اسرائيل ... الهزيمة السياسية . 

أغسطس 3, 2025 - 08:20
اسرائيل ... الهزيمة السياسية . 

اسرا×ئيل ... الهزيمة السياسية . 
حمزة خضر .

لا يمكن لنا نحن الفلسطينيون الادعاء بامتلاك القوة العسكرية التي تمكننا من هزيمة دولة الاحتلال او مجابهة قوتها العسكرية  المدفوعة بالعقيدة اللا أخلاقية و اللا انسانية و التي تمنحها جرعة ادرينالين عالية ممزوجة بثقافة الموت و غريزة القتل لكل ما هو فلسطيني كان ذلك بشرا ام حجرا ام حيوان .  
و لكننا نستطيع الادعاء بالقدرة على هزيمة هذه الدولة سياسيا و اعلاميا و ان مراكمة هزائمها الصغرى سيتحقق عنه ذات يوم هزيمة كبرى لها و انتصار محقق لنا تحقق بفعل مراكمة الانتصارات الصغيرة و الخطوات المتواصلة و الفاعلة و المستمرة و التي من شأنها ان تقوض دولة الاحتلال و تتيح لنا المجال للعب منفردين في الساحة الدولية فكل فضيحة لهذه الدولة امام المجتمع الدولي هي بمثابة هزيمة صغرى لها و انتصار بسيط لنا في خضم معركتنا الكبرى مع المحتل. 

بداية الهزيمة . 
ان سجل الهزيمة السياسية لدولة الاحتلال لم يبدأ التدوين به منذ الامس بل منذ تلك اللحظة التي قررت بها الدبلوماسية الثورية  الفلسطينية الالتحاق في النادي الدولي و لكن المشهدية السياسية تطورت و تسارعت معها و تيرة الصفعات السياسية التي تلقتها دولة الاحتلال في مسارين رئيسيين و هما : 

- المسالة و المحاسبة الدولية لدولة الاحتلال .
- الاعتراف الدولي بالدولة الفلسطينية و العضوية الكاملة .

المسألة و المحاسبة الدولية لدولة الاحتلال .
منذ ان اعلن عن قيام دولة الاحتلال في العام ١٩٤٨ دخلت هذه الدولة في الحضانة والحصانة الدولية و اصبحت تعامل معاملة الطفل المدلل الذي لا يرفض له طلب و ان رفض كان له صراخه المستمر حتى يلبى له طلبه و يحصل بذلك على ما يريد و هكذا هي بالضبط دولة الاحتلال الطفل الاستعماري المدلل في المنطقة العربية الذي يريد ان يفعل ما يشاء وقت ما شاء و كيفما شاء دون حسيب او رقيب و دون اي رادع او مسؤولية. 

الانقلاب الدولي على الطفل المدلل. 
لاول مرة منذ قيام دولة الكيان الصهيوني العام ١٩٤٨ ضرب تل ابيب تسونامي سياسي حينما اعلنت محكمة الجنايات الدولية صدور مذكرة الاعتقال الدولية بحق رئيس وزراء دولة الكيان الصهيوني المجرم بنيامين نتنياهو و وزير حربه يؤآف غالانت . 

و ماذا يعني ذلك ؟. 
- رفع الحصانة السياسية و الدبلوماسية و القانونية عن دولة الاحتلال، تلك الحصانة التي شكلت حالة من الممانعة امام اية محاولة لمحاسبة و مسألة هذه الدولة على ما ترتكبه من جرائم و انتهاكات بحق الشعب الفلسطيني .
- بصدور مذكرة الاعتقال لم تعد دولة الاحتلال فوق القانون الدولي بل اصبحت ثقلا في واحدة من كفتيه و بذلك يمكن اخضاعها للمحاسبة و المسألة الدولية. 
- ان صدور مذكرة الاعتقال يفتح الباب امام امكانية صدور مذكرات اخرى بحق قادة اخرين كما هو متوقع ان تصدر مذكرات اعتقال دولية بحق كل من الوزيرين المتطرفين الارهابيين سموتريتش و بن غفير و كما تفتح الباب امام ملاحقة كل من شارك في تنفيذ الإبادة الجماعية من كلا المؤسستين العسكرية و الامنية في دولة الاحتلال كما ان صدور مذكرات الاعتقال يعتبر سابقة في تاريخ الكيان يمكن لهذه السابقة ان تتكرر و تنسحب على قادة الاحتلال الحاليين و المستقبلين ايضا. 
لقد شكل صدور مذكرة الاعتقال الدولية حافز لكل القوى و الاحزاب و الحكومات لان تتجرأ في خطابها مع دولة الاحتلال و ان ترفع من سقف مطالبها و ان تبدأ باتخاذ خطوات عملية ملموسة تؤثر سلبا على مكانة و حضور هذه الدولة امام المجتمع الدولي فلقد كانت هذه المذكرة بمثابة المطرقة التي هوت على جدار الجليد الحائل دون تعاظم الموقف الدولي المتضامن مع القضية الفلسطينية .

الاعترافات الدولية بالدولة الفلسطينية ( العضوية الكاملة ) . 

لم تكن الاعترافات الدولية وليدة اللحظة او المرحلة بل هي ثمرة مسيرة طويلة بدأتها القيادة الفلسطينية عندما انتزعت شرعية تمثيل الفلسطينين لانفسهم في مؤتمر القمة العربية - الرباط العام ١٩٧٤ و من العام ذاته  حصلت منظمة التحرير الفلسطينية على الاعتراف الدولي بها ممثلا شرعيا و وحيدا للشعب الفلسطيني  في الامم المتحدة متوجة هذا الاعتراف بحصولها على مقعد العضو المراقب في الجمعية العامة للامم المتحدة و مستمرة في هذا السياق اعلنت منظمة التحرير الفلسطينية العام ١٩٨٨ في العاصمة الجزائر استقلال دولة فلسطين لتحصد بذلك جملة من الاعترافات تركزت في غالبها في الخارطة العربية و الاسلامية و عدد من الدول اللاتينية  و مستمرة في التقدم في هذا المسار حصلت فلسطين على عضوية الدولة المراقب العام ٢٠١١ و تستمر مسيرتها ماضية بالايمان بالحق الفلسطيني و عدالة القضية عاقدة العزم على نيل العضوية الكاملة لدولة فلسطين في الامم المتحدة . 

و ماذا يعني ذلك ؟ .
- ان العالم بدء بقراءة خارطة النضال الفلسطيني و التفاعل معها و ان المجتمع الدولي يصطف في خندق الحقوق الواجبة للشعب الفلسطيني هذا ما يعني قبوله مستقبلا أجندة النضال و تأييده و دعمه لاي خطوات كفاحية او دور نضالي يتطلع اليه الشعب الفلسطيني طالما انه لا يتعارض و ميثاق الامم المتحدة و قرارات الشرعية الدولية التي نعلن نحن الفلسطينيون التمسك بها واحترامها  و الالتزام و الاقرار بها .
- يعني ذلك استمرار المسعى الفلسطيني للحصول على الارض ( جوهر الصراع ) وفق قرارات الشرعية الدولية و مبادرة السلام العربية.  
- التحول في نظرية الصراع و فقهه من شعب محتل الى دولة محتلة ما يعني اننا امام بلورة خارطة نضال جديدة مدعومة و مدفوعة من قبل المجتمع الدولى و ذلك بعيد حصول فلسطين على العضوية الكاملة في الامم المتحدة . 
- حصول فلسطين على العضوية الكاملة يعني بطلان كل الاجراءات و الوقائع التي احدثها الاحتلال من جدار فصل عنصري و استيطان بكل اشكاله و انواعه و محاولات ضم اجزاء من الضفة باعتبارها اراضي دولة فلسطين المحتلة . 
- انضباط النضال الفلسطيني و تركيزه على اهداف محدده مثل مناهضة الاستيطان بدلا من عشوائية الاهداف و ازدواجية البرامج اي ان هذه الخطوة ستساهم في بلورة برنامج نضالي جامع يتركز على تحقيق اهداف بعينها . 
- ضمان الحقوق و ليس الحصص في الموارد و الثروات الطبيعية لدولة فلسطين المحتلة و النضال من اجل تأميمها و استحقاق الحق الفلسطيني في الفائدة منها. 
- حصول فلسطين على العضوية الكاملة يعني ذلك وأد الحلم الصهيوني بدولة اسرا×ئيل الكبرى من النيل الى الفرات لان ذلك يعني ان هناك دولة اخرى ( دولة فلسطين المحتلة ) بحدود واضحة و مقررة و فق الشرعية الدولية و معترف بها دوليا و يجب ترسيم حدودها مع دول الجوار هذا يعني ترسيم حدود دولة الاحتلال مع دول الجوار ايضا وفقا لذات المبدأ حيث ان دولة الاحتلال هي الدولة الوحيدة في العالم الغير معلن عن حدودها منذ اقامتها العام ٤٨ و حتى الان مع العلم انه في العام ٢٠١٩ تم تحديد الحدود البحرية لدولة فلسطين و تم رفع قضية لدى محكمة البحار في الامم المتحدة . 
ان من استطاع ان يحدد حدوده البحرية يمكن له ان يحدد حدوده البرية ايضا و يرسمها .
- سواء انتهى الاحتلال خلال الـ ١٥ شهر القادمة و فق ما تضمنه بيان نيويورك او استمر لـ ١٥ عام قادمة فان العضوية الكاملة لدولة فلسطين يعني ان هناك وجود لدولة على خارطة العالم اسمها دولة فلسطين و ان صفتها او وضعيتها القانونية ( دولة محتلة) من قبل دولة دولة اخرى و استنادا للقانون الدولي و المواثيق الدولية يجرم / يحرم اعتداء اي دولة على سيادة  الدول الغير و الاستيلاء على اراضيها .

و هذه الاهداف التي يسعى الاحتلال الى منع الفلسطينيون من تحقيقها او العمل عليها من خلال طرحه لخيارات بديلة و العمل على تغذيتها و بالمقابل العمل على تقويض مشروع السلطة الوطنية الفلسطينية باعتبارها نواة الدولة الفلسطينية و صاحبة الولاية الشرعية و القانونية بموجب اتفاق اوسلو الذي منحها الولاية الحاكمة على الاراضي الفلسطينية المحتلة عام ٦٧. 
دعى بيان نيويورك في ختام المؤتمر الدولي لحل الدولتين لحصول فلسطين على العضوية الكاملة معتمدا خيار حل الدولتين اساسا وحيدا لحل الصراع الفلسطيني / الاسر×ائيلي . 

الدعاية الصهيونية و الرواية المضادة . 
لم تكن الدعاية الصهيونية التي عكفت عليها الماكينه الاعلامية الصهيونية الضخمة و المهولة بعد احداث السابع من اكتوبر و التي سعت لاستقطاب عطف العالم و دعمه لدولة الاحتلال من ناحية و شيطنة الانسان الفلسطيني و تقديمه بصورة الارهابي الداعشي القاتل و المتوحش الذي لا شفقة عنده و لا رحمه وليدة الاحداث التي تمخضت عن السابع من اكتوبر بل هي نتاج دور تخادمي بين الجماعات الاسلامية في فلسطين بقيادة حركة حماس و حكومات اليمين المتطرف في دولة الاحتلال حيث الفريق الاول الذي سعى الى تقديم نفسه بانه الفريق الذي يمتلك من القدرات العسكرية ما يؤهله خوض معارك استنزاف و حسم تؤدي الى شطب الكيان الصهيوني من الوجود بينما استخدم الفريق الثاني هذه الداعية في صورة الكيان المهدد امنيا و الذي يواجه خطرا وجوديا يتمثل بحفنة بنادق و مواسير محشوة ببعض الكليو غرامات من المتفجرات محلية الصنع على انها قادرة على ابادة تل ابيب و تسويتها في التراب كما فعلت تل ابيب التي سوت قطاع غزة كاملا بالتراب . 

و ان هذا الدور الذي بدات تبرز ملامحه بشكل واضح منذ ان استولت حركة حماس بالقوة العسكرية على قطاع غزة عقب تنفيذها الانقلاب الدموي على المنظومة الشرعية الوطنية العام ٢٠٠٧ . 
استفادت دولة الاحتلال اعلاميا من خلق هالة امنية تبرر من خلالها دورها في تقويض اي فرصة لقيام الدولة الفلسطينية من خلال تعزيزها للانقسام الفلسطيني و تغذيتها المباشرة لحركة حماس في قطاع غزة بينما سعت الاخيرة الى تحقيق مكاسب مادية و سياسية عبر انخراطها في مشروع النفوذ الايراني في المنطقة العربية الامر الذي انعكس سلبا على القضية الفلسطينية حيث سعت حماس الى تقديم نفسها كوكيل حصري لمشروع المقاومة في فلسطين صانعة حول نفسها هالة اعلامية تركزت في الاتي : 
- تقزيم دور الحركة الوطنية الفلسطينية و انجازاتها ايا كان ذاك الدور و ايا كانت تلك الانجازات. 
- التقليل من قيمة اي خطوة سياسية او نضالية تقوم بها الحركة الوطنية الفلسطينية عبر منظمة التحرير الفلسطينية او السلطة الوطنية الفلسطينية 
- تعظيم اي حدث او فعل تقوم به حماس او اي من الاذرع الايرانيه و تضخيمه بحيث يبدو و كانه انجاز تاريخي او حدثا لا مثيل له ..
- تقاطع الاعلامي الحمساوي - الاخواني مع اعلام الاحتلال بشكل واضح حيث يركز الاعلام الحمساوي - الاخواني على  هدفين في رسالته الاعلامية و هما : 
- تضخيم صورة الفعل المقاوم ( اذا كان فعلا حمساويا او اذرع ايرانية ) .
- سب السلطة و شتمها و تخوينها و تشويه صورة المناضلين و تسخيف الحالة النضالية و التقليل من قيمة اي فعل نضالي اخر و العمل على تقزيم اي دور وطني للسلطة او المنظمة او الحركات الوطنية في وعي الناس حيث يتجاهل الاعلام الحمساوي و الاخواني فكرة مهاجمة دولة الاحتلال او العمل على تشوية صورتها او فضح جرائمها و يسعى دائما الى تحميل المسؤولية الى طرف ثالث اما ان يكون هذا الطرف فلسطينيا او عربيا و دوليا و لكن لا يمكن ان يكون اسرا×ئيليا و هذا ما نلمسه واضحا في الهجمة الاعلامية التي تشنها حركة حماس و جماعة الاخوان المسلمون على كل من الاشقاء "مصر و الاردن"  و هنا يجب ان نتساءل لماذا مصر و الاردن ؟ و لماذا يتم اخلاء مسؤولية الاحتلال في عدوانه على غزة و تحميل المسؤولية لكل من مصر و الاردن و هل تجويع شعبنا في غزة جاء نتيجة مواقف مصر مع القضية الفلسطينية ام نتيجة العدوان الصهيوني على القطاع ؟ من هي قوة الاحتلال التي من واجبها وفق القانون الدولي تامين السكان و احتياجاتهم في القطاع هل هي مصر ام الاردن ام دولة الاحتلال ؟ و لصالح من و لماذا تسعى حماس لإفلات العقال تجاه مصر ؟ هل لصالح شعبنا ذلك ام لصالح نتنياهو الحالم بتهجير شعبنا الى سيناء و ضم الضفة و تصفية السلطة الوطنية الفلسطينية بصفتها صاحبة الولاية الشرعية و القانونية و الجهة المعترف بها دوليا لحكم الاراضي المحتلة الفلسطينية . 

الاعلام العبري : 
تساوق الاعلام العبري و تقاطع مع الدعاية الحمساوية الاخوانية في تهويل و تضخيم الدور العسكري للفصائل الفلسطينية بما يخدم اجندة اليمين المتطرف و التي تسعى الى تسويق هذا الدور العسكري على انه يشكل تهديدا على امن الدولة النووية و ان الفلسطينيون بحفنه بنادق قادرون على تدمير دولة الاحتلال و في سياق اخر تتقاطع معها في اظهار المنظومة الوطنية منظومة ضعيفة و هشة و غير قادرة على القيام بدورها و الالتزام بمسؤولياتها و الايفاء بالتزاماتها تجاه شعبنا الفلسطيني .
و لقد تعاظم هذا الدور بعد معركة طوفان الاقصى حيث باتت الرواية المسيطرة في العالم هي تلك البروبوجندا التخادمية بين دولة الاحتلال و جماعة الاخوان المسلمون حيث بات العالم مقتنعا بان الفلسطينيون جميعهم قد خرجوا من عمامة آية الله  خامنئي و ان الشعب الفلسطيني من كل الاطياف بات من اتباع اللون الواحد الامر الذي انعكس على السردية الفلسطينية و شحذ عطف ودعم  العالم اجمع لصالح دولة الاحتلال و من هنا كان لابد على الحركة الوطنية الفلسطينية بزعامة حركة فتح ان تعمل جاهدة على ابراز الواقع الفلسطيني و تقديم صورة الضحية في مواجهة الجلاد و فضح جرائم الاحتلال و العمل على تعاظم حالة التضامن العالمي مع القضية الفلسطينية و طرح مظلومية الانسان الفلسطيني بدلا من استعراض القوة و التفاخر بها و كأن غزة هي مكمن سلاح العالم و تتفوق على دولا حربية بقدراتها و صناعاتها العسكرية و قد تمثل هذا التحدي بالقدرة على اختراق جدار الوعي العالمي في مسارات ثلاث  : 
- المسار الامريكي.
لقد كان من الضروري العمل على احداث اختراقة في الموقف الامريكي تتمثل بإبراز المعسكرات في المجتمع الفلسطيني و تقديم صورة مختلفة تبرز انسانيته بعيدا عن خطاب الكراهية و العداء لكل الشعوب و الحكومات في رسالة ان المجتمع الفلسطيني متعدد المشارب و الاطياف و لا يجوز حصر الفلسطينيون جميعهم في قالب واحد و اعتبارهم جميعهم من خندق واحد و ان هناك معسكر مختلف في اهدافه و سياساته و خطابه و ادوات كفاحه و نضاله .
لقد وقعت احداث السابع من اكتوبر في الربع الاخير من ولاية الرئيس الامريكي السيد جو بايدن و نائبته السيدة كامالا هاريس و اعتقد ان الرواية الوطنية قد اثرت الى حد ما على الخطاب الامريكي حيث اعلنت المرشحة للرئاسة الامريكية السيدة هاريس عن تأييدها لمسار حل الدولتين و اقرت بحق الشعب الفلسطيني في تقرير مصيرة و انه يستحق ذلك بجدارة في مناظرتها الانتخابية مع الرجل البرتقالي الذي فاز برئاسة البيت الابيض و كذلك اعلن السيد جو بايدن و اكد في اكثر من تصريح له عزم بلاده انهاء الحرب و البدء في مسار سياسي يرتكز على مبدأ حل الدولتين .

- المسار الاوروبي .
ادان الموقف الرسمي الاوروبي بشدة احداث السابع من اكتوبر الامر الذي انعكس على الموقف الشعبي و المجتمعي في اوروبا و اعلن تعاطفه بشده مع دولة الاحتلال و لكن ربما كان من السهل احداث خرق في المسار الاوروبي بشكل اسرع منه امريكيا فهناك حالة من التعاطف و التضامن القائمة لدى هذه المجتمعات مع القضية الفلسطينية سابقا و جاء الخطاب الوطني رافعا لسقف التضامن الاوروبي مع القضية الفلسطينية حيث انعكس ذلك على خطاب الاحزاب و القوى السياسية التي وضعت فلسطين و قضيتها على اجندتها  الانتخابية كما فعل حزب العمال البريطاني و هذا ما يعكس تقدما كبيرا و غير مسبوق في العلاقة بين الاحزاب السياسية و القوة الانتخابية بتضمين قضية فلسطين ضمن برامجهم الانتخابية هذا ما يمكن تشبيهه بتضمين ذات الاحزاب و القوى دعم الحركة الصهيونية في نشأتها و دولة الاحتلال في بدايتها و حتى الان لا يزال هذا واضحا في خطابات الرؤساء الامريكان على سبيل المثال في حملاتهم الانتخابية يجددون تأكيدهم الدائم على دعم دولة الاحتلال و الحفاظ على مصالحها  من اجل كسب ود الناخبين المتعاطفين مع مأساة اليهود او اولئك الذين تربطهم مصالح بدولة الاحتلال و اللوبي الصهيوني . 
و هنا يمكن القول ان القضية الفلسطينية قد اضحت بيضة القبان بين الناخب في الدول الاوروبية و الاحزاب و القوى السياسية التي تسعى للحصول على صوته و ما يجب علينا فعله هو العمل على ترسيخ فكرة الدعم و التضامن مع القضية مبدأ ثابتا في العلاقة  بين الاحزاب و القوة الانتخابية و لقد لعبت صورة الجرائم التي ارتكبها الاحتلال في عدوانه على غزة و سياسية التجويع التي انتهجها في ذات السياق دورا هاما في تأليب الرأي العالمي و حث المجتمعات للضغط على حكوماتها اتخاذ مواقف حاسمة تجاه دولة الاحتلال الامر الذي نمى الشعور لدى المجتمع الدولي بضرورة حل الصراع القائم على اساس حل الدولتين .

- المسار العربي و الاسلامي  ..
اما عن المسار العربي فقد كان هناك غياب واضح للموقف العربي الجامع و الموحد الامر الذي ادى الى تراجع مكانة القضية الفلسطينية كقضية مركزية للامة العربية مقابل صعود قضايا عربية و اقليمية الى واجهة الملفات العربية الملحة مثل ثورات الربيع العربي و تداعياتها على المنطقة و تصاعد و تيرة المنافسه بين المحاور الاقليمية في محاولة للاستحواذ و التوسع في النفوذ بين ( ايران ، تركيا ، دولة الاحتلال ) . كما لا يغيب الواقع الفلسطيني المتصدع جراء الانقسام و قضايا داخلية كثيرة القت بظلالها على المشهد العربي ليقف العرب في مشهد الحاضر الغائب عن القضية الفلسطينية و ان التحدي يكمن  هنا باعادة تقديم المشهدية الفلسطينية للعالم العربي بصورتها الصحيحة و اعادة تقديم الخطاب الوطني الفلسطيني و الذي يرى في الامة العربية حاضنة القضية الفلسطينية و رافعتها الاممية و مسندها الاصيل و ذلك من خلال تجاوز عتبة الملامة و الاساءه للامه العربية و الاتكاء عليها باعتبارها الجدار الصلب الذي يمكن للموقف الفلسطيني الرسمي الشرعي الاستناد عليه في موازاة خطاب المحاور الاقليمية و التبعية الايرانية و التي انعكست سلبا الموقف العربي تجاه القضية الفلسطينية .
و من خلال خطاب الثقة بكافة مكونات الامة العربية و بثبات الشعب الفلسطيني و الموقف العربي نتخطى و نتجاوز و نفشل مخطط التهجير و نرفع من سقف الاستحقاق السياسي المرجو تحقيقة كثمرة نضال تكون بمستوى تضحيات شعبنا و اماله و طموحاته . 
لقد نجحت القيادة الفلسطينية مع الاشقاء المصريين و الاردنيين و بعباءة سعودية من تشكيل نواة لوبي عربي / اسلامي - دولي تجاوز مخطط التهجير و التطبيع بلا ثمن و مكتسب سياسي لصالح القضية الفلسطينية حيث علق ملف التطبيع على حبل الاشتراط بقيام دولة فلسطينية و في ذات السياق مع تراجع دور المحاور الاقليمية و خفوت نجم النفوذ الايراني في المنطقة برز الموقف العربي من جديد حاملا ملف القضية الفلسطينية الى واجهة الاهتمام العالمي فكان مؤتمر حل الدولتين بقيادة مشتركة سعودية - فرنسية المحطة الاولى لاعادة طرح الرؤية العربية لحل القضية الفلسطينية على اساس حل الدولتين الحل الذي نال تاييد و مصادقة المجتمع الدولي عليه كحل اساس و وحيد لانهاء الصراع الفلسطيني - الاسرا× ئيلي و مدعوما حتى من تلك الدول العربية التي اخذت مسارا مغايرا بالتطبيع مع دولة الكيان مثل دولة الامارات العربية المتحدة الشقيقة و التي اكدت تبنيها لهذا الحل و دعمها له و وقفت عند مسؤولياتها في دعم الشعب الفلسطيني و اغاثته . 

التطبيع و عزل السلطة . 
ما تريده دولة الاحتلال من مشروع التطبيع هو عزل المنظومة الوطنية بكل أركانها عربيا لتبدو امام العالم مهمشة و معزوله عن عمقها العربي و امتدادها القومي و وحيده في سعيها و نضالها المشروع نحو تثبيت الحقوق الفلسطينية و اقامة الدولة الفلسطينية و لكن المعطيات الدولية الاخيرة التي تبلور عنها موقف دولي جامع حول خيار حل الدولتين و انحياز الدول المطبعة لهذا الخيار يدلل ذلك على فشل مشروع التطبيع فما الفائدة المرجوة منه لدولة الاحتلال اذا كانت الدول المطبعة تتماشى و الخيار الذي ترفضه دولة الاحتلال ؟و بإيجاز  
" ان ما ارادت قوله دولة الاحتلال للعالم من خلال التطبيع : حتى العرب .. الاشقاء قد تخلوا عن الفلسطينيون و احلامهم بالدولة الفلسطينية و طبعوا علاقاتهم مع " اسر×ائيل " و لم للفلسطينين احد فجاءت رياح العرب بعكس ما تشتهي سفينة الاحتلال ". 

السلطة .... المنتصر الضعيف . 
ان هذه السلطة الضعيفة ، الهشة شكلت صخرة التحدي الاخيرة و الجدار المنيع امام مشروع النفوذ الصهيوني الذي يسعى لتقاسم المنطقة مع الايرانيين و الاتراك . 
لقد نجحت الحركة الوطنية الفلسطينية من الافلات من بين فكي الكماشة الصهيونية و نجحت في تفويت الفرصة على الاحتلال من جرها لمربع المواجهة المفتوحة و الشاملة و نجحت في الحفاظ على خطوط اتصالها في العام ممدودة و لم تغلق على نفسها الابواب التي تظاهر المتظاهرون على امامها مطالبين  بإغلاقها في وجه قادة و رؤساء و مبعوثي حكومات العالم . 
ان هذه السلطة التي حوصرت و عزلت على مدار العشرين عام الماضية استطاعت ان تكسر قيود عزلتها و تحلق من جديد كطائر العنقاء في سماء المجتمع الدولي . 
فمن يعزل من اليوم ؟ هل الاحتلال من يعزل السلطة ؟ ام السلطة من يعزل الاحتلال ؟. 
لقد جاء في بيان نيويورك التالي : 
- قطاع غزة جزء لا يتجزأ من الدولة الفلسطينية ويجب توحيده مع الضفة الغربية . و هذا يعني اقرار المجتمع الدولي بوحدة اراضي الدولة الفلسطينية اي العودة الى مرحلة ما قبل العام ٢٠٠٠.
- جدد بيان نيويورك على دعم السلطة الوطنية الفلسطينية و هذا ما يعني اعادة احتضان المجتمع الدولي لها ، اي العودة الى اتفاق اوسلو العام ١٩٩٣ و الذي بموجبه انشأت السلطة بدعم و رعاية عربية و دولية حيث من واجب المجتمع الدولي التكفل بها الى حين الوصول الى حل عادل و شامل للقضية الفلسطينية .
ان هذه السلطة التي حوصرت ماليا و عزلت سياسيا استطاعت اعادة تدوير الاوراق و تقديم اوراق اعتمادها مرة اخرى للمجتمع الدولي ! فمن يحاصر من الان؟ لمن يتحدث العالم و بمن يتصل ؟ هل يتصل العالم في تل ابيب ام في رام الله ؟ و بمن يثق العالم اليوم ! بحركة حماس و الاخوان المسلمون ام في الحركة الوطنية الفلسطينية .. ان العالم اليوم يتحدث الى المقاطعة في رام و يتصل بابو مازن .... آلو ابو مازن - عنوان الشرعية الفلسطينية ... العالم يتصل بك !!!. 

دولة تهزم بالكلمات . 
على دولة الاحتلال ان تقر و تعترف بالهزيمة السياسية و انها لم تنتصر علينا في الميدان السياسي كمان نحن لا ندعي القدرة على هزيمتها بالقوة العسكرية و لكن يمكن لنا القول اننا هزمنا   دولة بالكلمات !.
و في تاريخنا نحن الفلسطينيون هناك ما يعرف بالفرص الضائعة و ان الاوان ان نستفيد من الفرص المتاحة و ان لا نكرر اخطاء الماضي . 
و ما يمكننا قوله اننا ماضون نحو دولتنا الفلسطينية بدعم دولي و غطاء اممي فشكرا .. الامم المتحدة و شكرا لكل الدول التي اختارت الانحياز للحق الفلسطيني و الوقوف الى الجانب الصحيح من التاريخ ..