في فكرة الانضباط التنظيمي والعسكري

بكر أبوبكر

أغسطس 8, 2025 - 17:38
في فكرة الانضباط التنظيمي والعسكري

في فكرة الانضباط التنظيمي والعسكري

بكر أبوبكر

لا يبتعد كثيرًا فكر الانضباط الذاتي أوالعسكري عن ذاك الانضباط التنظيمي داخل أي مؤسسة من المؤسسات أو المنظمات سواء أكانت مؤسسة ربحية (شركات) او غير ربحية (مؤسسات حكومية او طوعية أو تنظيمية-حزبية...) . فالانضباط هو الانضباط من حيث اتساق المسار والفعل ضمن المسار المتوجب اتباعه ضمن قواعد محددة او لوائح.

ويشير القادة والمسؤولون الى أن الانضباط يحتاج توفير بيئة مؤسسة وعمل وعطاء آمنة ومثيرة ومحفزة وليس بتحقيق آلية الهيمنة والاستبداد والعقاب والذي يتوجب فعله أي العقاب (باعتباره مثل الكي آخر الدواء) وفق القوانين.

والى ما سبق فإن حُسن التواصل بين القمة والقاعدة يعد أمرًا أساسيًا في تحقيق الانصباط من خلال المصداقية وبناء الثقة وتبادلية المعلومات والمشاركة.

إن القوانين والنظم هي مجال الانضباط، إذ بدون قوانين ونظم تشكل مرجعية انضباطية يصبح مزاج القائد أوالمدير هو الحكم، بينما حقيقة القوانين أو (النظام الداخلي) باعتباره مرجعية يشكل حماية للعضو او الكادر أو (الموظف، او الجندي) وفي نفس الوقت مرجعًا لايقاع المحاسبة حيث يتحصل الخرق.

وفي إطار استخدام القوانين لتحقيق الانضباط فإن الإجراءات تمثل قيمة أساسية لأنها مرتبطة بالقوانين وبتوثيق المحاسبة أو المتابعة أو العقاب حيث وجب.

إن تكريس فكر الالتزام والانضباط يعني مما يعنيه أن يعمل القائد أو المدير على التوجيه والإرشاد في إطار متابعته لخطة وبرامج عمل وتكليفات يضعها -او يشارك الأعضاء بوضعها- (في إطار المؤسة التنظيمية اوالتطوعية، ويضعها القادة في إطار المؤسسة الحكومية والعسكرية)

يُشير الانضباط في العمل (أكان عملًا تنظيميا أو عسكريا أو تجاريا، أو تطوعيًا مجتمعيًا...) إلى التزام الشخص بقواعد وسياسات العمل والمؤسسة وتوقعاته السلوكية. ويشمل ذلك الالتزام بالمواعيد، والانتظام في الحضور، والإنتاجية وقياسها، والسلوك الفريد والجماعي. والى ذلك يُعزز الانضباط القوي في العمل مبدا المراجعة والنقد والمساءلة، ويُحسّن الأداء، ويُحافظ على بيئة عمل مُتناغمة.

ومن هنا يمكننا الانطلاق مما تقوله "لوسي كوب" الأخصائية في قانون العمل حين تقرر عشر خطوات عمل في حالة عدم تحقق الانضباط (باختصار ومع تعديلاتنا والإضافات اللازمة) كالتالي:

1-وضع سياسة انضباطية واضحة ضمن نظام (لوائح، قوانين)

2- تحديد المشكلة الموجبة لتحقيق الانضباط (التأخير أو الغياب المتكرر، عدم تحقيق أهداف الأداء رغم الدعم،مخالفات سياسة المؤسسة (مثل الصحة والسلامة،..)، سوء السلوك الجسيم، أومثل السرقة أو التحرش، عدم إطاعة أوامر القادة خاصة بالإطار العسكري...)

3-إجراء تحقيق موثق في مخالفة الانضباط

4- محاولة حل المشكلة بشكل غير رسمي من خلال اعطاء الشخص فرصة للرد وشرح وجهة نظره، وتقديم الدعم أو التوجيه أو التدريب الإضافي إذا لزم الأمر لمساعدته على التحسن.

5- دعوة الشخص إلى جلسة (للنقد الذاتي، المحاسبة، التحقيق، التأديب...حسب مصطلحات المؤسسة المعنية، وفق اللوائح) ويجب أن تكون هذه الدعوة كتابية، وأن تتضمن ما يلي 

تاريخ ووقت ومكان الجلسة

شرحًا واضحًا للادعاءات والأدلة المُجمعة

النتائج المحتملة للجلسة (مثل الإنذار أو الفصل)

حق الشخص في الدفاع عن نفسه وإعطائه وقتًا كافيًا

6- عقد جلسة الاستماع الانضباطية

7- اتخاذ القرار: بعد جلسة الاستماع، من المهم تخصيص وقت كافٍ لمراجعة الأدلة، وردّ المدعى عليه، وأي ظروف مخففة بعناية قبل اتخاذ القرار.

 8- إبلاغ الشخص بنتيجة التحقيق أو الجلسة الانضباطية: بتوضيح أسباب القرار، والخطوات المطلوبة من الشخص إن وجدت، وعواقب استمرار الحالة الاانضباطية، والحق بالاستئناف، وعلى أن تكون الرسالة مكتوبة ونظامية وواضحة ..

9- منح الشخص حق الاستئناف على القرار: وفي حالات اللاإنضباط القصوى قد لا يكون من حق الشخص الاستئناف خاصة بالإطار العسكري.

10- المتابعة: حيث أنه بعد اتخاذ الإجراء (الانضباطي/العقابي/ التأديبي....) من المهم متابعة الشخص لضمان حصوله على الدعم اللازم لتطوير ذاته وعمله ونقد ذاته وتحسين أداؤهوفي الحالات القصوى حسب النظام قد تنتفي المتابعة ما لم يقم الشخص ذاته بتقدينم طلب عودة (غير ملزم) للمؤسسة .

وتساهم الكاتبة "سام لوفهاوج" (في موقع عندما أعمل) بالكتابة حول ما يجب فعله وما لا يجب فعله في مجال تحقيق الانضباط في مكان العمل (وبإعادة الصياغة منا فيما ينطبق على الإطار السياسي والتنظيمي والعسكري والتطوعي والحكومي وغير الحكومي...)، أن أهم الأمور التي يجب مراعاتها 

كن منصفًا. هذا هو الأهم. عندما يشعر الأفراد بأنهم يُعاملون بإنصاف، يزداد احتمال استجابتهم لمتطلبات الانضباط بالطريقة التي تريدها.

وثّق كل شيء. إذا وجدت نفسك في موقف قانوني بسبب طريقة تعاملك مع الفرد، فستحتاج إليه. سيحميك ملف الكادر/الفرد هذا على المدى الطويل.

تصرّف بسرعة. إذا انتظرت طويلًا لمناقشة مشكلة مع الفرد، فقد يُسبب ذلك ارتباكًا واستياءً. كلما ناقشت الأمر مبكرًا، كلما تمكن من العمل على حلها أسرع.

تحدث إلى مسؤول الفرد/العضو/العامل. اعمل كفريق واحد لجمع المعلومات ذات الصلة ووضع أفضل خطة عمل. تأكد من أن الجميع على وفاق.

تابع أحوال العاملين معك باستمرار. قدّم له ملاحظات حول أدائه ليعرف أنه يُحرز تقدمًا. كما يُظهر هذا اهتمامك بتطوره، ويُؤكد أن اتحقيق الانضباط يتعلق بالأفعال، وليس بالأشخاص. 

أما عن أخطاء تحقيق الانضباط (بالقوة القانونية) التي يجب تجنبها:

لا تهدد العضو/الفرد. إلقاء التهديدات الفارغة يُشعرك وكأنك تُهاجمه شخصيًا. وإذا لم يُحرز أي تقدم، فسيتعين عليك الوفاء بوعدك وإلا ستواجه عواقب عدم الوفاء به.

لا تفترض أن العضو يعلم أنه أخطأ. خصص وقتًا لشرح المشكلة وأسبابها. قد يكون هناك حل سهل، مثل بعض التثقيف أو التدريب البسيط.

لا تظن أنه بمجرد التحدث عنها، فقد تم حلها. تابع مع موظفك باستمرار. احتفظ بوثائق مكتوبة لكل ما ناقشتموه بشأن هذه المشكلة.

لا تجعل فكرة تحقيق الالتزام والانضباط من العضو شخصية. ركز على المشكلة، وليس على الشخص. ركز انتباه العضو العامل على العمل وكيفية تأثير المشكلة على العمل والعطاء.

لا تؤجل توثيق المشكلات. تأكد من حصولك على المعلومات ذات الصلة حول السلوك المُسجل بسرعة، حتى لا تعتمد على ذاكرتك لاحقًا. هذا قد يجعل التقارير متحيزة وغير مفيدة في المستقبل.

إن فكرة الانضباط الذاتي فكرة ذات أهمية للانسان الساعي لأن يكون لحياته معنى وهدف وهو الانسان الذي يفهم أنه مسستخلف بالأرض لاعمارها وفق ما أوجبه المولى عز وجل ولخدمة الناس، لذا فانضباطه وفق فهم للأهداف العامة (للبلد، والمؤسسة، والجماعة، والعائلة...) والخاصة يدخل في أهمية تحقيق السعادة التي تتجلى بالعمل والعطاء لتحقيق تلك الأهداف فالرسالة والهدف هي مدخل تحقيق النتيجة ضمن مسار متسق ومنضبط ذاتي، أو في إطار المؤسسة أو المنظمة أو الجماعة يكون مرتبطًا باللوائح والقوانين. والانسان ذاتي الانضباط بالعمل والسلوك والقيم، يسهل عليه تحقيق ذلك في إطار المؤسسة أي مؤسسة.