محاولات تغيير قواعد المشهد السياسي

أكتوبر 14, 2025 - 09:37
محاولات تغيير قواعد المشهد السياسي

حمادة فراعنة

بدعوة من وزارة الخارجية الأميركية، انعقدت قمة شرم الشيخ بالأمس الاثنين 13/10/2025، وبضيافة مصرية، على خلفية مبادرة وخطة وصفقة الرئيس ترامب، بهدف إرساء اتفاق وقف إطلاق النار في قطاع غزة، والتوصل إلى اتفاق فلسطيني إسرائيلي، بين حكومة نتنياهو الاستعمارية التوسعية اليمينية المتطرفة من طرف وحركة حماس من طرف آخر.

قمة جمعت أطرافاً دولية، وخاصة من أوروبا: الرئيس الفرنسي، رئيس الوزراء البريطاني، المستشار الالماني وآخرين، إضافة إلى القيادات العربية والاسلامية الثمانية الذين انتزعوا من ترامب اللقاء معه يوم 23/9/2025 : 1- عدم احتلال قطاع غزة، 2- عدم ضم الضفة الفلسطينية.

أمس بدأت عمليات إطلاق سراح الأسرى المتبادل وفق الاتفاق، كبداية للمرحلة الأولى من اتفاق ترامب ذي المراحل الثلاثة.

حركة حماس، غابت عن مشهد الاحتفال، مع أنها الشريك في صناعة العرس الفلسطيني، وإن غابت عن مظاهره، فهي التي كانت على أرض الميدان مقاتلة، وعلى طاولة المفاوضات صاحبة القرار بالتوقيع، ومنها صدرت الموافقة على قرار وقف إطلاق النار، وهي الطرف الآخر المقررفي إدامة الصراع، والاشتباك، والمواجهة، وتم التفاوض معها، كخصم، وعدو، وطرف مقرر في استمرار المواجهة أو توقفها، ومع ذلك تم تغييبها كطرف فلسطيني، بشكل متعمد مقصود، وهذا تجاوز لكل الحدود والمعايير والمتطلبات السياسية، وشروطها.

الرئيس الفلسطيني محمود عباس، حضر عرس الإدارة الأميركية في شرم الشيخ، بعد أن تلقى دعوة مساء الأحد، بعد اللقاء الذي جمع نائبه حسين الشيخ مع طوني بلير بلقاء ثنائي في مبنى مطار ماركا، وغادر كل منهما عمان إلى جهته، بعد أن بحثا تفاصيل إجراءات المشهد المطلوب صياغته وتنفيذه في قطاع غزة.

على أرض المواجهة، منذ السابع من أكتوبر 2023، لم تتمكن قوات المستعمرة من تحقيق أهداف الحرب ومتطلبات الاجتياح الإسرائيلي لقطاع غزة، فقد أخفقت في إنهاء وتصفية المقاومة الفلسطينية، مثلما أخفقت في معرفة أماكن اختفاء الأسرى الإسرائيليين وإطلاق سراحهم بدون عملية تبادل، وبذلك حملت المستعمرة صفة الإخفاق والفشل، رغم ما فعلته من جرائم اغتيال قيادات المقاومة السياسية والعسكرية والأمنية، خارج وداخل فلسطين، ورغم قتلها لعشرات الآلاف من المدنيين الفلسطينيين، وتدميرها ثلثي مباني ومنشآت وعمارات ومؤسسات قطاع غزة، من جامعات ومدارس ومساجد وكنائس وغيرها، ومع هذا أخفقت وفشلت، وإن لم تُهزم.

المقاومة الفلسطينية رغم الضرب والوجع الذي تعرضت له مع شعبها على أيدي الاسرائيليين، صمدت في مواجهة تفوق العدو وجرائمه، وإن لم تنتصر لأنها لم تتمكن من فرض انسحاب قوات الاحتلال الإسرائيلي بدون مقابل، ولم تتمكن من جعل احتلاله مكلفاً، وبذلك كانت النتيجة متوازنة بين الإخفاق الإسرائيلي، والصمود الفلسطيني.

الولايات المتحدة الأمريكية تدخلت مباشرة، لأن الإخفاق أحد مظاهر الهزيمة، والصمود أحد مظاهر الانتصار، ولهذا تدخلت واشنطن لهدف واضح وهو إنقاذ المستعمرة من إخفاقها وفشلها حتى لا تقع بالهزيمة، وحتى لا توفر أسباب ومظاهر الانتصار للطرف الفلسطيني، وكما قال ترامب لنتنياهو لإقناعه بقبول الصفقة: "أعملُ على إنقاذك من الفشل كي تصل إلى الإنجاز" ومظاهره خطابات ترامب في شرم الشيخ والكنيست، وكذلك ما فعله مبعوثاه الثنائي ستيف ويتكوف وجاريد كوشنر في تل أبيب.

 وهكذا كان التدخل الأميركي لصالح المستعمرة وإنقاذها من سمعتها وجرائمها وعزلتها أمام الحلفاء الأوروبيين الذين انتقلوا من موقع الصداقة والتحالف مع المستعمرة إلى موقع الإدانة لها، والاعتراف بالدولة الفلسطينية، بعد مظاهرات الشعوب الأوروبية وتعاطفها مع الشعب الفلسطيني، وتضامنها معه.