اتهامات للجيش المالي بتصفية رعاة في ظل أزمة اقتصادية وأمنية متفاقمة

أكتوبر 30, 2025 - 14:21
اتهامات للجيش المالي بتصفية رعاة في ظل أزمة اقتصادية وأمنية متفاقمة

اتهمت مصادر محلية في مالي الجيش بارتكاب مجزرة جديدة في منطقة سيغو وسط البلاد، حيث قُتل أكثر من 30 مدنيا غالبيتهم من الرعاة خلال عملية عبور موسمية للماشية عبر نهر النيجر، في حدث اجتماعي تقليدي تحوّل هذا العام إلى مأساة دامية.

وأكد شهود عيان أن الحادثة وقعت صباح 23 أكتوبر/تشرين الأول الجاري قرب مدينة ماركالا، حين باغتت قوة من الجيش المالي، مدعومة بعناصر من الصيادين التقليديين المعروفين بـ"الدوزو"، تجمعا للرعاة وأهالي المنطقة الذين اعتادوا الاحتفاء بعودة القطعان من الترحال السنوي.

وبحسب شهادات نقلتها وسائل إعلام دولية، فإن الجنود فتحوا النار مباشرة "من دون أي إنذار"، مستهدفين البشر والماشية على حد سواء. أحد الرعاة الذين نجوا من الهجوم قال إنه عبر النهر قبل لحظات من إطلاق النار، في حين روى آخر أنه شاهد شقيقه يسقط قتيلا أمام عينيه.

وقد أعرب أبناء المجتمعات الرعوية عن غضبهم، مشيرين إلى أن السلطات كانت على علم مسبق بموعد العبور التقليدي، الذي يُعد مناسبة للتضامن والاحتفال في المنطقة.

وتحدثت مصادر محلية عن مقتل 32 مدنيا، وأكدت أن الجنود عادوا بعد ساعات لدفن الضحايا في مقبرتين جماعيتين على ضفاف النهر.

ولم يصدر حتى الآن، أي تعليق من الجيش المالي أو من السلطات الحكومية بشأن هذه الاتهامات، في وقت تتزايد فيه المخاوف من تصاعد الانتهاكات بحق المدنيين في مناطق النزاع وسط البلاد.

وكانت السلطات المالية قد أعلنت تعليق الدروس في المدارس والجامعات على امتداد البلاد لمدة أسبوعين، في خطوة تعكس حجم الأزمة التي تعيشها الدولة جراء شح الوقود الناتج عن حصار يفرضه مسلحون مرتبطون بتنظيم القاعدة.

ويأتي هذا القرار في ظل أزمة وقود خانقة يعيشها البلد منذ أن فرض مقاتلو جماعة "نصرة الإسلام والمسلمين" -الموالية لتنظيم القاعدة- حظرا على دخول شاحنات الوقود من الدول المجاورة مطلع سبتمبر/أيلول الماضي.

على إثر ذلك نصحت السفارة الأميركية في باماكو، أول أمس الثلاثاء، جميع المواطنين الأميركيين الموجودين في البلاد بالمغادرة "دون تأخير" عبر الرحلات الجوية التجارية، في ظل تدهور الأوضاع الأمنية والمعيشية.

وجددت السلطات الأميركية تحذيرها من السفر إلى مالي، مشيرة إلى أن الصراع الذي كان يتركز سابقا في شمال البلاد ووسطها أصبح يمتد إلى مناطق أخرى، بما في ذلك محيط العاصمة، حيث تتعرض مواقع اقتصادية ولوجيستية وعمرانية متزايدة للهجمات.

ويرى مراقبون أن الأزمة الحالية لا تقتصر على الجانب الأمني، إذ إن أزمة الوقود والطاقة تكشف عن "هشاشة إستراتيجية" جديدة، حيث تتحول الاضطرابات اللوجيستية إلى أدوات ضغط تهدد استقرار الدولة.

وفي حين يواجه الجيش المالي تحديات ميدانية متصاعدة، يجد البلد نفسه أمام ضغوط متعددة الأبعاد، تجمع بين الانهيار الخدمي والتصعيد العسكري، مما يضع مؤسسات الدولة في اختبار صعب.