اغتيال القائد إسماعيل هنية
حمادة فراعنة
عملية إرهابية بامتياز، لأن الشهيد إسماعيل هنية شخصية سياسية، ليست له علاقة بالعمل العسكري، ولا يُسجّل عليه أنه متورط في أي عمل قتالي، ولذلك لم تتمكن أجهزة المستعمرة والولايات المتحدة حليفتها وشريكتها في تقديم التكنولوجيا وتقنية أجهزة التجسس، لم تتمكن تل أبيب وواشنطن من المباهاة بالعملية، أو الافتخار أو حتى الإيحاء بأنها قتلت شخصية "إرهابية".
عملية اغتيال هنية، القائد السياسي لحركة حماس، تعكس فشل قوات الاحتلال وأجهزتها الأمنية في عملية 7 أكتوبر، وتداعياتها في اجتياح قطاع غزة، فالفشل الأمني الاستخباري العسكري للمفاجأة الصدمة يوم 7 أكتوبر، وفشل الاجتياح لأنه لم يحقق أهداف المستعمرة في اغتيال قيادات حماس، واجتثاث كوادرها وقواعدها، كما فشلوا في إطلاق سراح الأسرى الإسرائيليين بدون عملية تبادل، بل فشلوا رغم احتلالهم لكامل قطاع غزة، في اكتشاف أماكن إخفاء الأسرى الإسرائيليين، وتعويضاً عن هذا الفشل لجيش الاحتلال والأجهزة الأمنية الثلاثة: الموساد والشاباك وأمان، لجأت أجهزة المستعمرة إلى عمليات الاغتيال خارج فلسطين: صالح العاروري في بيروت يوم 2-1-2024، وإسماعيل هنية في طهران.
اغتيال إسماعيل هنية ومن قبله صالح العاروري، لم يوقف الكفاح الفلسطيني، ولم يتأثر به مسار العمل النضالي ضد الاحتلال، على الرغم من أن العملية لها تأثيرات سياسية ومعنوية سلبية، ولكن العمل الكفاحي سيتواصل، طالما وجد احتلال ظالم فاشي عنصري، يتحكم بحياة الشعب الفلسطيني، ويحرمه حقوقه في الحرية والاستقلال على أرض وطنه فلسطين، وقد سبق للمستعمرة أن اغتالت العديد من قيادات حركة حماس خلال الانتفاضة الثانية، ما بين العامين 2000 - 2005، ولم يتوقف الفعل الكفاحي.
ردود الفعل جاءت واسعة، حادة، لأن شخص إسماعيل هنية كان ودوداً، مع الآخرين، خاصة من قبل الرئيس الفلسطيني محمود عباس الذي شجب الاغتيال بمفردات حادة، وهذا يعود لسببين:
الأول، أن إسماعيل هنية سبق وأن كلفه الرئيس برئاسة حكومته، ويرتبط معه بعلاقات ودية، واتصالات متواصلة متقطعة بينهما.
الثاني، لأن الرئيس الفلسطيني يعيش حالة إحباط من السلوك الإسرائيلي، فعلى الرغم من كل سياساته "الهادئة المتزنة"، كما يصفها، ورفضه "الكفاح المسلح" كخيار نضالي، وتمسكه بخيار المفاوضات وحل الدولتين، ومع ذلك لم تتجاوب معه حكومة نتنياهو المتطرفة، وتقاطعه ولا تلتقي معه منذ تشكيلها، ولا تعطيه أي إعتبار، ولهذا ردة فعله تمثلت بالبيان الحاد الذي شجب عملية الاغتيال.
عمليات القصف والاغتيال من قبل المستعمرة لأشخاص أو مواقع خارج فلسطين، يعود للقدرات التكنولوجية المتوفر لديها، وبمعونة الولايات المتحدة، وليس بسبب وجود عملاء أو جواسيس، فالمسيرات للتجسس، وملاحقة أجهزة التلفون الفردية-الموبايل- هي أحد أهم أدوات التجسس ومعرفة موقع ومكان من يرغبون بمتابعته، ولهذا يجب على قيادات المقاومة أن تتحلى باليقظة، في التحرك، وفي الإقامة، وفي الاتصالات التلفونية، وكذلك أشخاص حراساتهم، وأن يمارسوا اليقظة، بل واليقظة الشديدة، مع ممارسة التضليل في عمليات الاختفاء والتنقل، كما كان يفعل الرئيس الراحل ياسر عرفات قبل انتقاله إلى فلسطين من المنفى.
اغتيال إسماعيل هنية ومن قبله صالح العاروري، لم يوقف الكفاح الفلسطيني، ولم يتأثر به مسار العمل النضالي ضد الاحتلال، على الرغم من أن العملية لها تأثيرات سياسية ومعنوية سلبية.