اغتيال قد يدفع بالمنطقة إلى هوّة الحرب الإقليمية
بهاء رحال
اغتيال بهذا المستوى لا يمكن أن ينفذ بدون ضوء أخضر أمريكي، الأمر الذي يعني أن حكومة الحرب بزعامة نتنياهو، قد أعدت العدة وجهزت أذرعها الأمنية والاستخبارية والعسكرية منذ ما قبل رحلته إلى أمريكا الأخيرة، وانتظرته كي يعود بموافقة أمريكية قد حصل عليها، وبالفعل قامت بعملية الاغتيال منتهكة سيادة إيران على أرضها وقاتلة ضيفها القائد إسماعيل هنية، غير آبه بما ستؤول إليه الأوضاع، لكن السؤال هنا عن الاختراق الكبير الحاصل حتى تمكن جهاز الموساد من النجاح في مهمته، في ظل التهديدات المباشرة، وفي ظل حالة التوتر السائدة، ووسط ما يجري من حرب إبادة في غزة، وتصاعد التوتر مع حزب الله.
الاغتيالات أسلوب إسرائيل الناجح، وهو قديم منذ انطلاق الثورة الفلسطينية وقبلها، وقد نجحت أذرعها الأمنية عادة في الوصول إلى أهدافها في كثير من عواصم العالم، وهي ذات صولات في هذا المجال، إلا أن حادثة اغتيال ضيف إيران وشخصية بمستوى القائد إسماعيل هنية تعبر عن قدرة عالية لدى أجهزة الاستخبارات الإسرائيلية، وتمكنها من العمل في أرض الميدان، في بلد بعيدة نسبيًا، بينهما عداء معلن، وبينهما تهديدات دائمة، فحادثة الاغتيال ليست تتبعًا لمركبة أو حافلة على الحدود، ولا تشبه مراقبة شقة في الضاحية الجنوبية للبنان، بل الدخول إلى العمق والعمل عن قرب، وهي تحقيق لهدف وصيد ثمين في بلد يعتبر مرجعية أساسية لما يعرف بجبهات المقاومة.
جاءت عملية اغتيال إسماعيل هنية بعد ساعات قليلة من عملية اغتيال فؤاد شكر الذراع اليمنى لأمين عام حزب الله حسن نصرالله وهو شخصية كبيرة في الحزب، ويتمتع بموقع رفيع في صفوفه، وهذا يعتبر تحولًا في المشهد أرادته إسرائيل في الزمان والمكان، رغبة منها في ضرب وحدة الساحات التي باتت معروفة منذ بدأت الحرب في غزة، ولم يكن ذلك ليتم لولا موافقة أمريكا ودعمها، فمثل هذه الاغتيالات قد تؤدي إلى تصعيد يصل إلى حرب إقليمية، وهي خطوة لا يمكن أن تقدم عليها إسرائيل وحدها من دون موافقة أمريكية.
تسخين المنطقة على كل الجبهات، وتصاعد الهجمات وقد وصلت إلى نقطة عالية تمثلت في اغتيال قائد سياسي بحجم إسماعيل هنية الهدف منه إعادة قوة الردع، وإثبات لقدرة وقوة إسرائيل في المنطقة، وهي تريد من ذلك تفكيك وحدة الساحات، وتحييد العمليات التي تقوم بها المقاومة، وهذا يضع فصائل وحركات المقاومة أمام خيارات، أبرزها الرد المباشر، أو الرد بالمثل وهذا يحتاج لوقت من الزمن، أو القيام برد عابر متعارف عليه، يليه الاتفاق على وقف لإطلاق النار في غزة.
اغتيال إسماعيل هنية يعيد إلى الذاكرة مشاهد الاغتيالات التي قامت بها إسرائيل، في معظم عواصم العالم، مالطا، أثينا، قبرص، ألمانيا، بلغاريا، تونس، بيروت، دبي والقائمة تطول غير أن تلك الاغتيالات لم تضعف حركات المقاومة، بل زادت من عنفوانها، وواصلت مشوارها، وكانت ضرباتها أشد وأقوى.
نتنياهو وبهذه الاغتيالات يريد أن يظهر بمظهر المنتصر، العائد من أمريكا بنشوة التصفيق الحار والدعم اللامحدود، وهو يريد من هذه الاغتيالات أيضًأ أن يتصدر مشهد دولته، ويحظى بنشوة الانتصار الكاذب.
تسخين المنطقة على كل الجبهات، وتصاعد الهجمات وقد وصلت إلى نقطة عالية تمثلت في اغتيال قائد سياسي بحجم إسماعيل هنية الهدف منه إعادة قوة الردع، وإثبات لقدرة وقوة إسرائيل في المنطقة، وهي تريد من ذلك تفكيك وحدة الساحات.