التراث الفلسطيني بين الذاكرة والمقاومة الثقافية: الثوب الفلسطيني أنموذجا (سردية وطن مطرّزة بالإبرة والخيط)
بقلم: د. منى أبو حمدية دكتوراه في التراث والآثار

التراث الفلسطيني بين الذاكرة والمقاومة الثقافية: الثوب الفلسطيني أنموذجا
(سردية وطن مطرّزة بالإبرة والخيط)
بقلم: د. منى أبو حمدية
دكتوراه في التراث والآثار
12-10-2025
------------------------------------------
المقدمة
يشكّل التراث الفلسطيني أحد أهم أركان الهوية الوطنية، فهو الذاكرة التي صمدت أمام محاولات المحو والطمس منذ قرنٍ وأكثر.
وإذا كانت المقاومة المسلّحة والسياسية هي الواجهة الصلبة للنضال الفلسطيني، فإن المقاومة الثقافية تبقى جوهر هذا النضال ومعناه العميق.
فالثوب الفلسطيني، بخيوطه وألوانه ورموزه، ليس مجرّد لباس تراثي، بل هو وثيقة هوية وسجلّ مقاومة، إذ تنسج المرأة الفلسطينية فيه سيرة الأرض والتاريخ، وتحفظ على نسيجه أسماء القرى، وألوان المواسم، وأحلام العودة.
إن كل غرزة على ثوب فلسطيني هي تجسيد لذاكرة جمعية، تحكي قصص المكان والناس، وتعيد رسم الجغرافيا المطرّزة بخيوط الانتماء.
ومن هنا تأتي هذه الندوة التراثية لتكشف كيف تحوّل الثوب الفلسطيني إلى نصّ سردي مقاوم يوثّق التاريخ، ويحمي الهوية الفلسطينية من التهويد والتزييف، ويُبقي فلسطين حيّة في الوعي والوجدان.
المحور الأول: التراث الفلسطيني كذاكرة جمعية وهوية ثقافية وطنية
التراث الفلسطيني ليس ميراثا فنّيا فحسب، بل هو منظومة رمزية متكاملة تعبّر عن الوعي الجمعي للشعب الفلسطيني.
إن العلاقة بين التراث والهوية علاقة تفاعلية متبادلة؛ فالتراث يؤسس للهوية ويدعمها، والهوية تعيد قراءة التراث وتفعيله بما يتلاءم مع تحديات العصر؛ فكلّ تطريزة، وأغنية شعبية، وأداة فخارية، هي شظايا من الذاكرة التي صمدت رغم المنفى والنكبة والنزوح.
وقد رأت الباحثة إيلين هورك (Ellen Horrowk, 2015) أنّ “التراث الفلسطيني هو أرشيف حيّ للانتماء، تتجلّى فيه علاقة الإنسان بالأرض كعلاقة عضوية لا يمكن اقتلاعها دون أن يُقتل المعنى ذاته[1]
بهذا المعنى، يصبح الثوب الفلسطيني ذاكرة منسوجة، تمشي على الأجساد لتُعلن انتماءها، وتحمل في رموزها ما يعجز الخطاب السياسي عن قوله.
فالألوان ليست زينة عابرة؛ الأحمر يرمز للدم والشهادة، الأخضر للأرض والخصب، الأسود للحزن والصبر، والأزرق للسماء والبحر والحرية الموعودة.
هكذا صاغت المرأة الفلسطينية عبر (الإبرة والخيط) لغة رمزية وطنية تُقرأ بالعين والقلب معا.
⸻
المحور الثاني: الثوب الفلسطيني بوصفه فعل مقاومة ثقافية
منذ النكبة، تحوّل الثوب الفلسطيني إلى راية ترمز للمقاومة الثقافية.
فبينما كانت البنادق تواجه المحتلّ في الميدان، كانت النساء في البيوت والمخيمات يواصلن نسج ما يُعاد تعريف الوطن على نسيجه.
وبحسب الباحثة حنان صالح في دراستها حول التراث النسوي الفلسطيني (2020)، فإن “التطريز في المخيمات لم يكن فعلاً تراثيا فحسب، بل كان استعادة رمزية لفلسطين المفقودة، إذ حملت كل غرزة على القماش اسم قرية أو رمزا يدلّ على جذورٍ ضاعت تحت الاحتلال”.[2]
لقد تحوّل الثوب إلى شكل من المقاومة الصامتة، حيث صارت المرأة الفلسطينية تطرّز انتماءها كما تزرع الأرض. فالثوب الفلسطيني، بما يحمله من رموز، وألوان، ونقوش مرتبطة بالمكان والهوية الفلسطينية، صار أداة صامتة تعبّر عن الانتماء والوطنية دون الحاجة إلى كلمات أو شعارات.
وحين حُرم الفلسطيني من رفع علمه في بعض الفترات، حمل الثوب ألوانه، فصار الثوب العَلَم المطرّز الذي لا يُمنع ارتداؤه، ولا يمكن مصادرته.
الثوب الفلسطيني في هذا السياق ليس مجرد قطعة قماش، بل بيان هوية وموقف سياسي وثقافي، وصورة من صور المقاومة الثقافية التي تتحدث بصمت.
⸻
المحور الثالث: محاولات التهويد والسطو على التراث الفلسطيني
أن الاحتلال الإسرائيلي لم يكتفِ باغتصاب الأرض كجغرافيا، بل حاول أن يسطو على التاريخ والرموز الثقافية الفلسطينية وينسبها إلى روايته الصهيونية.
ففي معارض دولية عديدة، منها معرض التراث في نيويورك عام 2019، ظهرت عارضات أزياء إسرائيليات بملابس فلسطينية من بيت لحم والخليل على أنها “أزياء شعبية إسرائيلية”[3].
كما استُخدمت زخارف التطريز الفلسطيني في تصاميم شعارات وميداليات إسرائيلية رسمية، في محاولة لإعادة تدوير الرموز الفلسطينية ضمن سياق “إسرائيلي” مزيّف.
وفي عام 2021، ارتدت متسابقات في مسابقة ملكة جمال الكون أزياء تحمل تطريزًا فلسطينيًا، مما اعتبره العديد من الفلسطينيين سرقة لثقافتهم وهويتهم[4].
لكنّ الردّ الفلسطيني كان ثقافيا وذكيا، من خلال توثيق هذا التراث وتدوينه رقمياً ومتحفيًا، إلى أن أدرجت منظمة اليونسكو عام 2021 “التطريز الفلسطيني” ضمن قائمة التراث الإنساني غير المادي [5] في اعتراف عالمي بأن هذا الفنّ لا يمكن فصله عن الشعب الفلسطيني الذي أبدعه.
اليونسكو بهذا القرار أكدت أن التطريز الفلسطيني ليس مجرد حرفة يدوية، بل رمز ثقافي عالمي يمثل تراثا إنسانيا غنيا يجب الحفاظ عليه وصونه كجزء من الهوية الفلسطينية والتراث العالمي المشترك.
المحور الرابع: أنماط التطريز الفلسطينية ودلالاتها الرمزية والجغرافية
يمتاز التطريز الفلسطيني بتنوّع أنماطه الجغرافي الذي يعكس ثراء البيئة الفلسطينية وتنوّعها التاريخي والثقافي. فكل مدينة وقرية لها بصمتها الخاصة في الألوان، والخيوط، والأشكال، ما يجعل كل ثوب خريطة رمزية تحكي هوية المكان الذي خرج منه.
التطريز الفلسطيني يتصف بثراء بصري وثقافي فريد، يُجسِّد تنوّع البيئة الفلسطينية وتعدّد روافدها التاريخية والاجتماعية. فأنماط التطريز تختلف من منطقة إلى أخرى، وتعكس بدقة الخصوصيات الجغرافية والثقافية لكل منطقة. إذ نجد أن التطريز في مدن الساحل الفلسطيني مثل يافا وغزة يتّسم بألوان زاهية وحيوية مستوحاة من طبيعة البحر والحدائق، بينما يغلب على تطريز القرى الجبلية كبيت لحم والخليل الطابع الهادئ والألوان العميقة الدافئة التي تعبّر عن روح الجبال وصلابتها. أما تطريز مناطق البادية والنقب فيتميّز بالبساطة والخطوط الهندسية الواضحة التي تعبّر عن حياة الصحراء واتساع الأفق.
إن هذا التنوّع لا يقتصر على الألوان فحسب، بل يشمل أنواع الغرز، والخيوط، والزخارف، والرموز التي تحمل دلالات اجتماعية وثقافية عميقة؛ فكل شكل أو لون يرمز إلى قصة، أو اعتقاد، أو حدث مرتبط بتاريخ المكان وسكانه. ولهذا، يُمكن القول إن كل ثوب فلسطيني هو خريطة رمزية تختزن الذاكرة الجماعية للنساء اللواتي أبدعن في صنعه، وتحمل على نسيجه حكاية المنطقة التي خرج منها — من طبيعتها وتاريخها إلى عاداتها ومكانتها الاجتماعية.
ومن خلال هذا التنوّع الموزايكي في التطريز، يتجلى غنى الهوية الفلسطينية ووحدتها في آنٍ واحد؛ فاختلاف الأنماط بين المدن والقرى لا يُعبّر عن تفرّق، بل عن تنوعٍ ضمن وحدة ثقافية عميقة تؤكد الارتباط بالأرض والانتماء إليها عبر الخيط والإبرة.
1. تطريز بيت لحم
يُعتبر من أرقى أنواع التطريز الفلسطيني، إذ يعتمد على خيوط الحرير الطبيعية، وعلى تقنية تسمى التطريز المقصب (Couched Work) بخيوط ذهبية وفضية.
كانت أثواب بيت لحم تُلبس في المناسبات الكبرى والأعراس، وتشير إلى المكانة الاجتماعية للمرأة. تظهر على صدور الثياب نقوش هندسية مثل “النجمة الثمانية” و“زهرة الرمان”، وهي رموز ترتبط بالخصب والازدهار[6]
وتشير خبيرة التطريز الفلسطيني امتياز أبو عواد في هذا السياق الى ان:
قُبّة صدر ثوب بيت لحم تُعد من أجمل وأعمق الزخارف في التطريز الفلسطيني، وتحمل رمزية دينية وثقافية غنية جدًا.
فمن الناحية الرمزية: القُبّة المطرّزة على الصدر مستوحاة من قباب الكنسية في بيت لحم، خصوصا من كنيسة المهد، مهد السيد المسيح عليه السلام.
ولهذا، فهي تُرمز إلى:
1. قصة السيد المسيح وميلاده في بيت لحم.
2. تلاميذ المسيح الاثني عشر، إذ تُرى في الزخارف المحيطة بالقبة رموز تشير إلى الجمع والوحدة والإيمان.
3. الإنجيل الأربعة (متى، مرقس، لوقا، ويوحنا)، والتي تعكس الزخارف المتكررة والمتناسقة في تصميم القبة، رمزًا للنور الإلهي والهداية.
اما من الناحية الجمالية:
وتواصل الخبيرة أبو عواد انه: غالبًا ما تُطرّز القبة بخيوط ذهبية أو حريرية على أرضية حمراء، للدلالة على القداسة، والدم الذي فدى به المسيح البشرية، والنور الإلهي الخارج من بيت لحم.
2. تطريز قرى الخليل
يمتاز بثقل التطريز وكثافته على الأكمام والصدر والذيل، حيث يستخدم اللون الأحمر القاني بكثرة، في رمزية تعبّر عن دم الشهداء وصلابة الأرض.
وتنتشر فيه وحدات زخرفية مثل السرو، والبيارق، والسنابل، وكلها رموز وطنية صريحة [7]. وقد وُصف ثوب الخليل بأنه “درع رمزي للمرأة المقاومة”، لأنه يختزن في لونه وقوة زخرفته روح التحدي.
وتشير خبيرة التطريز امتياز أبو عواد في مقابلة معها الى ان
خيمة الباشا في ثوب الخليل تُعد من أهم وحدات التطريز التقليدية التي تحمل رمزية اجتماعية وتاريخية عميقة في التراث الفلسطيني.
- رمز الخيمة بشكل عام في التراث الفلسطيني يعبّر عن الأصالة، الكرم، والضيافة العربية، كون الخيمة كانت مركز الاجتماع والحياة في القرى والبوادي.
- أما “خيمة الباشا” تحديدًا، فهي ترمز إلى المكانة والهيبة، إذ كان “الباشا” يمثل السلطة والنفوذ في العهد العثماني، والخيمة الخاصة به كانت رمزًا للقوة والاحترام والقيادة.
- في ثوب الخليل، جاءت “خيمة الباشا” كرمز للمكانة العالية للمرأة الخليلية، التي كانت تُعرف باعتزازها بنفسها، وبأنها “سيدة بيتها” تمامًا كما الباشا في خيمته.
- كما تعكس الخيمة أيضا الاستقرار بعد الترحال، أي الانتقال من حياة البداوة إلى الحضارة، وهو رمزٌ استخدمته نساء الخليل للدلالة على جذورهن العميقة وثباتهن في الأرض.
باختصار:
خيمة الباشا في ثوب الخليل ترمز إلى العزّ، الهيبة، الأصالة، والكرم، وإلى المكانة الرفيعة للمرأة الفلسطينية التي تحمل تراثها كرمز للقوة والقيادة.
3. تطريز غزة والساحل
يغلب على تطريز غزة الطابع العمودي، بخيوط زرقاء داكنة وحمراء، في تكوينات تشبه الأمواج أو سنابل القمح. يرمز اللون الأزرق إلى البحر، والعموديات إلى الثبات والامتداد نحو الأفق.
كما تمتاز غزة بزخرفة الكوفية الفلسطينية ضمن الثوب، في إشارة إلى وحدة النضال بين الرجل والمرأة في مواجهة الاحتلال[8].
وتحدثنا الخبيرة بالتطريز الفلسطيني أبو عواد بأن:
قبة ثوب غزة (شكل V):
ترمز في الأصل الكنعاني إلى الخصوبة والأنوثة المقدّسة، فهي مستوحاة من رمز الإلهة الكنعانية (عناة) ابنة ايل، إله المحاصيل والحرب، إلهة الحب والحياة والخصب.
يُعتقد أن الشكل المتدلّي على شكل (V) يرمز إلى انفتاح الأرض على المطر والنماء، وإلى القلب المفتوح والكرم الأنثوي.
في العصور اللاحقة أصبح أيضًا رمزًا لـ الاحتواء والحماية، فالقبة كانت بمثابة “درع” تحمي قلب المرأة وبيت العائلة.
-اما عن قلايد الذهب في التطريز فتابعت أبو عواد انها:
من الرموز الثرية جدًا في تطريز غزة، وترجع أصولها إلى القلائد الكنعانية التي كانت تزيّن بها الكاهنات والملكات صدورهن.
وترمز إلى:
1. الثراء الروحي والمادي.
2. نور الشمس والإله شمس عند الكنعانيين، أي رمز الضياء والحياة.
3. وفي التراث الفلسطيني اللاحق، أصبحت القلايد رمزًا لـ العزّة والهيبة والأنوثة الملوكية، وغالبًا ما كانت تُطرّز باللون الذهبي على خلفية داكنة لتوحي بالبريق الحقيقي للذهب
4. تطريز الجليل
في الجليل، تمتزج الرموز الكنعانية القديمة بالطبيعة الخصبة.
نجد في التطريز الجليلي نقوش العناقيد والعصافير والزيتون والسنابل، بألوان خضراء وذهبية.
تدلّ هذه الرموز على الحياة الزراعية الغنية وعلى التعلّق بالأرض التي كانت محور الحياة اليومية.
يُعدّ هذا النمط من أكثر الأنماط “سلمًا وبهجة”، لكنه يخفي وراءه حزنًا عميقًا على الأرض المسلوبة[9].
5. تطريز القدس:
القدس تحمل في ثوبها مزيجا من الوقار والهيبة. فالألوان داكنة، والتطريز دقيق على قماش أسود أو كحلي، بأشكال نجوم وهلالات ونوافذ تشبه نوافذ الأقصى.
هذا النمط يرمز إلى قداسة المدينة وصمودها في وجه التهويد، حتى إن بعض الباحثين وصفوا “ثوب القدس” بأنه “نصّ بصريّ للمقاومة”[10]
وتضيف عواد في هذا السياق المقدسي ان:
قبة الثوب الفلسطيني المستوحاة من زخارف قبة الصخرة ترمز إلى القدس، القداسة، والهوية الروحية والوطنية.
رمزيتها العميقة:
• تمثّل القدس كقلب فلسطين النابض، ومركز الإيمان والعقيدة.
• تعكس الارتباط بالمكان المقدّس الذي يحتضن أولى القبلتين وثالث الحرمين الشريفين.
• في الزخارف المأخوذة من قبة الصخرة، نجد تكرار النجوم والأقواس والنقوش الهندسية التي ترمز إلى الخلود والكمال الإلهي.
• استخدام المرأة الفلسطينية لهذه القبة في التطريز هو تعبير عن الانتماء والتمسّك بالقدس، وكأنها تضع القبة تاجاً على صدرها رمزاً للعزّة والصمود امام التهويد.
6. تطريز نابلس وجنين وطولكرم
في هذه المناطق، يظهر التطريز بألوان زاهية يغلب عليها الأحمر والأخضر، بنقوش مستوحاة من الطبيعة الجبلية والحقول.
نقش “البرعم” و“السنابل” و“شجرة الزيتون” هي الأكثر حضورًا، في دلالة واضحة على الارتباط بالزراعة والخصوبة، وعلى كون المرأة الفلسطينية امتدادًا للأرض التي تنبت وتثمر.
7. التطريز في الشتات:
في المخيمات بلبنان وسوريا والأردن، أعادت النساء إنتاج أنماط التطريز من الذاكرة، فظهر ما يسمى “الثوب الذاكراتي” الذي يدمج رموزًا من قرى متعددة.
كان هذا الفعل –كما تصفه الباحثة وداد قعوار– “محاولةً لتطريز الوطن الضائع في قطعة قماش صغيرة، كي لا يُنسى شكل فلسطين حتى في المنفى”[11]
من هنا يمكن القول إن التطريز الفلسطيني يمثّل جغرافيا رمزية للأمة الفلسطينية، حيث يتحوّل الثوب إلى خريطة وطنٍ مرسومة بالإبرة والخيط.
⸻
الخاتمة
يبقى الثوب الفلسطيني أكثر من مجرد تراث مادي؛ إنه ذاكرة متحرّكة ومقاومة ناعمة في وجه محاولات المحو الثقافي، ووثيقة حياة وهوية.
ففي الوقت الذي يسعى فيه الاحتلال إلى طمس المعالم وسرقة الرموز، يواصل الفلسطيني نسج هويته بالخيط ذاته الذي غزلت به الجدّات حكاية الوطن الذي يروى بالإبرة والخيط.
المرأة الفلسطينية هي الحافظة الحية لهذا التراث لقد استطاعت أن تحوّل التطريز إلى سردية وطن مطرّزة بالإصرار والكرامة، تُثبت للعالم أن المقاومة لا تكون بالبندقية فقط، بل قد تكون بخيطٍ يسرد الحكاية الازلية ويربط بين الماضي والحاضر والمستقبل.
وهكذا يغدو الثوب الفلسطيني وثيقة حياةٍ وهويةٍ، وإعلان يومي أن فلسطين لا تزال هنا، باقية في الذاكرة وحاضرةً على الأجساد وفي الإبرة التي لا تزال تكتب اسمها على القماش كلّ يوم وعبر الأجيال.
الهوامش والمراجع
1. Ellen Horrowk, Palestinian Embroidery: Threads of Identity, Routledge, 2015, p. 23.
2. حنان صالح، “التراث النسوي الفلسطيني بين الذاكرة والمقاومة” ، مجلة الثقافة والمجتمع، الجامعة الأردنية، 2020، ص 77.
3. تقرير هيئة الإذاعة البريطانية BBC حول عرض الأزياء الإسرائيلي، 2019.
4. “Palestinians decry ‘cultural theft’ as Miss Universe contestants wear Bedouin clothes,” Al-Monitor, December 2021
5. UNESCO, Representative List of the Intangible Cultural Heritage of Humanity: Palestinian Embroidery (Tatreez), 2021.
6. وداد قعوار، ثوب بيت لحم: حكاية تطريز وتاريخ اجتماعي، دار الشروق، عمان، 2018، ص 65.
7. نجلاء أبو عواد، “الرمز واللون في ثوب الخليل”، مجلة الفنون الشعبية الفلسطينية، العدد 12، 2019.
8. مؤسسة التراث الفلسطيني، “أنماط التطريز الساحلي”، تقرير توثيقي، رام الله، 2021.
9. سميرة عودة، التطريز في الجليل: بين الأرض والذاكرة، مركز دراسات الجليل، الناصرة، 2020.
10. نادية إسماعيل، “ثوب القدس: هوية مقاومة”، مجلة دراسات القدس، جامعة القدس، 2022.
11. وداد قعوار، ذاكرة الإبرة والخيط: أزياء فلسطين في المنفى، دار الندوة العربية، بيروت، 2017، ص 103.