منظمة البيدر: قرار الكنيست الإسرائيلي بشرعنة ضم الضفة الغربية خطوة تصعيدية مدمرة تهدد حقوق الفلسطينيين وتقوض القانون الدولي.

منظمة البيدر: قرار الكنيست الإسرائيلي بشرعنة ضم الضفة الغربية خطوة تصعيدية مدمرة تهدد حقوق الفلسطينيين وتقوض القانون الدولي.
حذرت منظمة البيدر للدفاع عن حقوق البدو في تقريرًا لها ، من خطورة القرار الذي أقره الكنيست الإسرائيلي مؤخرًا، والذي يدعم فرض السيادة الإسرائيلية على الضفة الغربية، معتبرةً هذا القرار خطوة تصعيدية غير مسبوقة تنذر بتدهور الأوضاع على الأرض وتهديد صارخ للحقوق الوطنية الفلسطينية، ونسف تام للمعايير والقواعد القانونية الدولية التي تحكم النزاع في الأراضي المحتلة.
وقال المشرف العام لمنظمة البيدر للدفاع عن حقوق البدو حسن مليحات في بيان صحفي ،أن القرار، سواء تم إقراره كقانون ملزم أو إعلان سياسي، لا يُحدث أي تغيير في الوضع القانوني الدولي للضفة الغربية، التي ما تزال أرضًا محتلة وفقًا للقانون الدولي منذ احتلالها عام 1967، ولا تملك إسرائيل حق السيادة عليها.
وأضاف مليحات، أن هذا القرار يمثل إعلانًا سياسيًا وقانونيًا صريحًا عن توجه سياسات دولة الاحتلال الممنهجة،التي تهدف إلى فرض واقع جديد على الأرض من خلال ضم الأراضي الفلسطينية بالقوة، واستمرار الاستيطان والتوسع الاستعماري في عمق الضفة الغربية، بما يشكل تهديدًا مباشرًا لمستقبل الشعب الفلسطيني وحقوقه الأساسية في أرضه وحريته وكرامته وأوضحت المنظمة أن فرض السيادة الإسرائيلية بهذا الشكل هو انتهاك فاضح لمبدأ عدم جواز اكتساب الأرض بالقوة، وهو مبدأ راسخ في القانون الدولي، وتحديدًا في ميثاق الأمم المتحدة الذي يحظر على الدول الاستيلاء على أراضٍ بواسطة القوة المسلحة، كما أكدت محكمة العدل الدولية في رأيها الاستشاري بشأن الجدار العازل في عام 2004.
وأبرزت منظمة البيدر أن قرار الكنيست الإسرائيلي ينتهك بشكل واضح أحكام اتفاقية جنيف الرابعة لعام 1949، التي تُلزم دولة الاحتلال بالحفاظ على حقوق السكان المدنيين في الأراضي المحتلة، وتحظر أي محاولة لفرض سيادة غير مشروعة عليها أو إجراء تغييرات ديموغرافية بهدف تهويد المنطقة كما ربطت البيدر بين القرار والقرارات الدولية السابقة، مثل القرار 242 الصادر عن مجلس الأمن عام 1967، الذي يطالب بانسحاب إسرائيل من الأراضي التي احتلتها، والقرار 2334 الصادر عام 2016، الذي يؤكد على عدم شرعية الاستيطان والضم ويطالب بوقف أي تغيير في الوضع القائم، بالإضافة إلى القرار 478 الذي رفض ضم القدس واعتبره باطلًا قانونيًا، مؤكدة أن نفس المعايير القانونية تنطبق على الضفة الغربية.
وأشارت البيدر إلى أن هذا القرار يأتي في وقت تشهد فيه الأرض الفلسطينية موجة تصعيد غير مسبوقة من الاستيطان والاعتداءات على الأراضي والممتلكات الفلسطينية، حيث رصدت المنظمة في تقاريرها خلال النصف الأول من عام 2025 إقامة عشرات البؤر الاستيطانية الجديدة في مناطق مختلفة من الضفة الغربية، خاصة في محافظة نابلس التي تمثل نقطة محورية في السياسة الاستيطانية الإسرائيلية، إذ تتعرض أراضيها لاعتداءات متكررة من المستوطنين، مدعومة بحماية قوات الاحتلال وتضمنت هذه البؤر استهداف أراض زراعية حيوية في قرى مثل قريوت وحوارة وعصيرة القبلية وعقربا وسالم، حيث تمت أعمال التجريف والتهجير القسري، إلى جانب عمليات إقامة خيام ومنشآت ثابتة وتحسين البنى التحتية لهذه البؤر، مما يعكس نية الاحتلال تثبيت الوجود بشكل دائم.
وأكدت منظمة البيدر أن هذه السياسة لا تستهدف فقط الأرض بل تُحاول فرض تغيير ديموغرافي قسري يتمثل في تهجير السكان الأصليين وإفراغ المناطق الفلسطينية من أصحابها، من خلال الاعتداءات المتكررة وحرق المحاصيل الزراعية، والاستيلاء على الموارد الطبيعية، وهو ما يشكل انتهاكًا صارخًا لحقوق الإنسان والقانون الدولي الإنساني وأشارت إلى أن هذه السياسة تستهدف إضعاف صمود الفلسطينيين اقتصاديًا واجتماعيًا، ما قد يؤدي إلى تفتيت النسيج الوطني الفلسطيني، وفرض وقائع جديدة يصعب تجاوزها مستقبلاً.
ولم تقتصر تداعيات القرار على الأرض فقط، بل لفتت منظمة البيدر إلى الأبعاد القانونية والسياسية الخطيرة، حيث يمثل هذا القرار دليلاً واضحًا على النية السياسية والإدارية للإدارة الإسرائيلية بضم الأراضي المحتلة، وهو ما يعزز موقف الادعاء العام في المحكمة الجنائية الدولية، الذي يعتبر أن الاستيطان والضم يشكلان جريمة حرب وفقًا للمادة الثامنة من نظام روما الأساسي كما يزيد القرار من مسؤولية إسرائيل أمام الهيئات الدولية، ويضع المجتمع الدولي أمام اختبار حقيقي في كيفية التعامل مع انتهاكات القانون الدولي ومستقبل السلم والأمن في المنطقة.
واعتبرت منظمة البيدر أن استمرار إسرائيل في اتباع سياسة الضم والاستيطان التي ترعاها وتقرها جهات رسمية مثل الكنيست، يجعل أي حل سياسي حقيقي تحت سقف الدولتين أمرًا شبه مستحيل، ويقوض الأسس القانونية والسياسية التي تقوم عليها جهود الوساطة الدولية، بما في ذلك دور الأمم المتحدة والاتحاد الأوروبي ودول الرباعية الدولية، ويضعف فرص السلام والاستقرار في المنطقة على المدى المتوسط والبعيد.
ودعت منظمة البيدر المجتمع الدولي إلى التحرك العاجل والحاسم، عبر فرض عقوبات اقتصادية ودبلوماسية صارمة على إسرائيل، ووقف جميع أشكال الدعم الرسمي والمالي لها، وحماية حقوق الشعب الفلسطيني القانونية والسياسية والإنسانية، والتصدي لكل محاولات الاحتلال لفرض أمر واقع جديد على الأرض. كما طالبت بدعم الجهود القانونية الفلسطينية والدولية الهادفة إلى ملاحقة المسؤولين الإسرائيليين أمام المحاكم الدولية، وبخاصة المحكمة الجنائية الدولية، باعتبارها الوسيلة القانونية الفعالة لمحاسبة الاحتلال ومنع تفاقم الانتهاكات.
وفي ختام تقريرها، أكدت منظمة البيدر أن قرار الكنيست الإسرائيلي بضم الضفة الغربية، هو مؤشر خطير على نية الاحتلال لتصفية القضية الفلسطينية عبر استكمال السيطرة الكاملة على الأراضي الفلسطينية المحتلة، وأنه لا يمكن القبول بهذا القرار أو الاعتراف به بأي شكل من الأشكال، إذ إنه يمثل تحديًا صارخًا لكل الجهود الدولية لتحقيق السلام والعدالة، ويهدد الأمن والاستقرار الإقليمي والدولي وشددت المنظمة على أن الشعب الفلسطيني سيبقى صامدًا في مواجهة كل أشكال الاحتلال والضم، وأن الدفاع عن الأرض والحقوق الوطنية سيظل أولوية مركزية في نضال الفلسطينيين حتى تحقيق الحرية والاستقلال الكامل.
تؤكد منظمة البيدر أن توثيق الانتهاكات المستمرة ومراقبة الأوضاع على الأرض، إلى جانب التحرك الدولي المتواصل، هو السبيل الوحيد لمنع إسرائيل من تحقيق أهدافها الاستعمارية، والحفاظ على الحقوق الوطنية للشعب الفلسطيني، وهو ما يجعل من هذه المرحلة مفصلية في مسيرة القضية الفلسطينية ومستقبل السلام في المنطقة.