رفح ثغر الشعب و حبل الصرة مع الأمة
مفترق الطرق عند تخوم رفح يضعنا إما في طريق الصفقة، صفقة التبادل ووقف العدوان والانسحاب، التي تنخرط فيها أمريكا ومصر وقطر منذ حوالي نصف سنة، وإما طريق "رفعت الأقلام وجفت الصحف" . إما طريق استفحال القتال والدمار والموت الجماعي لعشرات الاف الضحايا الجدد، وإما طي صفحة هذه الحرب وكتابة آخر سطورها.
من وجهة نظر نتنياهو ، فقد يكون محقا في ربط النصر برفح ، لكن هذا ليس صحيحا من قبل عديد الاستراتيجيين والمفكرين والمؤرخين الإسرائيليين وغير الإسرائيليين ، الذين حسموا الامر بهزيمة إسرائيل منذ اليوم الأول، وتعمقت هذه الهزيمة بانفلاتها في قتل الأطفال ، ثم تعمقت أكثر حين استخدمت سلاح التجويع ومنع الدواء بحق شعب بأكمله، ثم تعمقت أكثر فأكثر حين امتدت لسبعة أشهر بدلا من بضعة أسابيع.
إن توقيع نتنياهو على اجتياح رفح، يعني انه وقع قرارا باعدام المحتجزين لدى حماس ، على فرض انهم في انفاق رفح، اعداما مع سبق الإصرار بغض النظر عن جنسياتهم الثانية "الأجنبية". و يدرك نتنياهو ، وربما لا يدرك ، ان معركة رفح لن تكون الأخيرة، يخلّص خلالها اسراه احياء او امواتاً، لا يهمه ذلك كثيرا لطالما انه هو الذي مهر قرار اعدامهم بيده، لكن رفح ستكون بداية حرب حزب الله الثقيلة، فمرجعية حماس والمقاومة الفلسطينية عموما، هي لدى حزب الله، الذي صرح أمينه العام من انه لن يسمح بهزيمة حماس في غزة، بل ألمح انه ينظر الى غزة و مقاومتها، بأنها كربلاء رقم 2 ، وانهم بالتالي لن يسمحوا بخذلان الحسين مرتين. ان المنطق الصوري البسيط يفيد بأن اجتياح رفح يتطلب اجتياح حزب الله وربما ما هو ابعد (ايران او سوريا او اليمن) وأعقد (الثورة الطلابية العارمة في عشرات الجامعات الامريكية) .
رفح مدينة صغيرة متعملقة، ثغر فلسطيني على المتوسط، حبل سري مع الامة كلها عبر شقيقتها التوأم رفح المصرية، و نقطة الالتقاء الوحيدة بين القارتين الاعظمتين في التاريخ البشري، آسيا وافريقيا . فهل سيسمح العالم الحر للوحش الكاسر بالتهامها.