في ذكرى سميح القاسم

بقلم:المتوكل طه

أغسطس 19, 2025 - 15:24
في ذكرى سميح القاسم

في ذكرى سميح القاسم
بقلم:المتوكل طه
*
سميح القاسم الذي أصّل مدارِكنا، وتعلّمنا عليه ، وترسّمنا خُطاه، في هذا البرّ الأدبي المُشرع الصعب. مَنحَنا بهاء الصداقة الحقّة والأبوّة الجليلة، وتشرّفنا بالقراءة معه وفي حضرته، والتقيناه سنوات، فترك خطواته المضيئة على قلوبنا ، وكان وسيبقى وطننا الشِعري ومدينتنا الابداعية. وهو ممَن أَمَدَّنا بترابيّة القصيدة المقاوِمة، وأعطانا عروقها الذهبية التي لا تصدأ. 
هو من الذين يعزّ على التاريخ أن يأتي بأمثالهم ، نتاجاً وأثراً ونفاذاً وجَمالاً، يستحيل على الفحول، إلا مَن رحم ربّي. إنه اسم من أسماء فلسطين ومفرداتها الحضارية وأصحاب سجلّها الخالد الفوّاح.
وأقول له، اليوم ،في ذكرى حضوره:شكراً جميلاً أنك كنتَ في حياتنا، وكم كنّا محظوظين أننا شهدنا أيامك العالية، وصافحنا أصابعك المبلّلة بالنار، أو كنّا على بُعد نبضة قلبٍ من وقتك، أو على مرمى وردةٍ منك.
 وستبقى ذكراك مع هؤلاء الذين اجترحوا التاريخ وصنعه، أولئك الذين تغلّبوا على الليل، ثم رحلوا، تاركين أرواحهم للنهرالجاري، الذي سيشرب منه الصغار.  لقد رحلوا، لكننا نستطيع أن نستعير حياتهم، لنعيد إلى التاريخ،رغم تكراره، فذاذته العجيبة، واختراق العبقرية، لعلنا،ونحن ننام بجانب نُدوبِنا نحسّ بأننا أكثر جمالاً مما نرى في المرايا والوجوه.
ما كانت حكايتنا موجودة لولاهم.
وعندما أتحدث عنهم أشعر أن صوتي مليءٌ بالتآلف والاطمئنان، فمِن آثارهم يجيء هذا الانتماء والعمق والثقة بالغد، رغم كل ما يخنقنا من لغط واستباحة واجتراء.
وعندما أتحدث عنهم، أكاد أقول إنني القوة التامّة والمُعافاة، التي تهبط من السماء، لتجعل الأرض رائعة.. تلك الكرة المليئة بالوحول والدم.  وأحس بأنني أمتلك الكوكب بين أصابعي فأشعله بإبداع هؤلاء، أو بدمع أوراقهم الناشف الخشن.
وقد قالوا:  الذين نحميهم يدلّون على شخصيتنا!
فماذا نريد أعلى وأنبل من هذه البوصلة المُعجزة،التي نتشرف بإشارتها إلينا، أو إشارتنا إليها، لجعل الذين أصابهم النسيان المُبكّر أو الكراهية أو الإحباط أو الكآبة، يتذكّرون، ويثوبون إلى رشدهم.
اليوم؛ينتصب سميح القاسم،بكامل زينته يقود قافلة الخالدين.
وعزاؤنا يا صديقي الكبير أننا نحبك.