صدمة طهران

بهاء رحال
ضربة متوقعة أصابت أهدافها بدقة متناهية، فكان من غير المتوقع هذا الضعف والهشاشة اللذين ظهر عليهما النظام الإيراني، الذي لم يستعد أو غفل توقيت الهجمات، أو لم يتحضر لصدّ هكذا هجوم كان متوقعًا، فنام القادة في بيوتهم، وجاءت الصواريخ تصطادهم واحدًا تلو الآخر على فراشهم وفي غرف نومهم. فلم يكن الدفاع الإيراني، كدولة تتحضر لامتلاك السلاح النووي، بمستوى المتوقع من الهجمات، بل صمتت المضادات والدفاعات الأرضية والجوية، وغابت طيلة الساعات التي نفّذ فيها سلاح الجو الإسرائيلي هجماته، فأصابت أهدافها بدقة، وعادت إلى قواعدها سالمة من دون خسائر.
ضربة دقيقة أظهرت قوة الاستخبارات الإسرائيلية، والمعلومات الرئيسية التي بحوزتها، وحالة الاختراق الكبير الذي كشفت عنه عمليات القصف الدقيقة، وهذا يعني قوة معلوماتية ميدانية وتكنولوجية متفوقة بدرجة هائلة، ورصدًا حثيثًا عن قرب. كما ظهرت المنظومة الأمنية والعسكرية الإيرانية بشكل لا تُحسد عليه، من الضعف والهشاشة، والفشل الاستخباراتي الرهيب، وعدم القدرة على المحافظة على العقول البشرية، العلماء والمختصين، والقيادات العسكرية والأمنية، والمفاعل النووي، وسيادة الأجواء والأراضي الإيرانية التي اخترقتها الطائرات، ونفّذت الهجوم على المواقع المستهدفة بدقة عالية، ولم تتعرض لها الدفاعات الجوية والأرضية.
ضربة أرادها نتنياهو ليحقق بها المزيد من الهيمنة الاستعراضية التي يتباهى بها، ليس فقط في المنطقة والعالم، بل أمام خصومه في داخل الكيان الذين كانوا يستعدون لقانون حجب الثقة عن حكومة نتنياهو، والإعلان عن الانتخابات المبكرة، فجاءت الضربة كي تعزز من مكانته في داخل الكيان، وليُبقي على فتيل الحرب مشتعلًا في المنطقة برمتها، وهذا سيمنحه البقاء في منصبه كمدافع دائم عن الكيان.
بحذر، تراقب المنطقة الرد الإيراني الموعود، وتصاعد الحرب في المنطقة، ومدى اتساع رقعة المواجهة بين إيران وإسرائيل، في ظل استمرار حرب الإبادة والتجويع في غزة، الأمر الذي يضع المنطقة برمتها على فوهة غليان لا أحد يعلم حجم انفجاره، وتأثيره المباشر على القضية الفلسطينية التي تتعرض لعمليات الطمس والإبادة، وتبدو أنها الخاسر الأكبر من جراء ما حدث ويحدث.