جرائم المستعمرة

حمادة فراعنة
هل من كلمة يمكنها إيجاز وصف مقارفات المستعمرة، وما تفعله من تجاوزات ومحرمات، من قتل مقصود للمدنيين، وتدمير ممنهج للمؤسسات الصحية والعلاجية من مستشفيات، وقصفها بكل وقاحة، وللمدارس، ودور العبادة من مساجد وكنائس ومسحها عن الأرض، ومساكن الناس حتى خيامهم القماشية لا تسلم من أذى القصف والدمار وحصيلته وأد الحياة، والعمل على إلغاء وبقاء الفلسطينيين على أرض وطنهم.
وها هي تعتدي على سفينة "مادلين" المبحرة من إيطاليا وعليها من المتضامنين الأجانب، نحو غزة لكسر الحصار، وتقديم نموذج إنساني من ذوات متطوعة متعددة الجنسيات، فيتم الاستيلاء عليها من المياه الدولية، قبل وصولها إلى المياه الإقليمية الفلسطينية ويتم جرها إلى ميناء إسدود، ومنعها من مواصلة طريقها إلى غزة، بعد اعتقال روادها من جنسيات مختلفة، والمس بهم، لأنهم يتضامنون إنسانياً مع فلسطين وشعبها في قطاع غزة.
المستعمرة ترتكب الجرائم، بكل أنواعها وأشكالها، حتى استفزت الحلفاء الأوروبيين الذين صنعوها، ودعموها، وتبنوا مشروعها الصهيوني الاستعماري التوسعي، على حساب شعب فلسطين وأرضه وحقوقه وكرامته، قبل أن تتبناها الولايات المتحدة التي وفرت لها الحماية، وها هي تتخذ قرار الفيتو للمرة السابعة في مجلس الأمن منذ اجتياح أكتوبر 2023، بهدف حمايتها من المساءلة القانونية الدولية.
المستعمرة ترتكب الموبقات الجرمية، ولا تخاف ولا تسأل، لا تحتاط، ولا تتردد، لأنها محمية من واشنطن أولاً، ومن العواصم الأوروبية ثانياً، التي ما زالت تخشى المس بها ومعاقبتها على ما تفعله من جرائم وموبقات وقتل: عينك عينك.
سبق ليهود أوروبا أن تعرضوا للأذى من قبل القياصرة والنازيين والفاشيين، وكان عليهم أن يستفيدوا ويتعلموا ويتحاشوا فعل ما فعلته بهم الأنظمة الأوروبية، ولا يفعلون بالشعب العربي الفلسطيني، ما فعلته بهم الأنظمة العنصرية الفاشية: روسيا القيصرية، ألمانيا النازية، إيطاليا الفاشية.
مؤتمر نيويورك الدولي من قبل المبادرة المشتركة الفرنسية السعودية، ومؤتمر باريس الذي دعا له الشريكان إيهود أولمرت وناصر القدوة، يجب أن لا تقتصر دعواتهما لإقرار حق الفلسطينيين بالدولة والاستقلال، وهذا توجه مفيد ومهم، ولكن يجب أن توجه الإدانة لأفعال المستعمرة الإجرامية، بكل وضوح، لتعرية مشروع المستعمرة الأحادي التوسعي العنصري، والدعوة لعزله وسحب الشرعية منه وعنه.
تتوهم المستعمرة أنها أحبطت مسيرة سفينة "مادلين" بمنعها من مواصلة رحلتها إلى بحر غزة، واعتقال روادها، لأنها قطعت شوطاً كبيراً في هدفها وقفزها السياسي المعنوي، وهي خطوة على الطريق، وها هي مسيرة "تونس" التونسية الجزائرية المغاربية الليبية، تواصل زحفها نحو حدود فلسطين، والشيء المؤكد أنها لن تتمكن من دخول فلسطين، ولكنها ستبرز مدى الانحياز والتعاطف مع قضية الشعب الفلسطيني، وتوجه الإدانه للمستعمرة وسلكوها، وللمطبعين معها، أنهم لم يتمكنوا من زحزحة المستعمرة عن برنامجها الاستعماري.
ما بعد أكتوبر 2023، لن يكون كما قبله، فالنضال والتضحيات ومراكمة الفعل من قبل الفلسطينيين، في مواجهة جرائم وأفعال الإسرائيليين، انعكس على وعي شعوب العالم، وخاصة أوروبا وأميركا، إضافة إلى زيادة الوعي والفهم العربي والإسلامي والمسيحي، ولذلك ستكون المعطيات مختلفة عما هي بعد أكتوبر، مقارنة بما كان قبل أكتوبر 2023.
.............
ما بعد أكتوبر 2023، لن يكون كما قبله، فالنضال والتضحيات ومراكمة الفعل من قبل الفلسطينيين، في مواجهة جرائم وأفعال الإسرائيليين، انعكس على وعي شعوب العالم، وخاصة أوروبا وأميركا.