حرب إبادة ومخطط استعماري جديد للشرق الأوسط

أبو شريف رباح

أغسطس 31, 2025 - 09:18
حرب إبادة ومخطط استعماري جديد للشرق الأوسط

حرب إبادة ومخطط استعماري جديد للشرق الأوسط

31\8\2025
أبو شريف رباح

في السابع من أكتوبر عام 2023 شنت القوات الإسرائيلية عدوانا وحربا تدميرية شاملة على قطاع غزة حصدت فيها آلاف الأرواح وارتكبت خلالها أبشع المجازر وجرائم الإبادة الجماعية بحق المدنيين الفلسطينيين العزل، حربا لم يشهد لها التاريخ الحديث مثيلا بهذا الحجم من الدمار الممنهج والاستهداف المباشر للبشر والشجر والحجر والبنية التحتية للقطاع، كل بدعم غير مسبوق من الولايات المتحدة الأميركية التي وفرت لإسرائيل أحدث الأسلحة والعتاد العسكري والطائرات والبوارج والأقمار الاصطناعية فضلا عن مشاركة عدد من الدول الأوروبية التي شكلت الغطاء السياسي والدبلوماسي لهذا العدوان الذي لم يتوقف عند حدود غزة بل امتدت نيرانه إلى لبنان واليمن وصولا إلى ضرب إيران كذلك بدعم مباشر ومشاركة عسكرية من سلاح الجو الأميركي.

إن ما يسمى "الربيع العربي" لم يكن سوى محطة من محطات هذا المخطط الكبير فقد أُريد منه إعادة رسم خريطة المنطقة عبر إسقاط أنظمة وتصعيد أخرى بما يتناسب مع مصلحة تل أبيب وأجندة واشنطن، فقد تغيرت تونس، وليبيا انهارت، و حيد العراق، وأُنهكت سوريا بحرب طويلة، ومصر أُرهقت اقتصاديا وسياسيا وكادت أن تنهار، كل ذلك كان جزءا من مشروع استعماري جديد قادته أميركا وإسرائيل بدعم أوروبي هدفه تفكيك الدول العربية التي كانت تعرف بدول الصمود والتصدي وإخضاع المنطقة كلها لهيمنة سياسية وعسكرية واقتصادية أمريكية، ولم يتوقف الأمر عند ذلك بل جرى دفع عدد من الأنظمة العربية نحو التطبيع مع إسرائيل تحت مسمى "اتفاقيات إبراهايم" بالتهديد الأميركي والابتزاز والوعيد.

وفي ظل هذه الأوضاع تهيأت الساحة لإسرائيل وحدها كي تستفرد بالقرار العسكري في المنطقة وبطائراتها الحديثة التي تحمل نجمة داوود السداسية باتت تجوب الأجواء العربية بلا رادع تقصف وتدمر وتستبيح السيادة الوطنية للدول في مشهد يعكس انهيار منظومة الردع العربية وتفكك الموقف الجماعي للأمتين العربية والإسلامية، وما يزيد خطورة المرحلة القادمة هو ما يجري التخطيط له في قطاع غزة حيث أعلن أكثر من مسؤول سياسي وعسكري إسرائيلي أن جيشهم يستعد لاحتلال مدينة غزة بشكل كامل وإقامة إدارة عسكرية - مدنية في القطاع، من أجل إنهاء أي إمكانية لوجود كيان فلسطيني موحد في غزة والضفة الغربية.

وبالتوازي مع العدوان على قطاع غزة، تشن إسرائيل حربا موازية يقوم بها المستوطنون والجيش تقوم على مصادرة الأراضي وتقسيم الجغرافيا الفلسطينية إلى كانتونات معزولة تهدف من خلالها لدفع السكان نحو الهجرة القسرية، حرب استيطانية صامتة تجري بتخطيط منظم من منظمات المستوطنين الصهيونية تحت حماية جيش الاحتلال وبرعاية حكومة نتنياهو، بن غفير، سموتريتش، المتطرفة لفرض واقع جديد يجعل قيام دولة فلسطينية مستقلة أمرا مستحيلا. 

وان إعلان قادة الاحتلال تقسيم وإعادة ضم الضفة الغربية ليس سوى عملية لتقويض حل الدولتين، ورفض الإدارة الأميركية إعطاء تأشيرة للرئيس أبو مازن والوفد المرافق له إلى أميركا لحضور الجمعية العمومية للأمم المتحدة بمدينة نيويورك إنما يأتي في سياق واحد يتناسق مع الموقف الإسرائيلي، لمنع الرئيس الفلسطيني من إعلان الدولة الفلسطينية من على منبر الأمم المتحدة ومحاولة عرقلة الاعتراف بدولة فلسطين في هذه الدورة بشهر أيلول المقبل، ومما ورد يتضح أن ما يجري ليس مجرد سلسلة حروب أو أزمات متفرقة بل هو مشروع متكامل يستهدف تصفية القضية الفلسطينية وتفكيك المنطقة وإعادة صياغتها بما يخدم مصالح الاحتلال وأسياده في الأميركيين.