الأم الحزينة والمحلل السياسي 

بقلم : المستشار د. خليل قراجه الرفاعي

أكتوبر 13, 2025 - 14:29
الأم الحزينة والمحلل السياسي 

الأم الحزينة والمحلل السياسي 
بقلم : المستشار د. خليل قراجه الرفاعي 

في العاصمة طشقند، وأثناء أحد طقوس الزيارة، ذهبنا إلى تمثال "الأم الحزينة" الذي نُصب تخليدًا لضحايا الحرب العالمية الثانية.

تلك الأم، كانت أمي، وأم كل فلسطيني وفلسطينية. تخيلتُ لو أني أملك القدرة على صناعة تمثال كهذا في قلب غزة، ليُجسد حقيقة وجعنا الذي يمتد من زمن طالوت وجالوت إلى يوم الدين، ولا أراه ينتهي.

أي تحليل سياسي يدّعي النصر هو تحليل وهمي، كاذب، مخادع؛ مبني على ما يُدفع للمُحدِّث من مال، لا على أساس الحقيقة.

أي تحليل يجب أن يُبنى على حدقات عيون الأمهات في غزة، وعلى الكسور في أقدام الآباء، وعلى دمعاتٍ جرحت خدود زهرةٍ نسيت طفولتها، وعلى مرجوحةٍ تعبت من الذهاب والإياب دون ضيف ولا زائر، وعلى أغنيةٍ لا تجد صداها، وعلى قارئٍ للقرآن يخشى أن تقطع صوته قذيفة تدكُّ حصى المسجد.

على المحلل أن يُشارك الأمهات في البحث عن المفقودين، وأن يُلملم عظامًا تناثرت، عليه أن يُمسك بخيطٍ أسود يقطب به جبينَ من غضب، فضرب رأسه بالأرض.

على المحلل القادم أن يُعدّ حبّات الرمل في جباليا، التي صار لونها أحمر كلون الدم، قبل أن يقول: "في الواقع"، و"في الحقيقة"، وقبل أن يُسند ظهره ليقرأ علينا فهلوته القديمة.

اصنعوا تمثال "الأم الحزينة"، و"الأمّة المكلومة"، فهو أصدق من كل الكلام، لأن أدعياء النصر قادمون... مرّات ومرات.