"المنطقة على صفيح ساخن".. جمرُ حربٍ شاملةٍ يومض من تحت رماد حرب الإبادة
فراس ياغي: إذا انفجرت الأوضاع ككل فلن تستطيع لا أمريكا ولا إسرائيل فرض إرادتها على المنطقة
سامر عنبتاوي: عمليات الاغتيال جاءت بعد حصول نتنياهو على دعم أميركي ضد "الأعداء"
أليف صباغ: تنسيق محتمل بين إسرائيل وأمريكا ومحاولة لزرع الفتنة بين المقاومة وطهران
سري سمور: محور المقاومة أمام اختبار كبير لاتخاذ خطوات رادعة، وإلا فإن إسرائيل قد تتجرأ أكثر
لم تكن الحرب الشاملة أو الإقليمية خياراً متوقعاً وممكناً منذ عشرة أشهر كما هي الآن، في ظل التصعيد الإسرائيلي غير المسبوق الذي وصل ذروته في عملية الاغتيال التي نفذتها دولة الاحتلال في قلب العاصمة الإيرانية طهران بحق ضيفها رئيس المكتب السياسي لحركة حماس إسماعيل هنية، ما أدى إلى استشهاده وأحد مرافقيه، وذلك بعد ساعات معدودة على هجوم شنه سلاح الجو الإسرائيلي على الضاحية الجنوبية لبيروت معقل حزب الله، مستهدفاً القيادي الكبير في الحزب فؤاد شكر.
الاحداث التي تشهدها المنطقة أخذت بالتدحرج بشكل دراماتيكي، بدءاً بـ" مسرحية مجدل شمس" سيئة الإخراج، فادحة الخسائر التي تشير كل التوقعات إلى أن دولة الاحتلال الإسرائيلي هي التي نفذتها، بقصف ملعب لكرة القدم، ما أوقع عشرات الشهداء والجرحى من الفتية والأطفال السوريين في الجولان المحتل، حيث سارعت إسرائيل إلى اتهام حزب الله بالمسؤولية عن الهجوم، ومنحت لنفسها الحق بالثأر لدماء العرب السوريين من حزب الله الذي أكد بما لا يدع مجالاً للشك أنه لا علاقة له بالحادثة.
وبعد يومين من ارتكاب الجريمة بادرت إسرائيل إلى استهداف الضاحية الجنوبية لبيروت بثلاثة صواريخ مستهدفة مبنى سكنياً يقع بجوار مستشفى كبير، وذلك للمرة الثانية خلال حرب الإبادة على غزة بعد اغتيال الشيخ صالح العاروري، نائب رئيس المكتب السياسي لحركة حماس، ليعلَن صباح أمس الأربعاء اغتيال رئيس المكتب السياسي إسماعيل هنية في مقر إقامته في طهران.
كُتاب ومحللون سياسيون توقعوا، في أحاديث منفصلة مع "القدس" دوت كوم، أن تشهد المنطقة تصعيدًا قد يصل إلى حرب شاملة، بناءً على ردود الفعل المتوقعة من إيران وحلفائها. وقالوا إن ما يجري من اغتيالات واستهدفات يشير إلى محاولة إسرائيلية لتأكيد قدرتها على تنفيذ عمليات معقدة وتوجيه رسائل قوية في المنطقة.
ولفت الكتاب والمحللون إلى أن السيناريوهات المستقبلية تعتمد على طبيعة ردود الفعل على هذه الاغتيالات، حيث يُحتمل أن تسهم هذه الأحداث في تغييرات جذرية في السياسة الإقليمية، مع احتمال تدخل القوى الكبرى، مثل الولايات المتحدة، لدعم إسرائيل وحماية مصالحها الاستراتيجية في المنطقة.
تصعيد كبير متوقع قد يصل حد الحرب الشاملة
الكاتب والمحلل السياسي فراس ياغي قال إن اغتيال إسماعيل هنية بمثابة إشارة واضحة على أن إيران وحرسها الثوري غير قادرين على حماية أي من القادة السياسيين، حتى في قلب طهران، وهذا يحرجها لإنها غير قادرة على حماية سيادتها.
ووصف ياغي اغتيال هنية بأنه جزء من استراتيجية تهدف إلى إحراج إيران، ولفت الانتباه إلى قدرة إسرائيل على الوصول إلى أهدافها داخل الأراضي الإيرانية.
وقال ياغي أن السيناريوهات المستقبلية تعتمد على طبيعة ردود الفعل على هذه الاغتيالات بين إسرائيل وإيران ومحورها. وتوقع أن تؤدي الأحداث الحالية إلى تصعيد كبير يصل حد الحرب الشاملة في المنطقة.
واستشهد ياغي بموقف روسيا التي ترى أن الشرق الأوسط على وشك خوض حرب واسعة بسبب الجمود في قطاع غزة، وعدم ممارسة الإدارة الأمريكية الضغط الكافي على إسرائيل لوقف التصعيد.
وأضاف ياغي: "إن الاغتيالات ليست جديدة ودائماً تمارسها إسرائيل، وهي لن تؤدي إلى تدمير أي حزب بل تدرك أنها تقود إلى ردات فعل تعتقد إسرائيل أنها تستطيع امتصاصها، ولكن هذه المرة الأمور مختلفة كلياً".
ووفق ياغي، فإن إسرائيل تحاول أن تحقق هدفين من هذه الاغتيالات، وهما: تجنب الدخول في الحرب الشاملة عبر امتصاص ردة الفعل إذا كانت غير مؤثرة، وبالتالي تكون قد حققت الهدف أمام الجمهور الإسرائيلي بأنها تستطيع الانتقام من حزب الله وحركة حماس ومعهما إيران.
قدرة على تنفيذ عمليات معقدة تتجاوز الحدود
ولفت ياغي إلى أن اغتيالات قادة مثل فؤاد شكر وإسماعيل هنية، إلى جانب الهجمات على بغداد خلال عشر ساعات، تعكس رسالة واضحة من إسرائيل، بالتنسيق مع الولايات المتحدة، بأنها مستعدة للحرب وأنها قادرة على تنفيذ عمليات معقدة تتجاوز الحدود.
وأكد ياغي أن الولايات المتحدة نجحت في مناورتها بإقناع إيران ومحورها بأنها لا تشجع التصعيد بل تعمل على كبحه، لكن ما حدث من اغتيالات يؤكد العكس، بل إنه يوجد تنسيق بين إسرائيل وأمريكا، حيث أعلن وزير الدفاع الأمريكي لويد أوستن أن أمريكا سوف تدافع وتحمي إسرائيل، رغم أن المبادر في الاعتداء كانت دولة إسرائيل.
أيام حاسمة لتحديد مستقبل المنطقة
ووفق ياغي، فإن طبيعة الرد على الاغتيالات والرد الإسرائيلي سيحددان شكل المرحلة المقبلة، مع احتمال أن تشهد المنطقة تغييرات جذرية قد تؤدي إلى دمار، وربما إلى هدوء، والأيام القادمة ستكون حاسمة في تحديد المستقبل السياسي والعسكري للمنطقة، لكن المشهد سيكون ليس كما قبل السابع من أكتوبر، بل وفق المعطيات يبدو أن تغيرات جيوسياسية ستحدث.
ويرى ياغي أن الوضع الحالي يفتح المجال لقواعد اشتباك جديدة، وربما يؤدي إلى تغيير موازين القوى في المنطقة، وكل شيء سيعتمد على الفعل في الميدان.
وعبر عن اعتقاده أن هناك مخططات استراتيجية أمريكية تهدف إلى تحقيق تغييرات كبيرة في المنطقة، وفق رؤية رئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتنياهو، تتجاوز السيطرة على قطاع غزة، وتهدف إلى تأمين إسرائيل لقرن قادم عبر إضعاف القوى التي تهددها.
وأشار ياغي إلى أن إسرائيل تسعى إلى إخماد التهديدات التي تشكلها إيران، بدعم من أمريكا والناتو، لتكون المنطقة ليس كما كانت قبل السابع من أكتوبر، وكذلك إحباط محاولات النفوذ الصيني والروسي على المنطقة، وحماية المصالح الأميركية.
إسرائيل لا تخطو خطوة دون التنسيق مع أمريكا
وقال: "إن إسرائيل لا تخطو أي خطوة دون التنسيق مع الإدارة الأمريكية بهذا الخصوص، وهو ما لمسناه من تصريحات المسؤولين الأميركيين حول حماية إسرائيل ودعمها، ومن الواضح عدم وجود صفقة إلا وفقاً للمقاييس الإسرائيلية والأمريكية، وأساسها استسلام حماس، وفرض تحديث أمني يمنع اي تهديد قد تتعرض له إسرائيل، كما أن أمريكا تريد إرسال رسالة بأنها هي صاحبة القرار في المنطقة، وأنها لن تسمح بهزيمة إسرائيل، وأن وجود حركات مقاومة يهدد مصالحها، لذلك تعمل على إضعاف محور المقاومة (إيران) لفرض معطيات، أهمها أن هذه منطقة نفوذ أمريكية ولا يسمح بتجاوزها من قبل الأطراف الدولية الأخرى مثل روسيا والصين".
وخلص ياغي إلى القول: "هناك حسابات خاطئة ستدفع ثمنها شعوب المنطقة، ولكن إذا ما انفجرت المنطقة ككل، فلن تستطيع لا أمريكا ولا إسرائيل فرض إرادتها على المنطقة، بل كل الجغرافيا السياسية ستتغير، ولن تكون في الصالح الأمريكي".
نتنياهو يحاول الهروب إلى الأمام
من جانبه، قال الكاتب والمحلل السياسي سامر عنبتاوي إن توقيت اغتيال إسماعيل هنية، يأتي بعد زيارة رئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتنياهو إلى الولايات المتحدة، حيث منح من الكونغرس والدولة الاميركية العميقة، الدعم لقرار التصعيد ضد من يسميهم أعداء إسرائيل وأمريكا، باعتباره المدافع عن مصالح الولايات المتحدة في المنطقة.
وأشار عنبتاوي إلى أن هذا التصعيد يأتي في ظل استغلال نتنياهو ضعف الرئيس الأمريكي جو بايدن والإقبال على الانتخابات الأميركية، فضلاً عن إجازة الكنيست الصيفية، التي أتاحت له العمل بشكل منفرد وفتح كافة الجبهات.
ويرى عنبتاوي أن هدف نتنياهو من هذا التصعيد هو الهروب إلى الأمام، واستخدام دعم الولايات المتحدة كمخرج محتمل لأزمته الداخلية.
رسالة تصعيد موجهة إلى إيران
وقال عنبتاوي: "يتضح أن اغتيال هنية في طهران يحمل رسالة ضمنية تشير إلى التصعيد ضد إيران"، لافتاً إلى أن سياسة الاغتيالات التي ينتهجها الاحتلال الإسرائيلي تُعد قديمة وجديدة في آن واحد، وهي الأسهل بالنسبة له لأنه لا يمتلك بدائل.
وأشار إلى أن الاحتلال يعتقد أن هذه السياسة قد تهز الفصائل وتضرب معنويات الشعب الفلسطيني، ولكن التجارب السابقة أثبتت فشلها، إذ زادت تلك الفصائل قوة بعد اغتيال قادتها.
و أكد عنبتاوي أن محور المقاومة، الذي توحد بعد معركة طوفان الأقصى، في السابع من أكتوبر/ تشرين الأول الماضي، لن يقف صامتاً أمام الهجمات الإسرائيلية.
ولفت إلى أنه ونتيجة لهذا التصعيد قد تتطور الأمور إلى حرب شاملة، حيث يعتقد نتنياهو أنه قادر على إشعال الحرب، ولكن من المهم التأكيد أنه ليس بإمكانه إيقافها، وأشار إلى احتمال دخول الولايات المتحدة كطرف عسكري مباشر للدفاع عن إسرائيل.
ولفت عنبتاوي إلى أنه رغم أن الحرب الإقليمية غير مرغوبة من قبل معظم الأطراف، إلا أن عقلية الاحتلال الإسرائيلي التي لا تستند إلى المنطق تستمر في التصعيد.
وقال: "لا يعتمد نتنياهو وحلفاؤه في الحكومة على المنطق القائل بأن الحرب ستؤدي إلى دمار كبير، بل يستندون إلى العقيدة التلمودية التي توجه سياساتهم".
وحدة الصف الفلسطيني
ولفت عنبتاوي إلى أن التصعيد الإسرائيلي الحالي يثبت وجود حرب شاملة على الشعب الفلسطيني، مشددا على أهمية تحقيق الوحدة الوطنية الفلسطينية ونبذ كل أدوات الانقسام، وذلك عبر وضع برنامج سياسي موحد وتعزيز الشراكة السياسية.
وأكد عنبتاوي أن وحدة الصف الفلسطيني ستكون ضرورية لمواجهة التحديات الكبيرة التي تواجه القضية الفلسطينية في الوقت الراهن.
وشدد على أن التماسك الوطني سيمكن الفلسطينيين من تقديم رسالة موحدة ومطالب واضحة أمام العالم، ما يعزز موقفهم في الساحة الدولية ويعزز من قدرتهم على الدفاع عن حقوقهم.
خطة استراتيجية واسعة النطاق
أما الكاتب والمختص بالشأن الإسرائيلي أليف صباغ، فأشار إلى وجود تنسيق محتمل بين إسرائيل والولايات المتحدة حول الاغتيالات التي تمت.
ويرى صباغ أن العمليات الأخيرة، بما في ذلك عملية الاغتيال في طهران، قد تكون جزءًا من خطة استراتيجية واسعة النطاق تم الاتفاق عليها خلال زيارة رئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتنياهو الأخيرة إلى واشنطن.
ووفق صباغ، فإن الدلائل تشير إلى أن الولايات المتحدة قد لعبت دورًا في تحفيز إسرائيل على تنفيذ عمليات عسكرية محدودة، بينما أعطت طمأنة للقيادات اللبنانية بأن الهجمات لن تستهدف بيروت.
وقال صباغ: إن الولايات المتحدة خدعت القيادات اللبنانية بتطمينهم، ثم صرحت علنًا بأنها ستدعم إسرائيل عسكريًا في حال رد حزب الله.
وأشار إلى أن عملية اغتيال إسماعيل هنية في طهران، تاتي في محاولة لزرع الفتنة بين المقاومة الفلسطينية وإيران، وترويجًا لرسالة مفادها بأن إيران غير قادرة على حماية أحد وحتى قياداتها حتى داخل طهران، وما عليكم إلا القبول بالهيمنة الإسرائيلية.
تفكيك وحدة الساحات
وقال صباغ: "إن المحاولات الإسرائيلية الأمريكية لنزع ثقة الجمهور الفلسطيني بإيران وتفكيك وحدة الساحات هو هدف استراتيجي يسعون إليه منذ سنوات وبالذات منذ شن حرب الإبادة على غزة".
ولفت صباغ إلى أن السيناريوهات المحتملة تتنوع وقد تكون متناقضة، منها احتمال أن تكون إسرائيل قد بدأت حربًا على محور المقاومة دون إعلان رسمي، وقد ترد المقاومة بشكل محدود أو واسع.
وأضاف صباغ: "هناك عملية عسكرية إسرائيلية كبيرة في اليمن، وأخرى في لبنان وثالثة في إيران، ورابعة قامت بها أمريكا في العراق، وسبق ذلك عملية اغتيال في غزة، وإذا رد محور المقاومة بالمثل ستكون حربة إقليمية بلا شك، وإن أرادت المقاومة الرد بشكل محدود، فهذا لا يرضي جمهور المقاومة، ويخلق حالة من الإحباط وعدم الثقة بإيران وقيادات محور المقاومة عامة، وهذا ما تتمناه إسرائيل وامريكا".
التمهيد لتمرير التحالف الإبراهيمي
ويرى صباغ أن هذه الأحداث قد تمهد الطريق لتمرير التحالف الإبراهيمي وتطبيع العلاقات بين إسرائيل والسعودية، وهو هدف يسعى إليه كل من الإدارة الأمريكية الحالية ونتنياهو، وقد يتطلب ذلك تقديم بعض الفتات إلى حماس لقبولها بشروط الصفقة، وتعمل مصر وقطر على إقناع حماس بها، وربما يكون هذا السيناريو هو ما اتفق عليه في واشنطن.
وقال صباغ: "إن أمريكا والحزب الديموقراطي، بحاجة إلى هذ الصفقة عشية الانتخابات، وتحتاج إلى إنجاز استراتيجي بالتطبيع بين إسرائيل والسعودية، وإلى إنشاء التحالف الإبراهيمي، وهذا يساعد جو بايدن وكامالا هاريس في الانتخابات، وكذلك نتنياهو يريد هذا التحالف، لكنه يريد تحالف التطبيع أن يفرض على العرب بالقوة، وهو ما يرضي حلفاءه في الحكومة ويضعف معارضيه في الداخل الإسرائيلي".
وأضاف: إن تلك المؤشرات قد تساهم في تعزيز شعبية نتنياهو وتقليص تأثير خصومه السياسيين، لأن كل ما يفعله هؤلاء الخصوم تأييدهم المعلن لعمليات الاغتيال.
وأشار صباغ إلى تصريح غانتس مباشرة بعد عملية الاغتيال في لبنان بأنه "يأمل أن يكون الاغتيال جزءاً من خطة شاملة تتبعها أعمال أخرى"، وهذا التأييد والرؤية تخدم نتنياهو ولا تخدم المعارضة.
دلالات سياسية وأمنية عميقة
بدوره، قال الكاتب والمحلل السياسي سري سمور إن كل القادة أينما كانوا عرضة للاغتيال، لكن اغتيال رئيس المكتب السياسي لحركة حماس إسماعيل هنية، في قلب العاصمة الإيرانية طهران يحمل دلالات سياسية وأمنية عميقة.
ووفق سمور، يُعد المكان الذي وقع فيه الاغتيال، وهو العاصمة الإيرانية، الأكثر حساسية، حيث يمثل انتهاكاً للسيادة الإيرانية، خاصة وأن هنية كان ضيفاً في احتفال تنصيب الرئيس الإيراني الجديد، وهذا الحادث يضع إيران في موقف محرج ويشكل تحدياً كبيراً لها، حيث يُنظر إليه كاعتداء على السيادة الإيرانية.
وأشار سمور إلى أن عملية اغتيال هنية جاءت في وقت حساس بعد استهداف القيادي في حزب الله اللبناني، فؤاد شكر، واستهداف مواقع في العراق والحديدة في اليمن، ما يشير إلى استهداف محور حركات المقاومة وحلفاء إيران.
نتنياهو يوجه رسالتين
وقال سمور إن إسرائيل قد تكون تسعى من خلال هذه العمليات إلى إرسال رسائل متعددة، منها تأكيد قدرتها على الوصول إلى أي مكان وإظهار قدرتها على تنفيذ عمليات ضد الأهداف الكبيرة وفي أي مكان وأن يدها طائلة، وكذلك توجيه رسالة للمجتمع الإسرائيلي "بأننا اغتلنا رئيس حركة حماس التي نفذت الهجوم في 7 أكتوبر".
وأشار سمور إلى أن الاغتيالات تُعد جزءاً من العقيدة الإسرائيلية، حيث قامت بتنفيذ عمليات مشابهة في السابق.
ووفق سمور، فإن رمزية اغتيال شخص مثل هنية له أهمية لدى إسرائيل، إذ إن له مكانة خاصة وهو "دينامو" حركة حماس، ويعتبر من أبرز قادتها وله دور كبير في العمل النقابي والدعوي والأكاديمي والعسكري والسياسي والبرلماني والحكومي، وله حضور شعبي لافت محلياً أو عربياً أو لدى الدول الإسلامية، وهو ما يعكس عمق الاستهداف الإسرائيلي.
سيناريوهات الردود المحتملة
وفي ما يتعلق بالرد المحتمل، أوضح سمور أن هناك عدة سيناريوهات يمكن أن تحدث، بما في ذلك ردود فعل محدودة، أو توسيع مدى الصواريخ من قبل حلفاء المقاومة دون الذهاب إلى حرب شاملة، أو ربما يكون هناك تدخل إيراني يستهدف منشآت حسّاسة، أو رد قوي من حزب الله ضد إسرائيل، ما قد يقود إلى حرب إقليمية شاملة، كما قد تدخل دول كبرى وازنة في الحرب، ما قد يؤدي إلى تصعيد كبير، وكل الاحتمالات واردة، بينما يتوقع سمور أن تتدخل الولايات المتحدة لدعم وحماية إسرائيل.
وأشار سمور إلى أن حزب الله، الذي سبق أن هدد بالرد على إسرائيل، قد يلجأ إلى استهداف مناطق أوسع أو منشآت حساسة، وقد يتجه إلى عمليات نوعية تقود نحو التصعيد الأكبر أو الحرب الشاملة، واستهداف فؤاد شكر يضعه أمام مسؤولياته، وربما قد نشهد رداً نوعياً خلال الساعات والأيام القليلة المقبلة، وربما استهداف منشآت أو حرق السفن الإسرائيلية، حيث يشعر حزب الله أنه مستهدف، لذا فإن الرد غير مستبعد أن يكون نوعياً، وربما تتدحرج الأمور إلى تصعيد أكبر أو حرب شاملة.
وأكد سمور أن الاستهدافات الإسرائيلية تضع محور المقاومة أمام اختبار كبير لإعادة حساباته واتخاذ خطوات رادعة، وإلا فإن إسرائيل قد تتجرأ أكثر.