إسرائيل تدق مسماراً قاتلاً فى نعش "الأونروا"
سامي مشعشع
القرار الإسرائيلي الأخير بنية طرد الأونروا من مقرها الحيوي فى حي الشيخ جراح في القدس المحتلة، وبناء بؤرة استيطانية هو، وبدون مبالغة، طعنة نجلاء للاجئين الفلسطينين سياسياً وخدماتياً والطلقة الأولى نحو طرد الوكالة من القدس، ومن مخيم شعفاط، وباقى مقرات الأونروا فى المدينة، بما في ذلك مقرها الطبي المهم داخل أسوار البلدة القديمة.
دائرة أراضي دولة الاحتلال تدعي أن ٣٦ دونماً مقامه عليها مقرات الأونروا فى القدس، والتي تشمل ٧ دونمات، هي مساحة المقر الرسمي للمفوض العام والمقر العملياتي لإقليم الضفة الغربية للأونروا، تدعي أن هذه الأراضي صادرها الاحتلال فى العام ٢٠٠٦. تجدر الإشارة إلى أن الأراضي المقامة عليها مقرات ومنشآت الأونروا فى القدس أعطيت لها بصفة مستأجر من قبل الحكومة الأردنية مع إنشاء الأونروا في العام ١٩٥٠. ادعاء دولة الاحتلال أن هذه الأراضي هي ملك لدائرة "أراضي إسرائيل" هو ادعاء باطل بحكم أنها جزء من أراض محتلة. ورشّاً للملح على الجرح، تطالب دائرة "أراضي إسرائيل" الأونروا بدفع غرامات بعشرات ملايين الشواكل لانتهاكها شروط الاستئجار، وبناء منشآت في مقراتها بدون تراخيص!
هذه الخطوة تسبق الخطوة الأخطر، حال انتهاء عطلة الكنيست فى الثامن والعشرين من الشهر الجاري، حيث من المتوقع أن يصوّت أعضاء الائتلاف الحكومي والمعارضة بالقراءة الثانية والثالثة على قرارين بإعلان الأونروا منظمة إرهابية وإلغاء اتفاقية المقر (اتفاقية كوماي- مكليمور للعام ١٩٦٧)، بين الأونروا وأسرائيل والذي أعطى الأونروا الحصانات والامتيازات الديبلوماسية، والحق فى التواجد وتقديم الخدمات.
هذه الخطوات ستتبعها خطوات وإجراءات سريعة لتقييد عمل الأونروا في مناطق (ب) ومناطق (ج)، حيث يتواجد معظم اللاجئين والمخيمات ومنشآت الأونروا. وسبق ذلك إنهاء تواجد الأونروا شمال غزة، وتقييد عملها، ومنع المساعدات من الدخول لجنوب ووسط غزة الا بالقطارة. هذا بالإضافة للجهود التي لا تكل ولا تمل لشيطنة الأونروا، وتحجيم المساعدات المالية لها، والعمل التدريجي لتحويلها إلى مؤسسة تسعى لتوطين اللاجئين في سوريا ولبنان والأردن أو في أية دولة أخرى.
إنها بداية النهاية لحق العودة، والذين يعتقدون أن القانون الدولي والاتفاقيات الدولية والأمم المتحدة وجمعيتها العمومية ومجلس أمنها سيلجم إسرائيل ويردعها هو مخطئ، ويعيش فى عالم الأحلام. إنها شريعة الغاب. إبادة شاملة وبالبث المباشر لم تحرك العالم لردعهم، وبالتالي، لا دعواتنا عليهم، ولا ضرب الكف بالكف، ولا الإدانة الجوفاء، والقلق الكاذب ولا انزعاج الأمين العام، ولا غضب جامعة الدول العربية وبيانات الاستنكار ذات جدوى، ولعلها ستكون مهينة للاجئين وبالتالي، سكوتهم وصمتهم سيكون أفضل كثيراً.
ويبقى السؤال الماثل أمامنا نحن معشر فلسطين: هل فعلاً حق العودة مقدس؟!