خطاب استسلام نتنياهو بلسان بايدن
صحيح أن ما قاله بايدن يشكل انعطافة حادة في الموقف الأميركي، لكنه قد يمثل في حقيقة الأمر خطاب استسلام حكومة الحرب، بلسان الرئيس الأميركي جو بايدن، خاصة بعد التسريبات التي خرجت عن الإدارة الأميركية، حول أن هذه الخطة التي قدمها الرئيس الأميركي هي بالأساس مقترحات نتنياهو وحكومته، وهذا يعني أنه بعد ثمانية أشهر من الحرب على غزة، لم يحقق الاحتلال شيئًا من أهدافه، سوى الخراب الكبير والدمار الذي حل على غزة وأهلها وسكانها، ودمر كل أشكال الحياة فيها، بينما فشل في تحقيق الأهداف التي أعلن عنها في بداية حرب الإبادة.
بايدن الذي لم يقل من قبل وطيلة الأشهر التي مضت ولم يتحدث عن ضرورة وقف الحرب، ولم يقدم خطة للتفاوض تكون أساساً للتفاوض عليها بشكل جدي وحاسم، بل كان موافقًا على استمرارها، حتى في مجلس الأمن الدولي، لم يكن ليخجل من رفع "الفيتو" أكثر من مرة، في وجه كل قرار يدعو إلى وقف الحرب، ها هو يطرح مبادرة يمكن القول إنها جادة، بالقدر الذي قد تشكل فيه أرضية ترضي الأطراف، فهل نقول إننا نقترب من اللحظة الحاسمة لوقف الحرب والعدوان والإبادة، هذه اللحظة التي ينتظرها العالم، ويترقبها الناس في غزة قبل غيرهم.
حالة من الانقسام داخل أوساط حكومة الحرب، يتزعمها الثنائي الأرعن بن غفير وسموترتش، وقد أعلنا معارضتهما لإعلان الرئيس بايدن، وتوعدا بإسقاط الائتلاف الحكومي في حال تمت الموافقة على المبادرة، التي اعتبراها بمثابة هزيمة لإسرائيل، ويريدان مواصلة حرب الإبادة، ويضغطان على نتنياهو لرفض ما جاء به خطاب الرئيس الأمريكي، وفي الوقت نفسه فإن حماس من جانبها لم ترد على المبادرة، ولكن التقديرات تشير إلى أنها قد توافق عليها في ظل الجهود القطرية والمصرية التي تبذل، مما سيعزز صورة الانكسار لدى حكومة الاحتلال، الأمر الذي قد يدفع بنتنياهو إلى رفضها أو التعديل عليها.
لقد كان الأجدى بالرئيس بايدن والإدارة الأميركية التقدم بهذا الطرح قبل أشهر طويلة، وأن لا تتأخر إلى هذا الحد الذي مضت إليه الحرب، فلو فعلت الإدارة الأميركية ذلك لأنقذت آلاف الأرواح، ولما وصل الخراب إلى ما وصل إليه، لكنها لم تفعل رغبةً في تلبية رغبات حكومة الحرب طيلة الوقت، وأخذت تماطل حتى تبعثرت آمال نتنياهو، ووجد نفسه لا يقوى على استمرار الحرب من جهة، وليس بمقدوره الوصول إلى أهدافه سواء المتعلقة بتحرير الرهائن، أو بالقضاء على حركات المقاومة، ولم يحقق رغبته في تهجير الناس خارج حدود القطاع، رغم كل ما أحدثه من خراب ودمار، ورغم أنه أفقد غزة كل شيء، فإن الناس باقون ويرفضون الهجرة ويصرّون على البقاء.
يبقى الأمر معلقًا بيد الأيام، فإما أن تكون خطة بايدن نهاية لحرب الإبادة، ونشهد صفقة في ظل الأجواء الممكنة، وإما أن نشهد استمرار الحرب والقتل والخراب.
حالة من الانقسام داخل أوساط حكومة الحرب، يتزعمها الثنائي الأرعن بن غفير وسموترتش، وقد أعلنا معارضتهما لإعلان الرئيس بايدن، وتوعدا بإسقاط الائتلاف الحكومي في حال تمت الموافقة على المبادرة التي اعتبراها بمثابة هزيمة لإسرائيل