عندما "تُحرَّم" الأرض على أهلها ؟

عطية الجبارين
عمّت الفرحة العارمة أهل فلسطين قاطبة، بل معهم الأمة بمجموعها لنجاح المقاومة بتحرير المئات من الأسرى من سجون الاحتلال، في صفقة تبادل وتهدئة تحمل الكثير من مظاهر العزة، بعد صمود أسطوري لأهل غزة في وجهة آلة الدمار لقوات الاحتلال. لكن المؤلم أن هذا الفرح الكبير مرتبط بغصة شديدة في القلب تتمثل في فرض دولة الاحتلال الترحيل لأعداد كبيرة من هؤلاء الأسرى المحررين إلى خارج حدود الأرض المباركة التي ولدوا وتربوا وعاشوا على ترابها الطاهر الزكي، ليعيشوا بقية حياتهم وأعمارهم بعيدين عن بلدهم وأهلهم، يتجرعون حسرة ومرارة هذا الظلم، إذ كانت عيونهم وقلوبهم ترنو دائماً لُتكسر أقفال السجن ليتحرروا ويعودوا إلى أرضٍ وأحياء وحواري كانت جزءاً من نموهم وحياتهم.
لقد كانت بداية مرارة الصراع عند أهل فلسطين، عندما تخلى عنهم أخوتهم وأهلهم المسلمون، فتركوهم لقمة سائغة وسهلة لهذا الاحتلال الذي أنفرد بهم على مدار سنوات هذا الاحتلال الطويلة، وقد كانت حالة ترحيل وتهجير هؤلاء الُمحررين إلى خارج أرض فلسطين حلقة من حلقات هذا التخلي عن فلسطين وأهلها.
المعروف بين البشر وعلى مر التاريخ أن الأسير المحرر( أيّا كانت طريقة تحريره ) من حقه العودة للعيش على أرضه وبين أحضان أهله، وكان من الفظاعة حرمان أي أسير من هذا الحق الإنساني، فلذلك كانت الغصة كبيرة والألم كبير على حالة ترحيل هؤلاء الذين ضحوا بسنين حياتهم من أجل تحرير هذه الأرض المباركة.
فعندما " تُحّرم " الأرض على أسرانا المحررين، فهذا قمة الظلم من الأعداء وقمة الخذلان من ذوي القربى.
تبقى قضية فلسطين برمتها، وبكل دقائقها وتفرعاتها قضية الأمة بأسرها، ووجب عليها التحرك تحركاً حقيقياً لإنهاء فصولها بالشكل الصحيح، وتبقى مسألة الخذلان التي أصابت فلسطين وأهلها لعنة تطارد كل أبناء الأمة القادرين على نصرتها وخذلوها.