مؤشرات الأمن المائي في فلسطين: واقع وحلول

أغسطس 7, 2025 - 13:21
مؤشرات الأمن المائي في فلسطين: واقع وحلول

 

 

مؤشرات الأمن المائي في فلسطين: واقع وحلول

نظم معهد فلسطين لأبحاث الأمن القومي يوم الأربعاء الموافق 6 آب/أغسطس ندوة حوارية تحت عنوان "مؤشرات الأمن المائي في فلسطين: واقع وحلول"، بمشاركة نخبة من المختصين والباحثين من القطاعين العام والخاص. تناولت الندوة أهمية قضايا المياه باعتبارها محوراً أساسياً للحياة وعنصراً جوهرياً في تحقيق الأمن القومي الفلسطيني. افتتح اللواء حابس شروف، مدير عام المعهد، الفعاليات بكلمة أكد فيها على ضرورة تسليط الضوء على التحديات المائية التي تواجه فلسطين وضرورة السعي لإيجاد حلول عملية ومستدامة للتعامل مع هذه الازمة المتكررة. وقد أدار النقاش الدكتور حسين رداد، الباحث في المعهد، حيث استضاف الدكتور شداد العتيلي، مدير وحدة دعم المفاوضات، والمهندس ذيب عبد الغفور، الخبير المائي في وحدة دعم المفاوضات، لتقديم رؤى علمية ومهنية حول الوضع الراهن للمياه في فلسطين وآفاق تحسينه.

تُعد قضية المياه في فلسطين واحدة من أبرز التحديات التي تواجه الشعب الفلسطيني على الصعيد السياسي والاقتصادي والاجتماعي، حيث ترتبط ارتباطاً وثيقاً بمفهوم السيادة الوطنية وحقوق الإنسان الأساسية وعاملا من عوامل الصمود على الارض في وجه مخططات التهجير وحرب الابادة التي تشنها اسرائيل على الشعب الفلسطيني. يشير الدكتور شداد العتيلي إلى أن هذه القضية تتجاوز كونها مجرد مسألة بيئية أو خدمية، لتصبح محوراً أساسياً في الصراع الفلسطيني الإسرائيلي الدائر، حيث تسعى سلطات الاحتلال الإسرائيلي إلى فرض هيمنتها على الموارد المائية من خلال سياسات ممنهجة تهدف إلى تقويض حقوق الفلسطينيين في الوصول إلى مصادر المياه الجوفية والسطحية. وتشمل هذه السياسات قيوداً صارمة على حفر الآبار واستخدام المعدات الحديثة، بالإضافة إلى منع إدخال المضخات وقطع الغيار اللازمة، مما يؤدي إلى تفاقم الأزمة المائية. كما تتعمد قوات الاحتلال تدمير شبكات المياه والآبار التقليدية التي تُستخدم للزراعة، والتي تُعد جزءاً من الارث المملوك للفلسطينيين والممتد عبر مئات السنين. هذه الإجراءات لا تؤثر فقط على الأمن المائي الفلسطيني، يضيف العتيلي، بل تحمل في طياتها أبعاداً سياسية تهدف إلى تحقيق أهداف استراتيجية تخدم مصالح الاحتلال. مشيرا الى ان الفلسطيني في قطاع غزة وبفعل الحرب المجنونة بات لا يستطيع الحصول على الحد الادنى للحياة وهي اقل من 3 لتر ماء صالح للشرب يومياً من أصل 15 لتر يحتاجها المواطن يومياً كحد أدني للبقاء على الحياة. علماً ان القوانين الدولية حددت 100 لتر كحد أدني لحق الفرد اليومي من استخدامات المياه.

واضاف، ان هذا الوضع الناشئ في قطاع غزة لا يختلف كثيرا عن الوضع القائم في الضفة الغربية بفعل سياسات اسرائيل. واشار العتيلي الى انه وفي ظل هذه التحديات المعقدة التي تفرضها سلطات الاحتلال، يُصبح من الضروري تكثيف الجهود الوطنية والدولية للتصدي لهذه السياسات غير العادلة وتعزيز حقوق الفلسطينيين في الحصول على مواردهم المائية، بما فيها حق الوصول الى مياه نهر الاردن والتي تقدر بــ 250 مليون متر مكعب الذي اعتبرته اسرائيل ملكا خالصاً لها منذ العام 1967 وقامت بتنفيذ عدة تحويلات فرعية للتجمعات الاستيطانية والاراضي الزراعية داخل الخط الاخضر، الامر الذي ادى الى انخفاض منسوب تدفقات المياه داخل المجرى الرئيس للنهر. هذا النقص الحاد في كمية المياه اجبر الفلسطينيين الى تعويضه بشراء المياه من شركة المياه الإسرائيلية "ميكروت" بأثمان باهظة.

تناولت الورقة البحثية التي قدمها المهندس ذيب عبد الغفور تحليلاً علمياً دقيقاً لمؤشرات الأمن المائي الفلسطيني مقارنة بمؤشر الأمن المائي السعودي، بهدف تقديم أداة كمية تحليلية لقياس هذه المؤشرات من خلال مجموعة من المؤشرات الفرعية. وأظهرت نتائج البحث أن السياسات الإسرائيلية تمثل عائقاً رئيسياً أمام الوصول إلى مصادر المياه الجوفية، مما ينعكس سلباً على إدارة وتوزيع المياه في المجتمع الفلسطيني. كما أن هذه السياسات تؤدي إلى تقويض استمرارية التدفق المائي، مما يجعل قضية الأمن المائي مثار نقاش وجدل كبير داخل المجتمع الفلسطيني.

خلصت الندوة، التي شهدت نقاشات مثمرة من الخبراء والمختصين، إلى ضرورة وضع إطار شامل للأمن المائي الفلسطيني من خلال إعداد مؤشر مائي يعزز قدرة صانع القرار في السلطة الوطنية الفلسطينية على اتخاذ قرارات مستنيرة. كما أوصت بمراجعة القوانين والتشريعات لتأميم قطاع المياه وجعله تحت إدارة الدولة، بما يضمن استفادة الأفراد من الموارد المائية بشكل عادل ويحد من حرية التملك الفردي للمصادر الحيوية، ومنع التعديات على خطوط شبكات التوصيل، تحقيقاً للمصلحة الوطنية العليا.