياسياً، وتحويل قضية فلسطين من قضية سياسية إلى قضية إنسانية، وإقامة مستعمرة قوية، متمكنة، حليفة لأقوى بلدان العالم وأداتها، على أنقاض شعبها وجغرافيتها، سينتهي الموضوع الفلسطيني كما أنهو الشعب الفلسطيني هوية، وقيادة، وعنواناً، وتاريخاً.

من قلب المخيمات، من الجوع وخدمات وكالة الغوث، ورغم الحرمان، وغياب أي أفق سياسي، وخلفية تمزيق الشعب الفلسطيني جغرافياً وسياسياً وهوية، برز الحضور والتنظيم، وصعدت الهوية، ونالت الرضى والموافقة والاعتراف، وها هي فلسطين تحتل الصدارة لدى أهم موقع عالمي، وتحظى بموافقة وقبول واعتراف 159 دولة من بين 193 دولة. 

ولكن لم يكن ذلك ليتم بسبب عدالة القضية، وهي كذلك، ولم يتم نتيجة الذكاء وحُسن الإدارة، والأداء السياسي الرفيع المستوى، وهو كذلك، وبسبب دعم الأشقاء والأصدقاء للفلسطينيين، وحقيقة لهم دور يُقدر في ذلك، ولكن السبب الجوهري هو التضحيات والبقاء والصمود والنضال وتحمل كل أذى وجرائم وفاشية المستعمرة والمذابح التي قارفتها ولازالت في قطاع غزة، وفي سجون ومعتقلات الاحتلال بحق المناضلين والأسرى. 

النضال، ومن ثم النضال، ولا طريق آخر سوى النضال الذي جعل نتنياهو منبوذاً داخل قاعة الأمم المتحدة، والتظاهر ضده وضد مستعمرته خارجها، من اليهود الأمريكيين كما من المسلمين والمسيحيين، من العرب والأفارقة واللاتينيين، وحتى من ذوي الأصول الأوروبية، بمثابة إجماع عالمي إنساني مع فلسطين وضد المستعمرة، نضال الفلسطينيين على الطريق ولازال كذلك، وهي الأداة للوصول إلى حريتهم واستقلالهم وعودة اللاجئين من مخيمات اللجوء إلى الوطن.