أرضٌ تُقاوم

أرضٌ تُقاوم
السيلة الحارثية – خاص براديو وتلفزيون كل الناس وشبكة معاً الإذاعية وفضائية معاً – رهف جيتاوي
بين أشجار الأناناس والتوت الأزرق والحرنكش، يواصل المهندس المزارع ناصر جرادات من بلدة السيلة الحارثية شمال الضفة الغربية شق طريقه في الزراعة الريادية التي تمثل نموذجًا ملهمًا في التمسك بالأرض وتحويلها إلى مصدر حياة وإنتاج رغم التحديات.
خلال لقاء خاص عبر راديو وتلفزيون كل الناس بالتعاون مع شبكة معاً الإذاعية وفضائية معاً، جرادات لم يكتفِ بالزراعة التقليدية المعروفة في فلسطين، بل اختار إدخال محاصيل غير مألوفة في السوق المحلي مثل الكركديه، البلو بيري (التوت الأزرق الغني بالفوائد الصحية)، البلاك بيري، الأناناس، والحرنكش (فاكهة صفراء صغيرة بطعم حلو حامض)، وحتى الفراولة على مدار العام.
ويقول: "ليش نستورد هاي المنتجات من الخارج وما ننتجها محليًا ونخلق فرص عمل؟"
رحلة التعلّم والابتكار
نجاح المزرعة لم يأتِ صدفة بل بدأ بخطوات متدرجة اعتمدت على التجربة والمعرفة, ويؤكد جرادات أن هناك طريقتين لدخول المجال: إما البداية من الصفر بتجارب بسيطة ومتراكمة، أو القفز حيث انتهى الآخرون بطريقة مكلفة ماليًا.
ويضيف: "الموضوع موضوع معرفي مع تجربة بسيطة كل شيء بيصير لو نجحنا 50% هذا فضل من الله."
ويُبرز نموذج ناصر أهمية الاعتماد على النفس وعدم الاستسلام للتحديات مستشهدًا بمقاتلي جنوب شرق آسيا الذين زرعوا أرضهم رغم الحصار والظروف الصعبة, مؤكدًا أن المزارع الفلسطيني يجب أن يرى في الأرض خط دفاعه الأول عن هويته ولقمة عيشه.
الصمود في وجه الاستيطان والظروف الاقتصادية
زراعة ناصر ليست مجرد مشروع اقتصادي، بل رسالة صمود في وجه الاحتلال الذي يحاصر المزارعين ويقيّد وصولهم إلى أراضيهم.
وفي رسالته لكل من يفكر بالزراعة الريادية رغم الظروف الصعبة، يقول جرادات: "مجبورين نتكيف مع كل الظروف ما بيصير نحصي التحديات قبل ما نبدأ."
ففي ظل مصادرة الأراضي والاستيطان في الضفة الغربية، تمثل كل شجرة تُزرع خطوة لمواجهة محاولات التهجير وتمسك ناصر بأرضه يعكس المعادلة البسيطة: من يزرع يبقى.
فرص عمل وتسويق محلي
نجاح المزرعة انعكس أيضًا على السوق المحلي، حيث توفّر منتجات نوعية يبحث عنها المستهلك الفلسطيني عادة في الأسواق الخارجية ورغم محدودية التسويق تُباع منتجات المزرعة في المولات الكبيرة مع استعداد ناصر لدعم أي شخص يريد دخول مجال التسويق والاستفادة من الإنتاج المحلي.
كما يفتح المهندس المزارع أبواب مزرعته لكل طالب أو مزارع مبتدئ يريد التعلم مؤكدًا أن نشر المعرفة الزراعية مسؤولية جماعية، وهو ما يجعله نموذجًا للمزارع الريادي الذي يدمج بين العلم والخبرة والعمل الميداني.
زراعة تُقاوم وتُلهم
قصة ناصر جرادات تتجاوز الزراعة التقليدية لتصبح قصة إلهام وصمود فلسطيني؛ من يزرع اليوم لا يحمي أرضه فقط بل يخلق فرص عمل، ويكسر حاجز الاعتماد على الاستيراد، ويثبت أن التمسك بالأرض هو أبسط وأقوى أشكال المقاومة اليومية.