من يوقف العدوان

أكتوبر 9, 2024 - 10:01
من يوقف العدوان

بهاء رحال

حرب امتدت وتصاعدت، وإبادة ضحاياها مئات آلاف من الشهداء والجرحى، وخراب مهول ضرب كل شيء، وحياة في الخيام ومراكز الإيواء غير صالحة للعيش الآدمي، وسط واقع محموم مشتعل واحتلال يجتر، وجنود يرقصون بمزاج عنصري فوق ما يحدثوه من دمار وقتل واستهداف، وعقيدة تسكن حكومة الاحتلال الماضية في عدوانها الآثم بكل عنصرية وتطرف وإرهاب، وبعد عام كامل على كل هذا لا يوجد موقف دولي صادق، يفرض وقفًا عاجلًا لجنون هذه الحرب التي تتسع، ويتسع معها القصف والخراب في شتى البقاع، وهذا عته دولي غير مسبوق، فلا أمريكا تتدخل ولا الدول العظمى تضع ثِقلها على الأطراف كافة في المنطقة، والمؤشرات التي نسمعها حتى الآن كلها متعلقة بالانتخابات الأمريكية القادمة في نوفمبر، أي بعد شهر من الآن، ومن ثم انتظار موعد استلام الرئيس الأمريكي الجديد في يناير مطلع العام، وإذا صدقت هذه المؤشرات فهذا يعني أننا أمام ثلاثة أشهر أخرى من تصاعد الحرب واشتداد العدوان، وتعاظم المأساة التي يعيشها الناس بين الفقد والحزن والألم والجوع والانتظار والترقب، في ظل مشاهد دموية حارقة لا تقتصر على غزة وحدها، بل امتدت إلى جنوب لبنان وبيروت وأماكن أخرى، وما يحدث حتى الآن نذير باتساع رقعة العدوان وانتقالها لحرب إقليمية في تصاعد رقعة الجبهات التي تتعرض للعدوان وعمليات القصف.

مضى عام على حرب الإبادة في غزة، غاب فيها صوت الضمير العالمي والإنساني، وغابت مواثيق الأمم وقوانين حقوق الإنسان، فقد شهدنا صمتًا عارمًا من تلك الدول التي تتغنى بحقوق الإنسان، والحرية والحق في الحياة والحركة، والحق في العلاج والطعام، وغيرها من حقوق ظلت مفقودة وغائبة، بل وممنوعة بقوة العدوان والحصار المستمر حتى اليوم، مما شكل علامة خجلت منها شعوبهم وستخجل منها الأجيال القادمة، لأن التقاعس ألأممي غير المسبوق شكل مظلة لكل المذابح والمجازر، وقد كان بإمكانهم وقف العدوان قبل أن يبلغ ما بلغ، بيد أنهم رضخوا للأصوات التي نادت بعدم وقف العدوان، ومنهم من قدم الدعم العسكري والمالي والسياسي لكي تتواصل عمليات القتل والإبادة، بأحدث أدوات القتل المتعددة.

وقف العدوان وحرب الإبادة ليس خطابة أو شعار كما يحلو للبعض، بل ضرورة حياتية ودعوة لاستنهاض الضمير العالمي الإنساني الذي عليه أن يصحو من سباته، فلا يعقل أن تستمر هذه الإبادة المجنونة من دون تحرك دولي لوقفها على وجه السرعة، وهذا التحرك يجب أن يكون بإرادة حقيقية غير مرهونة بالموقف الأمريكي الذي لا يزال غير راغب بوقف العدوان وإطفاء لهيب النار في المنطقة.

وقف العدوان لدرء تصاعد واتساع رقعة الحرب، ولتجنب المنطقة بأسرها آلام أكبر وخراب لا يمكن معرفة نتائجه، وهذا واجب على المجتمع الدولي والدول الكبرى التي عليها أن تتخذ موقفًا جادًا، وأن لا تبقى على ما هي عليه طيلة عام بالتمام والكمال.

من يوقف العدوان ليس السؤال من عدم، بل حقيقة تتجلى وسط الألم، ومن بين الركام والهدم، أصوات الذين نجو حتى الآن وبقوا على قيد الحياة، يسألون عن الحياة، ولسان حالهم يقول، نحب الحياة ما استطعنا إليها سبيلا.