تعزيز مكانة فلسطين
حمادة فراعنة
زيارة رئيس الوزراء الفلسطيني محمد مصطفى إلى أوروبا بدءاً من يوم 20 تشرين الثاني نوفمبر 2025، لا تقل أهمية إن لم تزد عن لقاء نيويورك للمؤتمر الذي عملت ودعت له العربية السعودية مع فرنسا يوم 22-9-2025، من أجل الاعتراف والإقرار بالدولة الفلسطينية، حيث شكل نتائج المؤتمر الدولي من أجل فلسطين نقلة نوعية إيجابية، ومكسب تراكمي، لدى الموقف الأوروبي، وفي طليعته الاعتراف بالدولة الفلسطينية من قبل بريطانيا وفرنسا، اللتين ساهمتا وعملتا على إقامة المستعمرة الإسرائيلية على أرض الفلسطينيين ووطنهم، وعلى حساب حقوقهم، بريطانيا بوعد بلفور وتداعياته، وفرنسا بأسلحتها التقليدية والنووية، إضافة إلى العديد من البلدان الأوروبية التي منحت وعززت بشكل أحادي، من شرعنة المستعمرة الإسرائيلية، ووجودها.
زيارة رئيس الوزراء الفلسطيني للاتحاد الأوروبي في بروكسل، بدأت باللقاء المباشر وإجراء حوار سياسي رفيع المستوى مع وزراء خارجية ستة من البلدان الأوروبية: برئاسة رئيس وزراء وزير خارجية لوكسمبورغ، بلجيكا، فرنسا، مالطا، هولندا، إسبانيا، واجتماع ثانٍ مع وفد من البرلمانيين الأوروبيين برئاسة إيراتشي غارسيا، رئيسة مجموعة التحالف التقدمي للاشتراكيين والديمقراطيين، واللقاء الثالث مع مؤتمر الدول المانحة لدعم فلسطين، ولقاء رابع مع العشرات من المؤسسات الدولية والشركاء الدوليين، وخامس مع ممثلي أوروبا لدى سفاراتهم في رام الله.
وقد توجت لقاءات رئيس الوزراء الفلسطيني في بروكسل بلقاء وزاري آخر مع وزراء خارجية فرنسا، ألمانيا، إسبانيا، ومسؤولة السياسة الخارجية بالاتحاد الأوروبي، ووزيرة التنمية البريطانية، ومفوضة شؤون المتوسط في الاتحاد الأوروبي.
وقد شملت مضامين اللقاءات الفلسطينية الأوروبية بحث القضايا الحيوية للشعب الفلسطيني، وفي طليعتها: وقف العدوان الإسرائيلي المستمر والمتقطع على قطاع غزة والضفة الفلسطينية، بما فيها القدس، تسهيل إدخال المساعدات الإنسانية إلى قطاع غزة وفتح المعابر، وقف تدمير المخيمات في الضفة الفلسطينية كما حصل في مخيمات جنين وطولكرم ونور شمس، الإفراج عن عائدات الضرائب والجمارك المحتجزة والمسماة عائدات المقاصة الفلسطينية والمقدرة بمئات الملايين من الدولارات، وتطبيق قرار الأمم المتحدة 2803 الصادر مؤخراً.
كما أكد رئيس الوزراء الفلسطيني ضرورة توحيد مؤسسات السلطة بين رام الله وغزة، وضرورة تأهيلها أوروبياً، حتى تتمكن لتكون طرف "مصلح ومؤهل" لإدارة قطاع غزة بعد الحرب، مع توفير الشروط لتنفيذ هذا المسعى ومتطلباته.
أوروبا وعدت بتقديم المساعدات الضرورية لتأهيل السلطة الفلسطينية لتكون في الموقع القادر على تلبية احتياجات الشعب الفلسطيني، ومنها تقديم المساعدات المالية، وحزمة تقدر بقيمة مليار وستمائة مليون يورو للفترة ما بين 2026 و2027، شريطة تصويب سياسات السلطة المالية وتعزيز الشفافية، والمساعدة على تقديم قروض عبر بنك الاستثمار الأوروبي، وتدريب ثلاثة الآف شرطي فلسطيني، ونقل 100 شرطي فرنسي ليكونوا ضمن القدرات الدولية لدعم الأمن في غزة، وتقديم مبلغ 220 مليون يورو لدعم المساعدات الإنسانية، كما تم التأكيد الأوروبي على استمرا التنسيق السياسي والإنساني للتخفيف من معاناة الشعب الفلسطيني، ودعم شرعية السلطة الفلسطينية وتوحيد مؤسساتها بين الضفة والقطاع.
زيارة رئيس الوزراء الفلسطيني إلى أوروبا، إضافة إلى أنها عززت من مكانة السلطة الفلسطينية وتقديم احتياجات صمودها، وتقوية دورها العملي على الأرض، والسياسي على الصعيد الدولي، فقد وجهت لطمة سياسية ضد سياسات المستعمرة التي تعمل على تقويض مكانة السلطة الفلسطينية وشل دور مؤسساتها وإفقارها، وجعلها غير قادرة على تأدية وظائفها لصالح شعبها الفلسطيني.
ويكمن الدور الأوروبي في دعم تطلعات الشعب الفلسطيني نحو الحرية والاستقلال وإقامة الدولة، إن أوروبا هذه هي التي صنعت المستعمرة الإسرائيلية قبل أن تتبناها الولايات المتحدة، وأن يأتي الدعم الأوروبي من أقرب حليف للولايات المتحدة، فهذا توجه سيعيق أي توجهات أمريكية سلبية ضد الشعب الفلسطيني ولصالح المستعمرة.
نضال وتضحيات وسلاسة الدور السياسي لفلسطين تعطي نتائجها التدريجية التراكمية نحو مستقبل مبشر للفلسطينيين.





