للأمة المستقبل والانتصار
حمادة فراعنة
استطلاع للرأي أجراه "معهد واشنطن لسياسة الشرق الأدنى" الأميركي، لدى أحد البلدان الخليجية، حول الحرب الشرسة التدميرية القاتلة من قبل المستعمرة ضد الشعب الفلسطيني في قطاع غزة، مستهدفة حركة حماس.
وقد شمل الاستطلاع، عينة من ألف شخص، وأظهرت نتائجه أن 96% يعتقدون أنه "يجب على الدول العربية قطع جميع العلاقات مع المستعمرة الإسرائيلية، احتجاجاً على هذه الحرب ضد أهل قطاع غزة".
بلد محافظ، اهتمامات شعبه السياسية، تكاد تكون محدودة من حيث النشاط السياسي أو الحزبي أو الانتخابي، ولكنه بلد حيوي له باع طويل في الحضور والاهتمامات الرسمية العربية والدولية.
نتائج الاستطلاع تدلل على مدى انحياز هذا الشعب العربي المسلم، لقوميته، بانحيازه للأشقاء الفلسطينيين، ورفضه المسبق لأية علاقة مع المستعمرة، بل ويطالب وفق الاستطلاع بالأغلبية الساحقة، بقطع العلاقات العربية معها، ورفض أية صيغة للتعامل أو التعاون، أو تطبيع العلاقات مع الإسرائيليين.
رئيس حكومة المستعمرة المطلوب للمحكمة الجنائية الدولية، ولمحكمة العدل الدولية، يتوهم أن نتائج الحرب، ستخلق واقعاً جديداً للمستعمرة على أساس إنهاء الحرب لصالحه، وإذعان العرب لتطلعات التطبيع وإنهاء حالة العداء الوطني والقومي والديني والإنساني العربي، كل العرب، لحكومته، ولنظامه، ولمشروعه، وبلع فلسطين، وكأنها بلا صاحب، بلا شعب، بل ويتطلع نحو التوسع، خاصة إذا نجح الرئيس المهزوم ترامب، في معركة التنافس الانتخابي بينه وبين كامالا هاريس على رئاسة البيت الأبيض.
ودلل الاستطلاع على أكثر من إنحياز المستطلع مواقفهم من قبل المؤسسة الأميركية، لصالح الشعب الفلسطيني وضد المستعمرة وسياساتها وبرامجها، بل دللت نتائج الاستطلاع أن 40% من المشاركين ينظرون بعين الرضى الإيجابي نحو حركة حماس، مع أنها كانت في استطلاع سابق قبل 7 أكتوبر 2023، لا تتجاوز 10%، وفي نفس السياق الاستطلاعي رفض 95% من المشاركين الاتهامات الموجهة لحركة حماس بأنها قتلت مدنيين، أو استهدفتهم، ما يزيد من حالة الانحياز نحو حركة حماس، لما قدمته من تضحيات وصلابة وعمل كفاحي.
معركة 7 أكتوبر لها نتائج مباشرة تظهر هذا التعاطف والانحياز لصالح الشعب الفلسطيني، ولكن العوامل الاستراتيجية لا تقل أهمية عن النتائج المباشرة، في تحريك الشارع العربي وقواه السياسية وفعالياته لصالح الشعب الفلسطيني، وضد المستعمرة الإسرائيلية، لأنها كشفت حجم معاناة الفلسطينيين، وحجم التطرف والعداء والكره والعنصرية لدى الإسرائيليين لكل ما هو عربي ومسلم ومسيحي، وأن الصراع كما وصفه نتنياهو هو صراع وجود بين المشروعين التحرري الوطني الديمقراطي الفلسطيني في مواجهة الاستعماري التوسعي الإسرائيلي.
"الدم ما بصير مي"، كما يقول المثل الشعبي العامي، بل سيبقى دماً نقياً يجري بالعروق، منذ آلاف السنين، والأخوة العربية الإسلامية، صنعته وقائع الحياة التدريجية والخبرات التراكمية، وأن مشاريع الاستعمار التي فسّخت خارطة الأمة العربية والعالم العربي، ها هي مشاريعه الاستعمارية وسلوك المستعمرة العدواني الفاشي