خارطة المستعمرة

حمادة فراعنة
تصريح تضليلي يعكس الجهل، أو التعمد في التهرب من الاستحقاق المطلوب أمريكياً بالاعتراف بحق الشعب العربي الفلسطيني في وطنه الذي لا وطن له غيره: فلسطين.
وزير خارجية الولايات المتحدة ماركو روبيو "يتحجج" بأنه لا يمكن الاعتراف بالدولة الفلسطينية وهي غير محددة الحدود، وليس لديها جغرافيا محددة، وبالتالي يجب أن تتشكل الدولة الفلسطينية نتيجة المفاوضات الفلسطينية الإسرائيلية، أي ما سوف تقبل به المستعمرة الإسرائيلية لخطوط وجغرافية ومساحة الدولة الفلسطينية، هذا طبعاً إذا قبلت واعترفت بحق الفلسطينيين في جزء من خارطة فلسطين، مع أن فلسطين، كامل فلسطين، هي وطن الفلسطينيين وخارطتهم وتراثهم التي احتلت المستعمرة الجزء الأكبر منها عام 1948، وطُرد نصف شعبها منها، وتم تشريدهم إلى لبنان وسوريا والأردن، وقليلاً إلى العراق ومصر، والجزء الآخر المتبقي من فلسطين تم احتلاله عام 1967.
منظمة التجرير الفلسطينية عبر مجلسها الوطني أقرت عام 1988 بالدولة الفلسطينية على الجزء المحتل عام 1967، أي الضفة الفلسطينية والقدس وقطاع غزة، وتلا ذلك سلسلة قرارات القمم العربية، والإسلامية ودول العالم، وتوج بالقرار الصادر عام 2012، بالاعتراف بفلسطين دولة على حدود عام 1967، من قبل الأمم المتحدة وقبولها دولة مراقبة، وطلبها مازال معلقاً لدى مجلس الأمن لقبولها دولة بعضوية عاملة، ولكن الفيتو الأمريكي يحول دون موافقة مجلس الأمن على قبولها.
كما أن حركة "حماس" أقرت برنامجاً مماثلاً نحو الدولة الفلسطينية في الضفة والقدس والقطاع، وتم ذلك في الأول من أيار 2017 ، وأعلنت ذلك في الدوحة قطر، وكان ذلك بمثابة الوثيقة الثانية لحركة "حماس" بعد وثيقتها التأسيسية الأولى عام 1988.
وزير خارجية الدولة الأمريكية الراعية، الداعمة، المساندة للمستعمرة الإسرائيلية، عسكرياً، مالياً، اقتصادياً، استخبارياً، تكنولوجياً، هل يمكن له تحديد حدود وخارطة وجغرافية المستعمرة؟ هل هي حدود قرار التقسيم الصادر عام 1947؟ هل هي حدود الاحتلال عام 1948؟ هل هي حدود الاحتلال عام 1967؟ هل الجولان السوري جزء منها، كما اعترف رئيسه ترمب بذلك؟ هل الجزء المحتل من جنوب لبنان جزء منها؟
لا توجد حدود للمستعمرة الإسرائيلية، ولا توجد جغرافية محددة لها، بل إن قادة المستعمرة يقولون إن حدود مستعمرتهم هي الحدود التي تصلها "بساطير جيش" المستعمرة!
فعلاً تبجُّح، أو تجاهُل، أو ادعاء متعمد بعدم المعرفة، من قبل وزير خارجية واشنطن، خاصة أن أصدقاء الولايات المتحدة، الذين سبق أن صنعوا المستعمرة وساعدوها: بريطانيا بقراراتها، وفرنسا بأسلحتها التقليدية والنووية، وألمانيا بتعويضاتها المالية ودفع المهاجرين الأجانب الأوروبيين للانتقال والهجرة إلى فلسطين، هذه الدول وغيرها تُقر بحل الدولتين، ولديها الاستعداد والرغبة والتوجه للاعتراف بالدولة الفلسطينية على أرض فلسطين وخارطتها وجغرافيتها، في الضفة والقدس والقطاع.
كأردنيين ومصريين، وكعرب ومسلمين ومسيحيين في كافة البلدان، علينا واجب وطني وقومي وديني وإنساني، أن نكون مع فلسطين، ومع شعبها، ومنع تشريده إلى خارج وطنه، فالأردن للأردنيين، وللأردنيين فقط، كما هي مصر للمصريين وسوريا للسوريين، وأوروبا للأوروبيين، وأمريكيا للأمريكيين، وفلسطين للفلسطينيين.
على الأمريكيين أن يدركوا، أن يفهموا، أن إرادة الشعوب وحقها في بلادها حق مشروع لن يتزعزع، مهما تسلطت وتغولت وتطرفت قوى الاستعمار، وهذا ما حصل للأمريكيين في فيتنام، وروسيا في أفغانستان، وفرنسا في الجزائر، وبريطانيا في مستعمراتها، وهذا ما سوف يكون ويحصل ويتحقق في فلسطين