فرصة قد لا تسنح في خمسين سنة

حمدي فراج
ليس هناك أية فرصة لإيجاد حل في جنوب لبنان، وفق ما تقوله كبرى وسائل الإعلام الإسرائيلية على لسان كبار المسؤولين الإسرائيليين والأمريكيين– المسؤولون العرب، وكبرى وسائل إعلامهم، عبارة عن ببغاوات، يعيدون ما يسمعون أو ما يملى عليهم قوله-.
لماذا نقول ذلك؟ لأننا سمعنا مثل هذا الكلام على مدار سنة كاملة في غزة، رغم أن البعض سيقول أن لبنان ليست غزة، لكن حزب الله الممسك بالجنوب، كحد أدنى، أكثر خطراً وتسلحاً وشراسة من غزة، والأهم من ذلك، أن الكذابين قبل سنة إزاء غزة، هم نفس الكذابين في لبنان الآن.
الكذاب الأكبر – وهذه ليست شتيمة – هو الرئيس الأمريكي جو بايدن، الذي وصل به الأمر في إحدى المرات أن نظر إلى ساعته وهو يجيب على سؤال: متى يدخل إطلاق النار حيز التنفيذ. وفي مرة أخرى حدد يوم الاثنين الذي سبق شهر رمضان بخمسة أيام. هذا الكذاب الأكبر، بحكم السن، والدولة التي يحكم، قام الحزب الذي ينتمي إليه بمعاقبته بأن منعه من التنافس على سباق الرئاسة، لكن الشعب عاقب مرشحة الحزب هاريس، لأنها كانت نائبته. ولا يفترض بأحد ان يخدعن نفسه بأن الرئيس الجديد ترامب
– ما هو بجديد – صادق، فهو كاذب ومخادع و مراوغ، أضعاف بايدن وهاريس، وما شعاره وقف الحروب، إلا شعار انتخابي، ينتهي بانتهاء الانتخابات. إن صناعة الأسلحة وتطويرها هي الأولى في هذا العالم، وليس أفضل من الحروب وتوسيع أسواقها، مجالاً لترويجها وبيعها واستهلاكها!
اللاعب الرئيسي الآخر، في الكذب والمراوغة، هو رئيس الوزراء الإسرائيلي نتنياهو، الذي ما يزال في السلطة، بل أنه قام مؤخراً بتشذيب حكومته بإقصاء وزير الدفاع الذي كان يشاكسه في بعض الأحيان "غالانت"، وتعيين إحدى دماه "كاتس"، كما عين في الخارجية، دمية أخرى "ساعر" مستنداً في تثبيت بقاء حكومته إلى الضامنين الأكيدين بن غفير وسموترتش، حيث لا أحد أكثر يمينية وفاشية منهما في الدولة والمجتمع، وربما العالم.
لقد تمثلت أكاذيب نتنياهو في أنه لم يعد الأسرى إلى عائلاتهم ، رغم أنه تحدث عن ذلك عشرات المرات، واجتمع مع عائلاتهم بصحبة زوجته "ساره"، بل أن أحد أهم اهداف حربه على غزة، كان إعادتهم. واليوم، ليس فقط أنه لم يعدهم ، بل أوصلهم وذويهم إلى حافة النسيان والإهمال.
بالعودة إلى جنوب لبنان، وإمكانية التوصل إلى حل، فإن أكاذيبه تتعلق بعودة النازحين إلى بيوتهم التي هربوا منها في المستعمرات الحدودية منذ بداية الحرب، وها هم يدخلون الشتاء الثاني دون أن يتمكنوا من ذلك. لأن نتنياهو بعد مقتلة قادة حزب الله، وعلى رأسهم أمين عام الحزب، وجدها فرصة تاريخية قد لا تسنح في خمسين سنة قادمة؛ القضاء على الحزب وأسلحة الحزب الفتاكة، في ظل بيت أبيض مفتوحة أبوابه على مصاريعها، وبعد ترامب تفتح الشبابيك أيضاً، وفي ظل أمة بكاملها صامتة خانعة منومة لا من "يهش فيها ولا ينش".