الفن في زمن الحرب.. تلاشي الطلب والتركيز على الأعمال الأقل سعراً
مبيعات المزادات في النصف الأول من العام تراجعت 26%
كشف تقرير حديث أن السوق العالمي للفن يتجه نحو عامه الثاني من التراجع، حيث انخفض الطلب على الأعمال المميزة باهظة الثمن، بينما يميل جيل جديد من المشترين إلى اقتناء قطع أقل تكلفة.
وفقًا لمسح "آرت بازل" و"يو بي إس" لجمع الأعمال الفنية عالميًا، تراجعت مبيعات المزادات في النصف الأول من العام في دور المزادات الكبرى مثل كريستيز وسوثبيز وفيليبس وبونهامز بنسبة 26% مقارنة بعام 2023، وبنسبة 36% مقارنة بذروة السوق في عام 2021.
بيع لوحة فنية بـ121 مليون دولار بعد 10 دقائق من بدء المزاد
كما انخفضت نسبة الأثرياء الذين يخططون لشراء أعمال فنية في العام المقبل 2025 إلى 43% مقارنة بأكثر من 50% في 2023، بينما زادت نسبة الذين يخططون للبيع إلى 55%، مما يشير إلى تزايد أعداد البائعين مقارنة بالمشترين، بحسب ما نقلته "CNBC" واطلعت عليه "العربية Business".
قال بول دونوفان، كبير الاقتصاديين في "يو بي إس لإدارة الثروات العالمية": "بالنسبة لأكبر المنفقين، هناك تباطؤ في وتيرة الإنفاق واتخاذ لنهج أكثر تأنيًا."
وعزا الخبراء هذا إلى القلق الجيوسياسي، خاصة في الشرق الأوسط وأوكرانيا، وضعف الاقتصاد في أوروبا والصين. كما أدت أسعار الفائدة المرتفعة إلى زيادة تكلفة الفرصة البديلة لشراء الفن، حيث يمكن للأثرياء تحقيق عوائد بنسبة 5% أو أكثر من النقد والسندات الحكومية.
مبيعات المزادات العامة لأكبر 4 دور عرض عالمية فى النصف الأول من آخر أعوام
ويظل موسط الإنفاق للأثرياء على الفن مستقرًا عند حوالي 50.000 دولار سنويًا، كما أشار التقرير إلى أن أكثر من ثلاثة أرباع الأثرياء شملهم المسح قد اشتروا لوحة فنية في عام 2023 والنصف الأول من 2024.
تحول الأجيال في السوق
يشهد سوق الفن تحولًا بين الأجيال أدى إلى عدم توافق بين العرض والطلب، فجامعو الأعمال الفنية الأكبر سنًا يعيدون تنظيم مجموعاتهم من خلال بيع الأعمال باهظة الثمن ولكنها ليست قطعًا فنية رئيسية، أما الجيل الجديد من جامعي الأعمال، خصوصًا جيل "إكس" وجيل الألفية، فيركزون على الأعمال الحديثة والأقل تكلفة من المعارض الفنية والعروض.
ويقول التجار إن هذا التحول أدى إلى فائض في الأعمال الانطباعية والتجريدية التي تُباع بملايين الدولارات، فالأعمال الفنية التي كانت في السابق الأقوى أداءً قبل عام 2022 أصبحت الآن الأضعف.
أصبح جيل "إكس" سريعًا الجيل الأكثر أهمية في سوق الفن. ووفقًا للتقرير، بلغ متوسط إنفاق هذا الجيل على الفن في عام 2023 حوالي 578.000 دولار، واستمر في التفوق في 2024 بإنفاق يزيد بنسبة الثلث عن جيل الألفية وأكثر من ضعف إنفاق جيل "طفرة المواليد " وجيل "زد".
تراجع حصة الفن في المحافظ الاستثمارية
بشكل عام، يقلل الأثرياء من تعرضهم للفن في محافظهم الاستثمارية. ففي عام 2024، شكلت الأعمال الفنية 15% فقط من المحافظ الاستثمارية، مقارنة بـ22% في 2021.
ويرجع هذا التراجع جزئيًا إلى ارتفاع قيمة الأسهم والأصول الأخرى، لكنه يعكس أيضًا توقف العديد من الجامعين عن الشراء.
ويمتلك الأثرياء جدًا، الذين تزيد ثرواتهم عن 50 مليون دولار، أعلى نسبة من الأصول في الفن بمتوسط 25%، انخفاضًا من 29% العام الماضي، أما المليونيرات الذين تقل ثرواتهم عن 5 ملايين دولار، فتبلغ نسبة أصولهم الموظفة في الفن حوالي 12%.
عند سؤال جامعي الأعمال الفنية عن أكبر مخاوفهم، ذكر 52% منهم "العوائق أمام الحركة الحرة للفن دوليًا". وكان ثاني أكبر مصدر قلق هو "زيادة القضايا القانونية في تجارة الفن"، مثل قضايا الاسترداد، والتزوير، والقضايا الأخلاقية المتعلقة بالفنانين.
انتقال الثروة والفن
يمكن أن يؤدي انتقال الثروة الكبير بين الأجيال، الذي يُتوقع أن يشمل عشرات التريليونات من الدولارات، إلى انتقال كبير في مجموعات الفن أيضًا.
وأشار التقرير إلى أن 91% من الأثرياء لديهم أعمال فنية في مجموعاتهم موروثة أو مُهدا، وعلى الرغم من أن العديد من العائلات تبيع الأعمال الفنية الموروثة، فإن 72% منهم يحتفظون ببعضها على الأقل، مشيرين إلى ارتباطهم العاطفي بهذه الأعمال.
وقال دونوفان: "هناك افتراض دائم بأن الأجيال الأصغر لديها أذواق مختلفة، لكن هذا لا يعني بالضرورة تفكيك المجموعات أو بيعها بالكامل، فالفن يحرك المشاعر، وقد يكون لبعض الأعمال ارتباط عاطفي بالوالدين."