مفهوم العمل الصالح ومفهوم العمل المصلح في حرب الشعب

محمد قاروط ابو رحمه
العمل الصالح[1] مرجعيته الدين والعقل، والعائد من العمل الصالح يعود على الفرد أولا في الدنيا والآخرة، او في الدنيا.
والعمل الصالح قد يكون طلبا من الفرد إلى الله أن يرشده إليه شكرا لله على نعمه التي أنعمها على عبده، (رَبِّ أَوْزِعْنِي أَنْ أَشْكُرَ نِعْمَتَكَ الَّتِي أَنْعَمْتَ عَلَيَّ وَعَلَى وَالِدَيَّ وَأَنْ أَعْمَلَ صَالِحًا تراضاه وَأَصْلِحْ لِي فِي ذُرِّيَّتِي إِنِّي تُبْتُ إِلَيْكَ وَإِنِّي مِنَ الْمُسْلِمِينَ)[2].
وللعمل الصالح شرطان الإخلاص والصواب[3].
والشرطان الإخلاص والصواب، الإخلاص نية بين العبد وربه لا يطلع عليها أحد، أما الصواب فهو العمل الذي يقوم به الفرد لغايات نفعه الخاص، وهو أمر مختلف فيمن يقيمه على انه صواب أو غير ذلك، بكل الأحوال العمل الصالح نفعه على الفرد الذي يقوم به.
والعمل المصلح[4] هو كل عمل يراد منه نفع المجتمع، او جزء منه.
جوهر خلق الإنسان هو الإصلاح، (وَإِذْ قَالَ رَبُّكَ للملائكة إني جَاعِلٌ في لأرض خَلِيفَةً ۖ[5])، والخليفة صالح لنفسه مصلح لغيره.
ويمكن التمييز بين الصالح والمصلح بالماء، فالماء الطاهر طاهر بذاته[6]، والماء الطهور[7] طاهر في نفسه طهور لغيره.
فالصالح صالح لنفسه ينفعها بالعمل الذي يعود بالنفع على الفرد نفسه، والمصلح صالح لنفسه ولغيره، عمل المصلح نافع له ولغيره.
في الحديث الصحيح (وَيُمِيطُ الأَذَى عَنِ الطَّرِيقِ صَدَقَة[8])، وهذا حث للفرد على العمل النافع للمجتمع ليأخذ الفرد به صدقه نافعة له.
فمثلا لو قام شخص لا نعرف له دين بإماطة الأذى عن الطريق، فسيكون عمله نافع للمجتمع، وهذا هو الهدف الأول من إماطة الأذى، والهدف الثاني نحن أصلا لا يجوز أن نحكم عليه.
الإسلام السياسي استخدم مفهوم العمل الصالح كأداة لتحقيق منافع فردية وحزبية، وجعل نفسه مرجعية للعمل الصالح واحتكر تعريفه وتقيمه له. واعتبر كل عمل يخرج عن مرجعيته وتعريفه للعمل الصالح بأنه عمل طالح (فاسد)، وهم بذلك خالفوا قول الله سبحانه (وَاللَّهُ يَعْلَمُ الْمُفْسِدَ مِنَ الْمُصْلِحِ[9]).
ولان الإسلام السياسي متعدد الأحزاب والجماعات (وكل حزب بما لديهم فرحون)[10] فان مفهوم العمل الصالح تعدد من ناحية المرجعية والتعريف والتقييم. ينطبق ذلك على كل الأحزاب العقائدية.
استخدم الإسلام السياسي مفهوم العمل الصالح في الانتخابات والإعلام والهجوم على مخالفيه.
أما الفرد الانتهازي فان مفهوم العمل الصالح عنده هو العمل الذي يعود بالصلاح والفائدة والنفع عليه.
أما مفهوم العمل المصلح فان مرجعيته الدين والعقل او العقل منفردا عن الدين وان عائده على الفرد والمجتمع.
وبما العائد من العمل المصلح يعود على الفرد والمجتمع فان مرجعيته هو ما يتوافق عليه الفرد مع المجتمع، وكذلك تعريفه وتقيمه له.
يفسر الإسلام السياسي أن العمل الصالح، انه صالح لكل زمان ومكان.
.
أما العمل المصلح فانه يُصلح كل زمان ومكان.
الإسلام السياسي قرر أن العمل الصالح هو أن الأمة لا تصلح إلا كما صلح أولها.
أما العمل المصلح فهو ما يتفق على نفعيته وضرورته الفرد والمجتمع لكل زمان ومكان محدد.
من قال أن المجتمع هو مجموع أفراده نسي أن الفرد يولد في مجتمع له عقله الجمعي، وان الفرد يتعلم كل شيء من المكان والزمان والمجتمع الذي يولد وينشئ به ثم يطور معارفه من خبراته حتى يصبح مؤثرا في بيئته.
حركة فتح بما أنها حركة تحرر وطني تبنت مفهوم العمل المصلح وجعلت العمل الصالح امرأ شخصيا.
واعتبرت نفسها جزء من الشعب الذي يقرر ما هو المصلح لكل زمان ومكان.
وعلى الرغم ان فتح اعتبرت العمل الصالح امرأ شخصيا إلا أنها حددت مجموعة من القيم والسلوكيات الضابطة للسلوك الفردي الصالح، وحددت عقوبات على السلوك غير الصالح.
اعتبرت فتح أن العمل الصالح احد أهم أدوات العمل المصلح وانه ليس مقصودا لذاته.
العمل المصلح فعل ذهني إنساني يعتمد على التعلم من الماضي وفهم الحاضر ووضع رؤية للمستقبل.
العمل الصالح تكرار لما فعله الأقدمون.
فهل أنت صالح أم مصلح.
[1] الصَّالِحُ: المستقيم المؤدي لواجباته والجمع، جامع المعاني قاموس
[2] سورة الأحقاف، الآية: 15.
[3] فَمَنْ كَانَ يَرْجُوا لِقَاءَ رَبِّهِ فَلْيَعْمَلْ عَمَلاً صَالِحاً وَلا يُشْرِكْ بِعِبَادَةِ رَبِّهِ أَحَدا ً) الكهف/110
[4] مُصْلِحٌ ذَاتِ بَيْنِ النَّاسِ: مَنْ يَسْعَى إِلَى الصُّلْحِ بَيْنَهُمْ: المُحْسن، مُصْلِحٌ: مَنْ دعا وناضَل لفائدة الإصلاح. مُصْلِحٌ اِجْتِمَاعِيٌّ وَسِيَاسِيٌّ: مَنْ يَدْعُو لِلْإِصْلاَحِ فِي الاِجْتِمَاعِ أَوِ السِّيَاسَةِ. مُصْلِحُ الأَخْطَاءِ وَالْهَفَوَاتِ: مَنْ يُقَوِّمُ مَا اعْوَجَّ وَفَسَدَ. مُصْلِحُ الأَخْطَاءِ وَالْهَفَوَاتِ: مَنْ يُقَوِّمُ مَا اعْوَجَّ وَفَسَدَ. جامع المعاني
[5] سورة البقرة 30
[6] مَاءٌ طَاهِرٌ: نَقِيٌّ غَيْرُ نَجِسٍ
[7] الطَّهُورُ: الطاهرُ في نفسه المُطَهِّرُ لغيره، فكلُّ طَهُورٍ طاهرٌ، ولا عكس.
[8] روى البخاري عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ رضي الله عنه: كُلُّ سُلاَمَى مِنَ النَّاسِ عَلَيْهِ صَدَقَةٌ، كُلَّ يَوْمٍ تَطْلُعُ فِيهِ الشَّمْسُ، يَعْدِلُ بَيْنَ الاِثْنَيْنِ صَدَقَةٌ، وَيُعِينُ الرَّجُلَ عَلَى دَابَّتِهِ فَيَحْمِلُ عَلَيْهَا، أَوْ يَرْفَعُ عَلَيْهَا مَتَاعَهُ صَدَقَةٌ، وَالكَلِمَةُ الطَّيِّبَةُ صَدَقَةٌ، وَكُلُّ خُطْوَةٍ يَخْطُوهَا إِلَى الصَّلاَةِ صَدَقَةٌ، وَيُمِيطُ الأَذَى عَنِ الطَّرِيقِ صَدَقَةٌ.
[9] سورة البقرة (220)
[10] سورة الروم (32)