استقالات واحتجاجات أميركية

يوليو 3, 2024 - 09:13
استقالات واحتجاجات أميركية

حمادة فراعنة

استقالة ضابط الاستخبارات الأميركي هاريسون مان، ومن قبله موظف وزارة الخارجية الأميركية أندرو ميلر الذي شغل منصب مساعد وزير الخارجية للشؤون الإسرائيلية والفلسطينية، احتجاجاً على سياسة بلادهم في دعمها اللّامحدود للمستعمرة الإسرائيلية، وبسبب الجرائم التي يُقارفها جيش المستعمرة ضد الشعب الفلسطيني بالأسلحة الأميركية، منذ 7 تشرين أول/ أكتوبر إلى الآن.


الضابط الأميركي استقال بعد أن تأكد من المعلومات المتوفرة لديه، بحكم عمله واختصاصه كمساعد لمدير مكتب الشرق الأوسط في وكالة الاستخبارات الدفاعية. تأكد من أن حرب المستعمرة على قطاع غزة "تستهدف التدمير والتخريب والتطهير العرقي للفلسطينيين بشكل كامل"، ويتم ذلك عبر الدعم العسكري والاستخباري والغطاء السياسي وكافة أنواع الذخائر، التي تقدمها واشنطن إلى المستعمرة، فالدعم العملي العسكري يتقرن بالغطاء السياسي الذي يمنع ويحول دون اتخاذ أية إجراءات رادعة بحق المستعمرة.


والحال نفسه الذي دفع موظف الخارجية ميلر للإقدام على خطوة الاستقالة، ما يدلل على أن الجموح الأميركي في دعم المستعمرة يزيد عن حده، في ظل معطيات ومشاهد من الجرائم الإسرائيلية التي تستهدف المدنيين بشكل شرس وهمجي ومتطرف.


احتجاجات أميركية من شخصيات مطلة على سياسات واشنطن، هو الدافع نفسه الذي حرّك طلبة الجامعات الأميركية نحو الاعتصامات والتظاهر، وباتجاه التضامن مع الشعب الفلسطيني، وضد اجراءات وجرائم المستعمرة، وضد سياسات بلادهم الداعمة للمستعمرة.


الإدارة الأميركية تعاملت مع الاحتجاجات الطلابية بمظهرين: الأول قمع الطلبة بالوسائل الأمنية المتبعة، وثانياً برفع الشرعية عن احتجاجاتهم واتهامهم بالعداء للسامية، أي العداء لليهود لدوافع عنصرية، ولكن قيادات يهودية شابة، خرجت وعبرت عن مشاركتها في هذه الاحتجاجات، وقالت أنها يهودية ضد الصهيونية، وضد سياسات المستعمرة العنصرية، ومتضامنة مع الشعب الفلسطيني، فكيف تكون ضد السامية أي ضد نفسها؟؟
السؤال: لماذا اقتصرت الاحتجاجات الطلابية والجامعية في الولايات المتحدة وأوروبا، مقابل صمت في الجامعات العربية والإسلامية؟؟


الصمت الإسلامي على الأغلب يعود لأن النظم لدى هذه البلدان محكومة بالإدارة الأميركية، عبر المساعدات المالية والاتفاقات الأمنية والعسكرية، ولهذا ترضخ أغلبيتها للإملاءات الأميركية مرغمة على الأغلب.


الأولوية للولايات المتحدة مصالحها الاستراتيجية، وصراعها مع الصين وروسيا، ولهذا تفرض على كل الحلفاء والأصدقاء أن يكونوا معها في صراعها الاستراتيجي، ودعم أوكرانيا والمستعمرة يتصدر المشهد السياسي والأولويات الأميركية كحلفاء ضد الخصوم عن المعسكر الآخر.


قوى التحرر والتقدم والديمقراطية في العالم مطالبة بأن تقف مع بعضها البعض، حتى ولو أصابها التباين أو الضعف أو عدم القدرة على اتخاذ زمام المبادرة، ولكنها وفق ما هو متوفر لها من وسائل وأساليب، يجب أن تقف مع بعضها البعض، بصرف النظر عن الهوية الوطنية أو القومية، أو الدين، أو المذهب، لأنها في خندق واحد، مطلوب رؤوسها للكسر، وشل فعاليتها من قبل أميركا وأدواتها، بشكل أو بآخر.


نضال فلسطين شرعي عادل، ومطالبها محقة، وضمنتها الأمم المتحدة بقراريها البارزين: حل الدولتين 181، وحق اللاجئين في العودة 194، وهي تحتاج لمزيد من التضامن والتفاعل في مواجهة المستعمرة وجرائمها.