58 عاماً من تحدي إسرائيل للمجتمع الدولي..أمريكا تتحمل المسؤولية

يونيو 4, 2025 - 08:49
58 عاماً من تحدي إسرائيل للمجتمع الدولي..أمريكا تتحمل المسؤولية

د. فوزي علي السمهوري

 ٧٧ عاماً مضت على تمكين العصابات الصهيونية اليهودية من احتلال ٧٨ % من مساحة  فلسطين التاريخية وتهجير قسري لما يقارب مليون فلسطيني حرموا هم وأصلابهم من العودة لمدنهم وقراهم التي طردوا منها عنوة عام ١٩٤٨ خلافاً لقرار الجمعية العامة للأمم المتحدة رقم ١٩٤ ولقرار الجمعية العامة رقم ٢٧٣ الذي اشترط لقبول إسرائيل عضواً بالأمم المتحدة تنفيذها قراري الجمعية العامة رقم ١٨١ و١٩٤ .

  كما مضى ٥٨ عاماً على عدوان الخامس من حزيران عام ١٩٦٧، الذي أسفر عن احتلال باقي أرض فلسطين "الضفة الغربية وقطاع غزة "، وأراض عربية "الجولان السوري وسيناء"، خلافاً وانتهاكاً لمبادئ وميثاق الأمم المتحدة الذي يحظر احتلال اراضي دولة أخرى بالقوة، كما يكفل للشعوب الحرية والاستقلال وتقرير المصير، كما يوجب على الدول الأعضاء بالأمم المتحدة احترام وتنفيذ قراراتها الصادرة عنها بمجلسيها، الجمعية العامة ومجلس الأمن .

 إذن، نحن نتحدث عن عقود من عدم إذعان الكيان الإسرائيلي المصطنع لالتزاماته القانونية والحقوقية المنصوص عليها بميثاق الأمم المتحدة وعلى رأسها المادة ٤ /١ من الميثاق التي تنص على "العضوية بالأمم المتحدة مباحة لجميع الدول المحبة للسلام والتي تأخذ نفسها بالالتزامات التي يتضمنها هذا الميثاق "، وبتحديه للإرادة الدولية بل والاستمرار بعنجهية إعلانه برفض تنفيذ أي قرار دولي للحد الذي يصف الأمم المتحدة ومن على منبرها مؤسسة وأمينا عاماً بمعاداة السامية ودعم الإرهاب دون خوف من المساءلة والعقاب، ما يستدعي طرح تساؤل عن القوة التي تمكنه من الإفلات من المساءلة والعقاب وتمكينه من إدامة احتلاله للأراضي الفلسطينية والعربية المحتلة منذ حزيران ١٩٦٧، وبكيفية التعامل معها لردعها عن الانقلاب على مبادئ وأهداف وميثاق الأمم المتحدة .

 إلى متى تبقى إسرائيل فوق القانون والشرعة الدولية؟ 

  هذا التساؤل يعيدنا بالضرورة إلى جذر الصراع بتبني القوى الاستعمارية "بريطانيا وفرنسا وأمريكا"  العمل على صناعة كيان طفيلي مصطنع غريب عن الوطن العربي يوظف بخدمة الأهداف الاستعمارية العدوانية والتوسعية لضمان هيمنتها ونفوذها ولتكون اليد الضاربة بوجه أي قوة أو دولة تهدد مصالح تلك الدول أو إحداها فكانت ولادة كيان سرطاني سمي بإسرائيل  في قلب الوطن العربي الكبير وتمكينه من كل وسائل القوة العسكرية "التي تتفوق على مجموع قوة الدول العربية"  والسياسية والاقتصادية والإفلات من المساءلة والعقاب المنصوص عليها بميثاق الأمم المتحدة، وما تبرير جرائم الكيان الاستعماري الإرهابي الإسرائيلي بحرب الإبادة والتطهير العرقي التي يرتكبها بقطاع غزة وبالضفة الغربية وبالقدس عاصمة الدولة الفلسطينية المعترف بها دولياً وباستخدام أمريكا  الفيتو خلافاً لفلسفة الفيتو رفضاً لوقف العدوان الوحشي الإسرائيلي المستمر باستهدافه المدنيين الفلسطينيين من فرض حصار شامل وحرمانهم من الغذاء والدواء والمياه النظيفة واستهداف للمشافي والمراكز الصحية وقطع للكهرباء والاتصالات وإمعان بجرائم القتل والتهجير القسري مستهدفين الإنسان الفلسطيني "أطفالاً ونساء وشباباً وشيوخاً " دونما تمييز  والتبجح بتدمير كافة الأعيان المدنية بقطاع غزة وبوتيرة أقل بمدن وقرى الضفة الغربية تحت ذريعة حق الدفاع عن النفس، خلافاً للمادة ٥١ من الميثاق وبدعم هدف اقتلاع الشعب الفلسطيني من وطنه وتهجيره عنوة "التطهير العرقي المعاقب عليه دولياً" إلا النموذج والدليل .

  بناء على ما تقدم تقع المسؤولية الكبرى في بقاء هذا الكيان الإسرائيلي المارق فوق القانون على :

  أولاً، أمريكا، فانحياز أمريكا ومحورها للسياسات العدوانية التوسعية الإسرائيلية على مدار عقود وما حصل من دعم أمريكي مطلق  للعدوان والجرائم الإسرائيلية وتزويد إسرائيل بكل انواع الأسلحة الفتاكة والمحرم منها دولياً ودعم عدوانها واحتلالها لأراض جديدة  في سوريا ولبنان خلال الأشهر الأخيرة إلا الدليل على أن أمريكا من تضع الاستراتيجية وأهدافها وتدير حروب الإبادة والتطهير العرقي بفلسطين المحتلة وبالمنطقة عموماً عبر أداتها ووكيلها الإسرائيلي لضمان إخضاع المنطقة العربية والإسلامية لنفوذها وهيمنتها استباقا لولادة نظام عالمي جديد متعدد الأقطاب .

  ثانياً، المجتمع الدولي. إن عدم إعمال ميثاق الأمم المتحدة دون إزدواجية فتقاعس غالبية الدول الأعضاء بالجمعية العامة عن الاضطلاع بدورها ومسؤولياتها لضمان إلزام مجلس الأمن بتنفيذ قراراتها  وفقاً للمادة ٢٤ من الميثاق دون إزدواجية وإنتقائية وإزالة كافة أشكال التهديدات التي تؤدي إلى تقويض الأمن والسلم الإقليمي والدولي والذي يمثل استمرار الاحتلال العسكري الإسرائيلي لأراض الدولة الفلسطينية المحتلة والمعترف بها دولياً واستمرار حرب الإبادة والتطهير العرقي بقطاع غزة أعظم تهديد للأمن والسلم الدوليين وللنظام العالمي الذي عفى عليه الزمن لتناقضه مع مبادئ العدالة والمساواة ولعجزه عن تجسيد الأمن والسلم الدوليين واقعاً.

  ثالثاً، ضعف الموقف الرسمي العربي. إن غياب موقف عربي موحد على الاصعدة السياسية والاقتصادية يتصدى للمخطط الإسروأمريكي العدواني التوسعي الذي تبين بالدليل القاطع انه يستهدف الوطن العربي الكبير بأقطاره بدءاً من فلسطين لإبقائه ضعيفا مفككا بتخليد اتفاقية سايكس بيكو لاستمرار هيمنته على منطقتنا العربية لموقعها الاستراتيجي ولنهب ثرواته وفي غياب اتخاذ موقف موحد مقرون باتخاذ إجراءات عملية بما تملكه من أدوات مؤثرة  لا يستهان بها يمكنها بالتالي من الحفاظ على أمنها واستقرارها ومنعة جبهاتها الداخلية ووحدة اراضيها المهددة بالتقسيم وتحقيق نهضة علمية وتكنولوجية وتنمية مستدامة بقدراتها الذاتية من ناحية وفرض نفسها كقطب مستقل فاعل مواز للأقطاب الأخرى الحالية والصاعدة على الساحة العالمية من جهة أخرى.

  ما تقدم يمثل العوامل والأسباب التي جعلت من إسرائيل دولة مارقة فوق القانون ومحصنة من المساءلة والعقاب ومن الامتثال لقرارات أعلى سلطة قضائية دولية ممثلة بمحكمة العدل الدولية.

كون الخطر المباشر الناجم عن السياسة الإسروأمريكية يستهدف الأمن القومي العربي بمفهومه الشامل فهذا يتطلب من القيادات العربية أن تنتفض بوجه السياسة الأمريكية الداعمة لسياسة الكيان الإرهابي الإسرائيلي التوسعية التي تستهدف تقسيمه إثنياً وطائفياً وعرقيا،ً وذلك بإعادة النظر بطبيعة العلاقة الحالية إلى علاقة قائمة على المصالح المشتركة وبناء علاقة متوازنه مع أقطاب عالمية بعناوينها السياسية والاقتصادية والعسكرية والتجارية .

 ٥٨ عاماً مرت على هزيمة حزيران وما أعقبها من تغول إسروأمريكي على الأمن والاستقرار القومي  العربي بعنوانه الرئيس القضية الفلسطينية التي أجمعت جميع القمم العربية بقراراتها على مركزيتها وكذلك مئات القرارات الصادرة عن الجمعية العامة ومجلس الأمن الداعية لإنهاء الاحتلال الإسرائيلي للاراضي الفلسطينية المحتلة وتمكين الشعب الفلسطيني من حقه بالحرية والإستقلال وتقرير المصير وإقامة دولته المستقلة وعاصمتها القدس الشريف، إلا أن التمرد والعنجهية والوقاحة الإسرائيلية الذي بلغ ذروته خاصة خلال السنوات الأخيرة بدعم أمريكي على مبادئ وأهداف وميثاق الأمم المتحدة وقراراتها وتهديداتها العلنية لدول عربية وإسلامية دون وجود أي أفق عربي وإسلامي بتبني استراتيجية عملية تتصدى للمخطط الاستعماري التوسعي الإسرائيلي سيبقى الخطر الأكبر على وحدة واستقرار المنطقة .

مغادرة مربع الضعف والمناشدة والاستجداء إلى مربع الوحدة والقوة وبدعم صمود الشعب الفلسطيني على ارض وطنه ونضاله الوطني نحو الحرية والإستقلال وإقامة دولته المستقلة وعاصمتها القدس وتمكين اللاجئين الفلسطينيين من العودة إلى مدنهم وقراهم التي طردوا منها عنوة عام ١٩٤٨ تنفيذاً للحق التاريخي وللقرارات الدولية يشكل أساساً للأمن القومي العربي بمفهومه الشامل. 

فلسطين كانت وستبقى خط الدفاع الأول ليس عن الدول المحيطة بفلسطين المحتلة فحسب بل عن المحيط العربي بكليته أمنه واستقراره.

  الشعب الفلسطيني صامد على أرضه، ماض بنضاله بقيادة منظمة التحرير الفلسطينية الممثل الشرعي والوحيد للشعب الفلسطيني، وبدعم عربي وإسلامي ومن أحرار العالم حتى الحرية والاستقلال وإقامة دولته المستقلة وعاصمتها القدس بإرادة لن تلين ولن تهزم  بإذن الله. فلتكن ذكرى هزيمة حزيران نقطة إنطلاق نحو القوة والوحدة..