الهند تُجري أول تجربة بيولوجية على محطة الفضاء الدولية

مايو 21, 2025 - 08:53
الهند تُجري أول تجربة بيولوجية على محطة الفضاء الدولية

في إنجاز علمي يُضاف إلى سجل طموحاتها الفضائية المتصاعدة، أطلقت الهند أول تجربة بيولوجية لها على متن محطة الفضاء الدولية (ISS)، في إطار مبادرة بحثية تُعنى بفهم استدامة الحياة البشرية في الفضاء العميق.

وهذه الخطوة، التي تُعد الأولى من نوعها للهند، تحمل دلالات استراتيجية وعلمية عميقة، خصوصًا في وقت تتسابق فيه الدول الكبرى لإثبات وجودها في مدار الأرض وما بعده.

وتندرج هذه التجربة ضمن برنامج "BioE3" الذي أطلقته الحكومة الهندية حديثًا، والذي يهدف إلى الدمج بين علم الأحياء والتكنولوجيا الفضائية، من أجل تطوير حلول بيولوجية طويلة الأمد للتحديات التي تواجه الإنسان خارج كوكب الأرض.

وتهدف هذه المهمة تحديدًا إلى مراقبة تأثير بيئة الفضاء—وخاصة انعدام الجاذبية والتعرض المستمر للإشعاع الكوني—على العمليات الحيوية داخل الخلايا البشرية.

وبحسب وكالة الفضاء الهندية (ISRO)، فإن هذه التجربة ستركز على تحليل التغيرات التي تطرأ على سلوك البروتينات والأنزيمات والحمض النووي ضمن ظروف الفضاء، وهي عوامل تُعد حاسمة في فهم كيفية تأقلم الجسم البشري مع البيئات غير الأرضية.

كما سيتم قياس كيفية تغيّر استجابة الجهاز المناعي للخلايا البشرية في المدار، وهو محور اهتمام عالمي في ظل المخاوف من ضعف المناعة في المهام طويلة الأمد.

وما يضفي على هذه التجربة أهمية خاصة هو موقعها الجغرافي والعلمي: محطة الفضاء الدولية. فالمشاركة الهندية تُعد سابقة، وهي ثمرة تعاون دولي يفتح للهند أبواب شراكات استراتيجية جديدة مع وكالات كبرى مثل "ناسا" و"وكالة الفضاء الأوروبية" و"جاقسا" اليابانية. كما أنها تعزّز من الحضور العلمي للهند في قطاع لطالما احتكرته قوى محددة.

ويُشير مراقبون إلى أن هذه الخطوة تندرج ضمن خطة بعيدة المدى لوضع الهند على خريطة الرحلات المأهولة المستقبلية إلى القمر والمريخ.

ومع التطور اللافت في برامجها الفضائية، كما ظهر في مهمة "تشاندرايان 3" إلى القمر، تُراكم الهند الخبرات اللازمة لبناء منظومة فضائية متكاملة، تشمل التكنولوجيا، والبحث، والدبلوماسية العلمية.

وليس الهدف من هذه التجربة البيولوجية محصورًا فقط في استكشاف الفضاء، بل له أبعاد أرضية أيضًا. ففهم كيفية تفاعل الخلايا البشرية مع ظروف بيئية متطرفة يُمكن أن يُسهم في تطوير علاجات جديدة لأمراض مثل السرطان، أو حتى في تحسين تقنيات الزراعة البيولوجية في بيئات قاحلة أو ملوثة.

وبينما تدور وحدة التجربة في مدارها، يترقب المجتمع العلمي العالمي نتائجها، التي يُتوقع أن تُنشر خلال الأشهر القليلة المقبلة.

وقد تكون هذه الخطوة الشرارة التي تدفع الهند إلى خط المواجهة العلمية في سباق استيطان الفضاء، ليس فقط كمزود تكنولوجي، بل كقوة معرفية فاعلة تسعى إلى إعادة تعريف مستقبل البشرية خارج حدود الجاذبية.