خيام هولوكوست فلسطينية ‏ من يوقف شهوة القتل وجنون المحتل؟

مايو 30, 2024 - 15:33
خيام هولوكوست فلسطينية ‏ من يوقف شهوة القتل وجنون المحتل؟

سماح خليفة

"العربي الجيّد هو العربي الميّت"، "أقتلوهم...أبيدوهم بلا رحمة من أجل أمن إسرائيل"، تلك ‏فتاوى من بين العديد من الفتاوى الأخرى لحاخامات إسرائيل تحض الجنود الإسرائيليين على قتل ‏الفلسطينيين واقتراف المجازر بحقهم، حتى أصبحت شهوة القتل "عقيدة عسكرية" لدى جيش ‏الاحتلال وفي ثقافته، فكان له سجل طويل في ذلك، آخره "محرقة الخيام" في اليوم 234 ‏للحرب على غزة.‏

ضربت تلك العقيدة جذورها في عقلية اليهودي من خلال «الغيتو» الذي ساد قبل الحرب ‏العالمية الثانية بكثير، ومنه ركزت جهودها على خلق اليهودي الحاقد، وترجمت هذا الحقد فيما ‏بعد على "العربي الذي لا يستحق الحياة"، وهذا ما يفسر الأعمال الإجرامية التي بدأت في ‏فلسطين قبل ستة وسبعين عامًا، حيث ارتكبت عصابات الهاجاناه أكثر من مئة وعشرين ‏مجزرة، "لتطهير" فلسطين من أهلها في نكبة عام 1948م، ولم تكن مجازر الطنطورة والدوايمة ‏ودير ياسين إلّا مجرد نماذج لتلك العقيدة التي تطورت فيما بعد على يد عصابة أسسها الحاخام ‏‏"شتاينليزتس" وأطلق عليها اسم حركة "هسنهدرين هحداشا".‏


إن هذه الشهية المفتوحة على القتل وارتكاب أفظع المذابح والمجازر، تثير تساؤلًا لدى كل ‏إنسان بفطرته السليمة عن أسباب هذه الوحشية في العقيدة الصهيونية المخالفة للفطرة ‏الإنسانية، ولعل وهج التساؤل يخف إذا ما نظرنا بعمق في التربية الصهيونية التي تركز على ‏الجانبين الديني والفكري، حيث تختار الهيئات المتخصصة في الجانب الديني نصوصًا من ‏التوراة والتلمود (المحرّفة)، بعيدة كليًّا عن مفاهيم العبادات، وتركز فقط على الحروب، وتقوم ‏بتحفيظها للطلبة، فضلًا عن علاقة اليهود بـ "أعداء إسرائيل"، "المجرمون الخونة القتلة" من ‏الكنعانيين العرب والفلسطينيين والعمالقة، وغيرهم من بطون الشعب العربي القديم، الذي عاش ‏في المنطقة منذ فجر التاريخ البشري على الأرض، ووجوب إبادتهم. وأما فكريا فهي تظهر ‏تفوق اليهود، حسب ادعاءاتهم، فهم "شعب الله المختار" الذي لا يعادله شعب آخر، ويجب أن ‏يعيش فوق الأرض المقدسة وحدة، وبمرتبته العليا، لا يتساوى مع البشر وخاصة العربي ‏بمرتبته الدنيا، المسخّر لخدمة اليهودي.‏


تلك العقلية النسقية دفعت جيش الاحتلال إلى استهداف "منطقة آمنة" بقصف مخيمات ‏النازحين في منطقة تل السلطان غرب مدينة رفح، بالقرب من مخازن الأمم المتحدة ‏للمساعدات، وإشعال النيران في خيام المدنيين البلاستيكية، مما أدى إلى حرق الناس أحياء ‏بشكل مأساوي، واستشهاد أكثر من 45 فلسطينيًّا، وجرح 249 آخرين.‏


الفلسطيني يعاقَب بذنب "هتلر" ويعيد المحتل في فلسطين حقبة الهولوكوست، الإبادة الجماعية ‏التي راح ضحيتها ملايين اليهود فترة الحرب العالمية الثانية (1939-1945) على يد الحكم ‏النازي في ألمانيا‎.‎‏ المحرقة اليهودية تتحول إلى محرقة فلسطينية، والتعهد الذي قطعته الدول ‏في أعقاب الحرب العالمية الثانية بأن الهولوكوست "لن تتكرر أبدًا‎"‎، لم تلتزم به، بل نجد ‏الهولوكوست تتكرر كل يوم في فلسطين، وستتسع رقعة الهولوكوست إذا ما استيقظ العالم من ‏سباته وخرج عن صمته.‏


على العالم فرض عقوبات فورية على إسرائيل، لإجبارها على تنفيذ قرار محكمة العدل الدولية ‏الخاص بوقف هجومها على رفح، في الوقت الذي تتنكر فيه إسرائيل لقرار المحكمة وتقصف ‏خيام نازحين عزل لا يملكون شيئا للدفاع عن أنفسهم، وتحرقهم وهم أحياء بوحشية لا مثيل لها، ‏وهذا إنما يعبر عن فشل إسرائيلي عسكري وسياسي وعن روح انتقامية خطيرة، وجنون حكومة ‏بنيامين نتنياهو الإرهابية، وهذا الجنون الإسرائيلي لا يمكن إيقافه إلّا بفرض عقوبات على ‏إسرائيل لردعها، وإيقاف تزويدها بالأسلحة، ومساءلة الدول الغربية التي تدعي الدفاع عن ‏حقوق الإنسان وعن القانون الدولي، وتغيبها وهي تشاهد إسرائيل تقصف الفلسطينيين أحياء‎.‎

لن تنتهي الهولوكوست ولن ينتهي جنون إسرائيل دون ضغوط خارجية، وفرض عقوبات عليها ‏وتعليق الاستثمارات والاتفاقيات والتجارة والشراكة معها، فالعالم يشهد تحديها الصارخ للقانون ‏والنظام الدولي، والتسبب في مجاعة أهل غزة مع العلم أن المساعدات موجودة على بعد ‏عشرات كيلومترات من المدنيين الذين يعجزون عن الوصول إليها، بسبب وجود التحديات ‏المستمرة التي تواجه تلقي المساعدات وتسليمها في قطاع غزة، بما في ذلك عمليات التفتيش ‏التعسفية المعقدة والقيود المفروضة على الوصول من قبل السلطات الإسرائيلية، فضلًا عن ‏استهداف المستوطنين لها.‏
-------------------
المحرقة اليهودية تتحول إلى محرقة فلسطينية، والتعهد الذي قطعته الدول ‏في أعقاب الحرب العالمية الثانية بأن الهولوكوست "لن تتكرر أبدًا‎"‎، لم تلتزم به، بل نجد ‏الهولوكوست تتكرر كل يوم في فلسطين، وستتسع رقعة الهولوكوست إذا ما استيقظ العالم من ‏سباته وخرج عن صمته.‏