لماذا بر الوالدين والانضباط العسكري هو الدافع للانضباط؟

لماذا بر الوالدين والانضباط العسكري هو الدافع للانضباط؟

محمد قاروط أبو رحمه

الملخص: (هذه المقالة تجيب على سؤالين، الأول: لماذا الانضباط اهم من الدافع؟ والثاني متى يكون الدافع مفيداً؟ وتحدد الفرق بين الانضباط الذاتي والدوافع، وتبين ان الانضباط العسكري وبر الوالدين هو الدافع للانضباط).

أولا لماذا الانضباط اهم من الدافع؟

1-   الاستمرارية والاعتمادية: الدافع عبارة عن شعور قد يزيد او ينقص مع الوقت، بينما الانضباط هو قرار ثابت بالتصرف واتخاذ الإجراءات المطلوبة حتى في غياب الحماس.

2-   تجاوز الظروف: يمكن للانضباط أن يقودك لأداء المهام الصعبة حتى عندما تشعر بالحزن أو الإرهاق، وهذا ما يفتقر إليه الدافع الذي يعتمد على المزاج والبيئة.

3-   بناء عادات قوية: الانضباط هو ما يحول الأهداف الأولية المبنية على الحماس إلى عادات تلقائية ومستمرة، مما يضمن استدامة التغيير الصحي.

4-   التغلب على التسويف: الانضباط يقلل من التسويف لأنه يركز على تنفيذ الخطوات الضرورية بانتظام، مما يساعد على تحقيق التقدم حتى في الأيام التي تفتقر إلى الحماس والرغبة في العمل.

5-   تحقيق إنجازات كبيرة: يمكن الانضباط الأفراد من التركيز على المهام المهمة بشكل مستمر، وتجنب المشتتات، مما يؤدي إلى إنجازات أكبر بكثير من تلك التي تعتمد على نوبات الدافع.

ثانيا متى يكون الدافع مفيداً؟

على الرغم من أهمية الانضباط، فإن الدافع يلعب دورا في تحفيز البدء بأمر جديد أو في توليد الحماس في البداية. ولكن؛ لضمان الاستمرارية وتحويل هذه البدايات إلى نجاح حقيقي، يصبح الانضباط هو العامل الأساسي الذي يضمن استمرار العمل والالتزام حتى تحقيق الأهداف.

ثالثا الفرق بين الانضباط الذاتي والدوافع:
الفرق الأساسي هو أن الحوافز هي الدافع أو الشغف الأولي لبدء مهمة، بينما الانضباط هو القدرة على الاستمرار في هذه المهمة والالتزام بها حتى عند انخفاض أو غياب الحماس. الحوافز هي شعور مؤقت ومرتبط بالعواطف والظروف الخارجية، بينما الانضباط هو قوة مستمرة وأكثر موثوقية مبنية على قوة الإرادة والعادات.

الفرق بين الانضباط الذاتي والدوافع. العادات السبع ستيفن كوفي

التحفيز هو "لماذا نبدأ؟"، بينما الانضباط الذاتي هو "لماذا نستمر؟". يتطلب النجاح مزيجاً من كليهما، حيث يبدأ التحفيز المسار، ويُبقي الانضباط المسيرة مستمرة حتى الوصول إلى الهدف. 

رابعا الانضباط العسكري وبر الوالدين:

جوهر الانضباط العسكري وبر الوالدين هو إدراك أن هناك أشياء أعظم من الذات.

الخدمة المتفانية كفلسفة تشكل أساس إنجاز المهمة أو الرسالة. جزء من هذا هو دمج الذات في المجموعة، مع تفوق أهداف المجموعة على الرغبات الفردية (في الانضباط العسكري دمج الذات في المجموع، وفي بر الوالدين دمج الذات مع العائلة). يتحوّل هذا إلى رابطة وثيقة تشكل جوهر كل عمل بطولي (بين الجنود في العمل العسكرية، وبين افراد العائلة في المجتمع). يقال عن الفرد أنه بطل عندما يتغلب الخوف من الخطر الشخصي على الرغبة في مساعدة غيره (زملائه او افراد عائلته).

والانضباط العسكري وبر الوالدين هما الدافع للانضباط، لانهما يشتركان في الشعور بالمسؤولية، ووضع مصالح و/أو ميول الفرد الطبيعية جانبا، ومتابعة مسار عمل، أو إظهار سلوك لا يخدم مصالح الفرد الشخصية.

الدافع والانضباط ليسا متعارضين، لكن الطريقة التي يتعامل بها معظم الناس مع الاثنين خاطئة.

ما يعتقده الكثير منا هو أننا بحاجة إلى أن يكون لدينا الدافع في المكان المناسب من أجل تطوير الانضباط اللازم لتحقيق أي شيء نريده. وأود أن أقول إن الأمر هو العكس؛ "في الانضباط العسكري وبر الوالدين" لان عدم القيام بأحدهما يعرض الفرد الى المسائلة امام جهات الاختصاص، يعلم كل منتسب للجيش ذلك، ويعلم كل ابن ذلك. في المسائلة يتفوق بر الوالدين في بعض الأمور عن الانضباط العسكري يوم القيامة، فيكون الخوف من المسائلة دافع خفي عند بعض الافراد للانضباط العسكري وبر الوالدين.    

الطاعة الواعية هي انضباط، لكن الطاعة هي امتثال يجب فرضه باستمرار على الشخص إذا لا يرغب بالطاعة الواعية.

إضافة الى ما سبق فان الانضباط العسكري وبر الوالدين يشتركان في: الهدف الأسمى حيث يهدف كلاهما إلى تحقيق هدف أسمى. في الانضباط العسكري، الهدف هو حماية الوطن والدفاع عنه. في بر الوالدين، الهدف هو إرضاء الخالق وتقديم الرعاية لمن أنجبنا، وغرس القيم الإيجابية، لان كلا الأمرين يساهمان في غرس قيم مثل الانضباط الذاتي، والتعاون، وروح الفريق، والشعور بالواجب، والانتماء. والاحترام والطاعة، لان كلاهما يتطلب الاحترام للسلطة العليا، سواء كانت القائد العسكري أو الوالدين، والطاعة والامتثال لأوامرهما وتعليماتهما، وتحمل المسؤولية، لان في كليهما، يتحمل الفرد مسؤولية سلوكه. فالجندي مسؤول عن تصرفاته لأنها تؤثر على وحدته، والابن مسؤول عن سلوكه لأنه يؤثر على تماسك وسمعة أسرته، والتفاني والالتزام، لأنه يطلب كل من الانضباط العسكري وبر الوالدين مستوى عالي من الالتزام والتفاني. العسكري يضحي من أجل وطنه، والابن يكرس وقته وجهده لخدمة والديه.

الخلاصة:

الانضباط أهم من الدوافع لأنه يوفر الاستمرارية والموثوقية لتحقيق الأهداف، بينما الدافع مؤقت ويتغير مع المشاعر والظروف. فالانضباط يعني الالتزام بالعمل والخطوات اللازمة بغض النظر عن الرغبة أو المزاج، مما يساعد على بناء عادات قوية، وتجنب التسويف، وتحقيق النجاحات المستدامة على المدى الطويل.